عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

كان من المفترض أن يكون موضوع هذا المقال استمرارا لما كتبته من قبل عن أزمة مياه النيل وسبل الخروج من الأزمة المتواصلة فصولها مع إثيوبيا على خلفية مفاوضات سد النهضة، غير أن حادثا ألمّ بى كان سببا فى تأجيل هذا الأمر بحكم فقدان المادة التى قمت بتجهيزها لكتابة المقال.

يتعلق الحادث بسرقة شنطة الكمبيوتر الخاص بى من السيارة لدى توقفى للحظات لشراء دواء من إحدى الصيدليات بمدينة اكتوبر رغم أن السيارة مغلقة ومحكمة الإغلاق ولا تكاد الشنطة تبدو منها حيث تم وضعها فى قاع دواسة الكرسى الخلفي. صحيح أننى ربما أكون قد اخطأت مرتين.. الأولى بحكم عدم الاحتفاظ بنسخة بديلة لمادة الكمبيوتر، والثانية بعدم حمل حقيبة الكمبيوتر خلال رحلة شراء الدواء، أو وضعها فى الشنطة الخلفية للسيارة. غير أنه سلوك ربما يعبر عن حسن نية فى المجتمع يقوم على تصور بأننا لسنا مجتمعا من اللصوص.

ما استوقفنى على وقع الحادث هو السياق المجتمعى والرسمى الذى ربما يشجع اللص على القيام بجريمته. كان من الغريب بالنسبة لى عندما سألت القائمين على الصيدلية، وهى صيدلية كبرى، عن وجود كاميرات مراقبة أن الإجابة كانت بنعم ولكن فى داخل الصيدلية فقط، أى أنه ما يهم إدارة الصيدلية محيطها الداخلى المتعلق بمحتوياتها فقط. الأمر الثانى هو وجود كاميرا بإحدى العمارات كانت وجهتها موقع سيارتى حيث توقفت، غير أن صاحب الكاميرات تحفظ فى المساعدة ربما للخوف من اقتحام خصوصيته فى منزله وتبعات الكشف عن مقطع الفيديو الذى يصور الحادث، وهو ما يعكس تفكيرا ذاتيا يقوم على أساس منطق «أنا ومن بعدى الطوفان»!

وعلى وقع الحادث تذكرت أن صديقنا فى الوفد الدكتور محمد عادل العجمى تعرض لموقف مماثل فحاولت الاستفادة بتجربته غير أنه أفادنى بأن جهوده ذهبت سدى وبعد شهور من السرقة لم يعد له شىء رغم ما قام به بما فى ذلك من تحرير محضر رسمى بالواقعة.

ولأن الشنطة بها أوراق رسمية عديدة، كان لا بد من قيامى بذات الأمر فتوجهت إلى قسم الشرطة وهناك شعرت بأن الأمر ربما يبدو عاديا للقائمين على الأمر هناك إلى الحد الذى جعلنى أتصور أن هناك حالة استغراب من تقدم شخص ببلاغ عن سرقة كمبيوتر من سيارة بكسر زجاجها – تيقن لى هذا الخاطر لدى محل تركيب الزجاج الذى أكد لى صاحبه أن رزقهم يعتمد على هذه الجريمة، كحال «الحانوتي» الذى يترزق من وفاة الناس!

خرجت من القسم وأنا أجر أذيال الخيبة بسبب عدم حصولى على شىء سوى رقم محضر ربما لن يضر أو ينفع ومن المؤكد أن مصيره سيكون الحفظ والقيد ضد مجهول رغم أن هناك كاميرات تسجل الواقعة وهو أمر تم اثباته فى المحضر، وكان من الممكن التوجيه بتفريغ رسمى للكاميرات حتى ولو كان حادثا صغيرا، حيث علمت أن منطقة الحادث وقعت بها حوادث عديدة لكسر سيارات!

رغم تصورى أن من حقى أن أبث هما شخصيا للقارئ، إلا أننى لا أرى فيما أذكره ذلك، فليس هناك فى الأمر أى شخصنة وإنما هو مجرد مثل على وضع مجتمعى قائم وموجود على أرض الواقع، ويعزز ذلك أن كثيرا من ردود فعل مقربين منى لدى علمهم بالواقعة أكدوا أنها حدثت معهم!! رحت أتخيل اللص وهو فى برجه العاجى ويسخر منى ومن المهمومين بمثل هذه الحوادث ولسان حاله يقول: موتوا بغيظكم فسأواصل سرقتكم لأنكم كلكم فى النهاية تشجعوننى على جريمتى التى تمر فى الغالب دون أن ألقى أى عقاب!

مر على ذهنى ما واجهه شخص أعرفه حين ناله السب والقذف من شخص آخر بينهما معاملات ولان المكالمة كانت مسجلة فقد تقدم ببلاغ لتحرير محضر لرفع دعوى على شاتمه، وقدم اسطوانة بالمكالمة مع صور للهاتف توضح حركة الاتصالات محل البلاغ. كما قدم شاهد على الواقعة إفادته رسميا. وبعد أكثر من ثمانية شهور تم حفظ البلاغ لعدم كفاية الأدلة؟ يخبط صديقى كفا بكف، قائلا: أى أدلة؟ كان سؤاله: هل تتصور أن شخصا كهذا يمكن أن يتريث فى سب الناس خوفا من عقاب يناله؟ لا شك أن الإجابة بالنفي.

كنت طرفا قريبا من واقعة أخرى تعدى فيها شخص على شقة وقام بالاستحواذ عليها بالقوة، وبعد فترة غير قصيرة – 6 شهور– جرى صاحب الشقة فى القسم والنيابة والمحكمة لتنفيذ قرار التمكين انتهى الأمر بشعور المعتدى بأنه حر طليق وربما فكر فى أن يخرج لسانه للطرف الواقع عليه الظلم ويقيم معه فى ذات العمارة، وأنه ربما يمكن له أن يكرر فعلته لأن المجتمع – رسمى وغير رسمى – لا يضع فى اعتباره أن مثل هذا الشخص أو غيره من اللصوص أو الشتامين أو المعتدين على حقوق الآخرين يمكن أن تمتد إليهم يد القانون الذى تطول حبائله، ورغم ذلك يجب أن نتمسك به حتى لا نتحول للعيش فى مجتمع لا يحكمه سوى قانون الغاب القائم على مبدأ: خذ حقك بنفسك!!

[email protected]