رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

(عوربة نظام التعليم اليابانى مع مراعاة طبيعة المجتمع العربى) هى واحدة من التوصيات الهامة التى توصلت إليها فى أحد أبحاثى الأخيرة، بعنوان: (التنمية المستدامة بين المتطلبات الأساسية والتطبيق فى دول العالم.. التعليم فى اليابان نموذجاً) وانطلاقاً من مبدأ أنه (لا يمكن إنتاج معرفة من مجتمع ثقافي، ولا يمكن الحديث عن مجتمع ثقافى من دون لغة) نجد أن توفير الدعم الكافى لتفعيل ظهور ووجود مفهوم فكرى عربى قادر على مواجهة العولمة بكافة تفاصيلها هو مفهوم يمكن أن نطلق عليه مصطلح «العوّربة» التى تعتبر من المفاهيم الجديدة نسبيًا وغير المألوفة عند الكثير من الناس وتعتبر أيضًا بديلًا مقبولًا للعولمة، ومن الممكن تعريف «العوّربة» بأنها دعم الإنتاج العربى المشترك للنهوض فى اقتصاديات الدول العربية وتعزيز التكيف والتأقلم مع الابتكارات والمظاهر الحديثة للحدّ من سلبيات العولمة وإيجاد الطرق المناسبة للدخول فى البيئة الاقتصادية العالمية من بوابة عربية آخذين فى الاعتبار أن اللغة العربية كانت لغة ثقافية أنتج العرب بواسطتها معرفة حين كانوا متمسكين بالدين والعقل والعلم وكانوا يمارسون ذلك وفق تقاليد متطورة تنهض على أساس المجتمع الثقافى فى تنوعه وتعدد اتجاهاته، لذلك فإن (العوربة) تعتبر مطلباً لتوحيد الجهود والتصورات والتخطيط والتدبير لربط الوطنى بالعربى تمهيداً للانخراط الإيجابى فى العالم حولنا، وبالنظر الى شئون التعليم فى العالم العربى عن طريق التحليل البيئى الذى يعنى تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف والفرص المتاحة والتهديدات المحتملة فنجد أن من الفرص المتاحة لمواجهة نقاط الضعف فى التعليم العربى هو اقتباس النظم واللوائح التربوية من نظام التعليم اليابانى مع مراعاة طبيعة وعادات وتقاليد المجتمع العربى، ففى اليابان نجد أن المدارس هى التى قامت بغرس المعرفة التى ساعدت اليابان على التحول من دولة إقطاعية إلى دولة حديثة كما حولت اليابان من دولة مستهلكة تتلقى المساعدات بعد الحرب العالمية الثانية إلى دولة اقتصادية كبرى تُقدم المساعدات لمختلف الدول النامية فى العالم، فمثلاً مستوى التلميذ اليابانى فى سن الثانية عشرة يعادل مستوى الطالب فى سن الخامسة عشرة فى الدول المتقدمة وهذا يدل على الرقى النوعى للتعليم فى اليابان، وأيضاً تدرس مادة من أولى ابتدائى إلى سادسة ابتدائى اسمها «الطريق إلى الأخلاق» يتعلم فيها الدارسون الأخلاق والتعامل مع الناس كما أنه لا يوجد رسوب من أولى ابتدائى إلى ثالث متوسط لأن الهدف هو التربية وغرس المفاهيم وبناء الشخصية وليس فقط التعليم والتلقين وأيضاً الأطفال اليابانيون ينظفون مدارسهم كل يوم لمدة ربع ساعة مع المعلمين، ما أدى إلى ظهور جيل يابانى متواضع وحريص على النظافة كما أن مديرى المدارس يأكلون أكل التّلاميذ قبلهم بنصف ساعة للتأكد من سلامته لأنّهم يعتبرون التلاميذ مستقبل اليابان الذى تجب حمايته، وتقوم الأنشطة على لعب الأدوار والتعلم من خلال اللعب وتكون هذه الألعاب مشتقة من الحياة اليومية المعيشية وتركز المناهج الدراسية على الأنشطة التعليمية المنتظمة التى تتناول موضوعات مثل: (الطبيعة، ومفاهيم الأرقام، والأحجام، والهندسة، واللغة اليابانية، والرسم، والموسيقي) وتنمو شخصية الطفل من خلال التعلم من خلال اللعب وكذلك من خلال الأنشطة التعليمية المنتظمة، أما المعلمون حتى الآن فيحظون باحترام وتقدير ومكانة اجتماعية مرموقة ويتضح ذلك من خلال النظرة الاجتماعية المرموقة لهم، وكذلك المرتبات المغرية التى توفر لهم حياة مستقرة كريمة ويتساوى فى ذلك المعلمون والمعلمات ويتضح كذلك من خلال التنافس الشديد على شغل هذه الوظيفة المرموقة فى المجتمع فمعظم هؤلاء المعلمين هم من خريجى الجامعات ولكنهم لا يحصلون على هذه الوظيفة إلا بعد اجتياز اختبارات قبول شاقة تحريرية وشفوية وبالطبع نسبة التنافس على هذه الوظيفة شديدة جداً، وهم بشكل عام يعكسون أيضًا نظرة المجتمع إليهم ويعكسون أيضًا صورة الالتزام وروح الجماعة والتفانى فى العمل عند اليابانيين، وبناء على ما سبق نستنتج أن التفكير الجاد فى الاختيار بين العوربة والعولمة قد يحتاج إلى وقت طويل إذا لم يتمّ بناؤه على دراسات دقيقة وواقعية تساعد على تقليل حدّة المواجهة بينهما كإنشاء بيئة عمل عربية مشتركة خاصة بالعملية التعليمية والتربوية تستخدم مخرجات العولمة ولكن بآليات ووسائل عربية أو ابتكار نظم ولوائح عربية تمتلك جميع المميّزات والضمانات التى تجعلها تنضم بسهولة إلى بيئة العولمة.

[email protected]