رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سؤال يتملكنى بين الحين والآخر: لماذا شعب الروهينجا المسلم بكامله تعرّض للتهجير والقمع والقتل والاغتصاب؟ وظل فى طى النسيان والتجاهل؟.. وهناك قانون دولى خُرِقَ وتعامت عنه دول رغم صراخ المنظمات الإنسانية؛ بأن فى الأمر جريمة إنسانية وتصفية عِرقية... من المسئول؟ إنه شعب الروهينجا الضائع بعد نزع هُويته، وتشريده عبر الأنهار والبرارى بحثاً عن وطنٍ أو هرباً من القتل. واكتفوا بين الحين والآخر بنشر صور وفيديوهات عن المجازر الدامية المبكية، ولم يتحرك المجتمع الدولى بخطوة فعلية جادة واحدة لإعلان هذا العدوان إرهاباً.

وتصنيف المعتدى فى قائمة الإرهابيين، فالخطوات المطلوبة واقعياً وعملياً حالياً هى التعامل مع الجرائم ضد الإنسانية بجدية، والخروج بصيغة سياسية تمنع تكرار هذا التمييز العنيف، وتوفير المساعدات الإنسانية والإغاثية للاجئين، بما يشمل مساعدة بنجلاديش، ومن ثم عودة اللاجئين إلى أراضيهم، والاعتراف بروهينجا كأقلية رسمية فى ميانمار. تلك الجماعة العِرقية المسلمة التى عاشت لقرونٍ فى ميانمار ذات الغالبية البوذية.

ويوجد حالياً نحو 1.1 مليون مسلم روهينجى يعيشون فى هذه الدولة الواقعة فى جنوب شرق آسيا. وللأسف لا يتم اعتبار الروهينجا من بين الجماعات العِرقية الرسمية البالغ عددها 135 فى البلاد، فقد حُرِموا من الحصول على مواطنة ميانمار منذ عام 1982، الأمر الذى جعلهم عديمى الجنسية. ويعيشون فى ولاية راخين الواقعة على الساحل الغربى للبلاد، ولا يُسمَح لهم بالمغادرة دون إذنٍ من الحكومة.

وهى واحدة من أفقر الولايات فى البلاد، وتشبه مخيماتها الجيتو، وتعانى من نقص الخدمات والفرص الأساسية. وللأسف أن الحكومات المتعاقبة فى ميانمار، وحتى ذوات الشعارات الإصلاحية فى السنوات القليلة الماضية مصرون على أن مسلمى الروهينجا ليسوا جماعة عرقية فعلياً، وأنهم فى واقع الأمر مهاجرون بنغال يعتبرون بمثابة أحد آثار عهد الاستعمار المثيرة للخلاف، ونتيجة لهذا، لا يدرجهم دستور ميانمار ضمن جماعات السكان الأصليين الذين من حقهم الحصول على المواطنة. والعديد من البوذيين يتعاملون مع الروهينجا كبنغاليين، ورفضوا الاعتراف بمصطلح روهينجا باعتباره اختراعاً حديثاً أُنشِئ لأسبابٍ سياسية. وقد مُنِح الروهينجا فى البداية بطاقات الهوية تلك أو حتى المواطنة بموجب الشرط المتعلِّق بالعيش فى البلاد لفترة جيلين.

وخلال هذا الوقت، عمل العديد من الروهينجا أيضاً فى البرلمان. وبعد الانقلاب العسكرى فى ميانمار عام 1962، تغيَّرت الأمور بصورةٍ كبيرة بالنسبة للروهينجا. وبات مطلوباً من جميع المواطنين الحصول على بطاقات تسجيل وطنية. غير أنَّ الروهينجا لم يُمنحوا سوى بطاقات هوية أجنبية، مما حدَّ من فرص العمل والفرص التعليمية التى بإمكانهم السعى نحوها والحصول عليها. وفى عام 1982، صدر قانون مواطنة جديد جعل مسلمى الروهينجا عديمى الجنسية.

وبموجب هذا القانون، لم يُعتَرف بجماعة الروهينجا باعتبارها من بين المجموعات العِرقية الأخرى فى البلاد مرةً ثانية. وفُرضِت عليهم القيود ؛وعانوا من حملات القمع والاغتصاب، والتعذيب، والحرق المتعمد، وقتل على أيدى قوات الأمن فى ميانمار. ورغم ذلك اتهم مسئولٌ فى الأمم المتحدة الحكومة بتنفيذ «تطهيرٍ عرقي» ضد مسلمى الروهينجا لعدة مرات لم يتحرك أحد.

ومنذ أواخر السبعينيات، فرَّ ما يقرب من مليون مسلم من الروهينجا من ميانمار بسبب الاضطهاد واسع النطاق، بينما عرَّض الكثيرون من الروهينجا حياتهم للخطر فى أثناء محاولاتهم الوصول إلى ماليزيا بالقوارب عبر خليج البنغال وبحر أندامان.. وللأسف أن زعيمة ميانمار الحائزة على جائزة نوبل عن الروهينجا المستشارة أون سان سو تشى، لا تعترف وحكومتها بالروهينجا كجماعةٍ عِرقية، إلى جانب عدم دفاعها عن حقوق أكثر من مليون شخصٍ تابعين لجماعة الروهينجا فى ميانمار، بل إنها كثيرا ما تؤكد عدم وجود تطهير عرقى، وأن استخدام هذا المصطلح مبُالغ فيه للتعبير عمَّا يحدث، ما يؤكد أنها كانت لا تستحق تلك الجائزة وأن المجتمع الدولى مغيب تماما لأن الأمر ببساطة لا يعنيه فلا يوجد بترول ولا رغبة فى السيطرة على تلك المناطق. والطريف انه العام 2016، فوَّضت سو تشى الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفى عنان لإيجاد سبل لمعالجة الأمر.

ولكن لأسف، إنَّ ذلك كان مجرد وسيلة بالنسبة لسو تشى لتهدئة الرأى العام العالمى ومحاولة إثبات أنها تبذل كل ما بوسعها لحل هذه القضية أمام المجتمع الدولى. وللأسف إن عنان لم يهتم بانتهاكات حقوق الإنسان، بل اقتصر دوره على تحقيقات خاصة بالتنمية الاقتصادية، والتعليم، والرعاية الصحية على المدى الطويل. وبالتالى سيظل شعب الروهينجا ضائعا بلا هوية ويعانى من التهميش والقتل، تحت سمع وبصر العالم الذى يتغنى بحقوق الانسان ويبحث عن قاتلى جمال خاشقجى، ويغض الطرف عن قتل الملايين من الروهينجا!