رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

الفساد له رائحة تكشفه.. والمفسدون مهما حاولوا التخفى فإن فسادهم يفضحهم.. ولو تمكن كل المفسدين من إخفاء فسادهم بعض الوقت، فلن يتمكنوا من اخفائه كل الوقت.. ومع ذلك لو اجتمعت كل أجهزة الدولة، مهما كانت قوتها، لمنع الفساد ومحاربة المفسدين لن تستطيع بمفردها، ما لم يشارك الشعب فى المواجهة.. وسلاح المشاركة الشعبية هنا هو الوعى العام، وتعد السينما أحد، وأهم مصادره.. صحيح هناك مصادر عديدة ومتعددة للوعى والمعرفة ولكن تبقى السينما بسحرها وجماهيرية مبدعيها وشعبية نجومها هى الأكثر جاذبية.. فإذا كنا جادين فى محاربة الفساد والمفسدين.. لابد من السينما!

والمؤلف « وحيد حامد»، من أهم، وأكثر، كتاب السيناريو فى مصر الذين واجهوا الفساد والمفسدين بشكل واضح وصريح، وبمنهجية وبخطة مدروسة، لا عشوائية فيها، تعكس همومه الصادقة بالظاهرة، وانشغاله الوطنى بمخاطرها.. وبنفس الاصرار والصبر الذى واجه بهما التطرف والإرهاب باعتبارهما الوجه الآخر للفساد، حيث لم يتوان من مواجهة الفساد بفيلم تلو الآخر، وبمعالجات سينمائية بديعة ومبدعة، تتميز بالسهولة والبساطة، وبلا انشائية أو خطابية مملة بل بتشويق وإثارة لا يقلان عن الأفلام التجارية ولكن بطريقة مخلصة لموضوع الفيلم ومضمونه وبشكل يحترم عقلية ووجدان المتفرج!

ومنذ السبعينات، التى شهدت انطلاقته الحقيقية مع مسلسل «أحلام الفتى الطائر» عام 78 مع النجم عادل إمام وحتى الآن، وعلى مدى أكثر من ٤٠ عاماً، لم يتبدل « وحيد حامد» ولم يتغير هو نفس الشخص صاحب المواقف الاجتماعية ببعدها السياسي، الذى لا يتوقف عن مناقشة أهم قضايا الشارع وهموم المواطن العادى البسيط بأمانة وبوعى وبرؤية مستنيرة.. وليس من قبيل الصدفة أن تكون أهم أفلامه هى المحطات الرئيسية فى مسيرة الفنان عادل امام.. فمن فى السينما أبدع فى كتابة فيلم لمواجهة الفساد والمفسدين بشكل واضح وصريح وعلنى مثلما فعل وحيد حامد فى أجمل أفلامه، اللعب مع الكبار (1991)، المنسى (1993)، الإرهاب والكباب (1994)، طيور الظلام (1995)، النوم فى العسل (1996)؟!

إن أفلام وحيد حامد جعلت من المشاهد العادى بطلاً ينافس أبطال أفلامه لمواجهة كل ما هو رديء وسيئ وفاسد فى حياتنا اليومية، وكانت أفلامه بمثابة وثيقة تؤرخ للتخريب المنظم فى واقعنا السياسى والاجتماعي، وأظهرت شخصيات هذا الواقع عارية من هذا الوقار المصطنع لتغطية جرائمهم فى حق المواطن المتفرج.. وإذا كان للفساد طرقه الملتوية ليبقى ويتمدد بين الناس، وللمفسدين ألاعيبهم لتحقيق مكاسب من مقدرات البلد ومن جيوب الفقراء فان للسينما كذلك سحرها للتسلل الى النفوس، وإضاءة الأماكن المظلمة فى حياتنا..  وإذا كان للإعلام فى عصرنا الحالى سطوته وحضوره وانتشاره بسبب انتشار وسائله التى جعلت من كل فرد اعلامي، وصاحب منبر، فإن السينما تظل هى الوحيدة القادرة على أن تجعلنا نضحك من قلوبنا بالصوت العالى ونبكى بحرقة بالدموع ونغضب بعمق من انتشار الفساد ومن سطوة المفسدين!

[email protected]