رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

أسبوعان يفصلان بين الشعب التونسى والانتخابات الرئاسية المبكرة، التى حتمتها الوفاة المفاجئة للرئيس «الباجى قايد السبسى»، وبرغم أن حملات الدعاية الانتخابية تبدأ رسمياً يوم الاثنين، إلا أن المرشحين للموقع البالغ عددهم 26 مرشحاً لا يتوقفون عن الدعاية لأنفسهم ولمرشحيهم، وفى القلب منهم بطبيعة الحال مرشح حركة النهضة «عبدالفتاح مورو» الذى يأتى ترشحه مخالفاً لما سبق أن أعلنته الحركة، أنها لن تنافس على الانتخابات الرئاسية، فور إعلان رئيسها راشد الغنوشى الترشح على مقعد العاصمة تونس فى الانتخابات التشريعية التى تعقب تلك الانتخابات، لكن الحركة التى تشكل الفرع التونسى لجماعة الإخوان تتلون، كما هى عادتها فى كل مكان، وفقاً لتغير الظروف، لضمان مصالحها فى تحقيق خططها للهيمنة والتمكين. يساعدها على ذلك، ما يبدو من تشتت القوى المدنية المعارضة لها، ومن المعاناة المعيشية الناجمة عن الأزمة الاقتصادية التى ألقت بظلالها على غالبية التونسيين، الذين تقوم النهضة بمعابثة مشاعرهم الدينية بالدعاية وسط أفواجهم فى المساجد التى امتطها لتروج من فوق منابرها بـ«مخالفة صريحة للقانون، لمرشحيها ولرؤاها الدينية»، بالإضافة إلى استغلال ظروفهم الصعبة وفقدانهم للثقة فى معظم النخب السياسية لتقديم نفسها بديلاً. فضلاً عن الأموال الطائلة التى أنفقتها الحركة لتجنيد إعلاميين وشراء منصات فضائية ومحطات إذاعية، ومواقع إلكترونية تسبح بمزاياها ليل نهار، وتنشر الشائعات والدعاية المسمومة ضد منافسيها، بعد أن باتت عينها مصوبة ليس فقط نحو موقع الرئاسة، بل كذلك على موقعى رئاستى الحكومة والبرلمان!

«مورو» هو مرشح إخوان النهضة الرسمى، لكن القائمة تنطوى على مرشحين آخرين يديرون فى فلك النهضة ويشكلون الأذرع المدنية لها، بينهم المنصف المرزوقى وحليفهم رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وغيرهما.

مخطط حركة النهضة للهيمنة، يقفز على عدد من التحديات التى تعترض طريقه، ويتجاهل تأثيرها. بينها الانقسام فى صفوف الحركة بين فريق يتمرد على تسلط قيادة الغنوشى وانفراده بسلطة القرار فيها، وفريق آخر من ذوى المصالح من داخل الحركة من خارجها، يقود مصالحه الغنوشى بنفسه، وبينها كذلك سجل من جرائم نهب المال العام فى سنوات حكم النهضة يتنافى مع مزاعم التدين والاستقامة ونظافة اليد وصحوة الضمير، التى تروج لها قادة النهضة، الساعية لإنهاض دولة الخلافة وتطبيق شرع الله، وتحت مزاعم السعى للحقيقة وتحقيق العدالة، منحت النهضة من أموال دافعى الضرائب التونسيين تعويضات مالية طائلة لأعضائها ممن سجنوا فى السابق بجرائم جنائية، بزعم أنهم سجناء سياسيين. ومع صعود النهضة للحكم وبروزها فى الحياة السياسية، عرفت تونس تصاعداً فى ظواهر الإرهاب والاغتيالات السياسية لمعارضيها، ومعسكرات تجنيد الشباب التونسى للالتحاق بمنظمات الإرهاب الجهادى فى ليبيا وسوريا. كما لم يحسم القضاء التونسى حتى اللحظة توجيه الاتهامات فى قضايا الاغتيالات السياسية والأجهزة السرية المسلحة التى تم الكشف عن تبعيتها لحركة النهضة، وباتت الأخيرة تستخدم نفوذها داخل أجهزة السلطة التنفيذية لعرقلة أية إجراءات ضدها للمحاسبة والعقاب. وكلها مع غيرها، شكلت نوع الإجراءات التى أسهمت فى تعثر المسارين الديمقراطى والتنموى فى تونس، برغم مرور نحو عقد على ثورتها التى أسقطت نظام بن على.

يدرك التونسيون أكثر من غيرهم، أن السعى لتغيير هوية بلدهم الحداثى والعلمانى هدف أساسى لحركة النهضة، وهو سعى يتصدى له بقوة حتى الآن الوعى الحضارى للشعب التونسى. كما يدرك هؤلاء، أن من يفوز بقصر الرئاسة فى قرطاج فى تلك الانتخابات، سوف يتمكن بالضرورة من السيطرة على تشكيلة البرلمان الجديد، ويصبح من باب الترف غير المسئول، ألا تتوحد القوى المدنية داخل نحو 217 حزباً تونسياً وخارجها، لوقف الزحف الإخوانى إلى مؤسسة الرئاسة والمجلس التشريعى، الذى يهدد مستقبل وطنهم، بعد أن عاث فساداً فى حاضرها!