عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

نشرت جريدة الأهرام أمس الأول خبرا مقتضبا فى صدر صفحتها الأولى تضمن الإشارة إلى عروض عالمية لشراء محطات كهرباء مصرية. وأوضح الخبر أن مجموعة شركات استثمارية أمريكية وأخرى ماليزية قدمت عروضا لشراء محطات كهرباء فى مقدمتها محطات سيمنز الثلاث بالعاصمة الإدارية الجديدة والبرلس وبنى سويف على أن تقوم وزارة الكهرباء بشراء الطاقة الناتجة عن المحطات وضخها بالشبكة القومية وفى الوقت نفسه تستمر شركة سيمنز الألمانية فى تشغيل وصيانة المحطات الثلاث طبقا للعقد الموقع مع وزارة الكهرباء.

وفى ضوء الإنجازات التى حققتها الوزارة على مدار السنوات الخمس الماضية وخاصة فى ظل جهود الوزير الدكتور محمد شاكر، فإن الأمر ربما يشير فى القراءة العامة له إلى أن فى ذلك خطوة إيجابية الى الأمام وأنها قد تمثل إنجازا يضاف إلى إنجازات الوزير والوزارة التى أصبحت رأس حربة فى تحقيق التنمية المصرية والتعويل على هذا القطاع بالذات خاصة لجهة تحويل مصر إلى مركز إقليمى للطاقة، وهو جانب يشير إليه الخبر بتاكيده على أن هذه الخطوة تعزز مكانتنا إقليميا فى هذا القطاع.

غير أن هناك وجها آخر للخبر يتمثل فى مجموعة من التساؤلات يطرحها بشأن جدوى هذه الخطوة أتصور أنه لا بد للوزارة وللحكومة المصرية بشكل عام أن تبحثها قبل أى خطوة فى هذا الصعيد، فى ضوء ما أشار إليه الخبر من أن العروض، ولله الحمد، ما زالت حتى الآن تحت الدراسة ولم يتم البت فيها. إن التساؤل الرئيسى الذى يفرض نفسه هو ما هو الهدف من البيع وما هى جدواه؟ إن هذا جانب غير واضح من الخبر، وإن كنا سنحاول الاجتهاد فى تقديم الإجابة فى هذه السطور.

وفى ضوء حيوية الكهرباء وما تمثله المحطات الثلاث المشار إليها فى الخبر على خطط التنمية فى مصر هل من المناسب بيع ما يمكن اعتباره أصلا من الأصول السيادية المصرية؟ وهنا فإن الكهرباء فى تقديرى توازي، وإن بشكل أقل طبعا، المياه والتى تخوض مصر من أجلها جهودا مكثفة من أجل الحفاظ عليها فى ظل محاولة دولة مثل أثيوبيا إقامة سد النهضة الذى ربما يؤثر على حصة مصر من مياه النيل، لضمان امتلاكها التحكم فيها وعدم ترك مثل هذا الأمر فى أيد أجنبية. ثم إن هذه العملية ربما تؤثر بالسلب على فكرة تبوؤ مصر مركزا متميزا فى مجال تصدير الطاقة، حيث سيصبح ناتج هذه المحطات غير مصرى رغم أنه يتم على أرض مصرية.

من ناحية ثانية كيف سيتم تحديد سعر الكهرباء التى ستشتريها الوزارة لكى تقوم بضخها فى الشبكة القومية، من المؤكد أن ذلك سيكون بالسعر العالمي، وهو ما يعنى دفع تكلفة ربما أعلى من التكلفة الحالية فى ضوء أن الموقف القائم يتمثل فى قيام الوزارة ذاتها على عملية الإنتاج؟ ثم هل يعوض استثمار المبلغ الناتج عن عملية البيع هذا الفرق فى سعر الشراء؟ وهل هذا المبلغ يتجاوز ما تم إنفاقه على إنشاء هذه المحطات بكثير، بما يتيح مجالا – يثير التحفظات من الأصل - للشعور بجدوى عملية البيع؟

من ناحية ثالثة ومن التفصيلة الثانية فى الخبر يبدو أن الهدف هو مالى بحت يتمثل فى تعزيز السيولة لدى هذا القطاع، ربما لتغطية مشروعاته التوسعية الكبري، وهو ما يشير إليه التصور الثانى المتعلق بطرح أسهم بمحطات الكهرباء فى البورصة المصرية، وهو أمر ربما يكون خيارا أفضل بكثير من الخيار الأول القائم على طرحها للبيع لشركات أجنبية، حيث إن طرحها للمصريين يبقى عليها فى إطار الإدارة المصرية، بغض النظر عن أى تبعات، حيث إن الأمر سيصبح كما يقول المثل «مننا فينا»!

أتصور أن حكمة وزير الكهرباء والتى انعكست فى أداء وزارته على مدار فترة توليه لها، ربما تنتهى إلى استبعاد الخيار الاول وهو الأمر الذى أتمناه باعتبار أن فى ذلك مصلحة مصر أولا وأخيرا.. والله أعلم.

[email protected]