رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

كلما هل علينا شهر رمضان المبارك وأرى زحام الناس فى الأسواق وتهافتهم على شراء وتخزين كميات كبيرة من اللحوم والعصائر والياميش وغيرها من كل ما لذ وطاب استعدادا لقدوم الشهر الكريم، فضلا عن تهافت المحطات الإذاعية والتليفزيونية على الاعلان عن البرامج والمسلسات الترفيهية والتفاخر باجتذابهم أشهر النجوم وأهمهم على مائدة الدراما التى يسمونها ظلما وعدوانا «رمضانية».

 أقول كلما شاهدت هذا وذاك أصابنى الدوار وألح على نفس السؤال كل عام: هل نحن حقا نستعد لاستقبال شهر الصوم أم نحتفى بمناسبة أخرى؟ وهل نحن حقا نصوم رمضان؟ وإذا كنا فعلا نمتنع عن الأكل والشراب فى نهاره ما يعنى أننا نقيم ظاهر العبادة، فهل يتقبل الله صيامنا بهذه الطريقة التى حولت الشهر من شهر عبادة وزهد فى المأكل والمشرب وشهر المفروض أن تزداد فيه الطاعات والتقرب إلى الله بقراءة القرآن وتدبر معانيه والحرص على صلاة القيام والتهجد وغير ذلك وتلك من صور العبادة إلى شهر الشراهة فى المأكل والمشرب وشهر الانغماس فى ملذات السهر مع المسلسلات التليفزيونية وبرامج الحكاوى المليئة بالغيبة والنميمة وبرامج المقالب واستجلاب الضحك على بعضنا البعض؟!

أفتونا فى ذلك يا علماء الدين وأجيبونى عن ذلك السؤال: هل يتقبل الله صوم أناس يقضون يومهم نائمين أو على أقصى تقدير يقضونه كسالى؛ فمن تقليل لساعات العمل إلى شغل هذه الساعات القليلة بالتحايل واضاعة الوقت بدون انجاز الأعمال المطلوبة وتأجيلها إلى ما بعد رمضان!! ويقضون الليل وحتى أذان الفجر فى الاستمتاع بالإفراط فى الأكل والشراب ومشاهدة المسلسلات والبرامج اللاهية؟!

أجيبونى ما حكم الشرع فى تلك المحطات التليفزيونية التى تتفنن فى صرف الناس عن العبادة ببث كل هذا الزخم من البرامج التافهة والمسلسلات المليئة بالمساخر والمناظر المؤذية والفن الردىء الذى لا يحمل أى رسالة للارتقاء بالذوق وتهذيب النفس؟!

ولتقارنوا معى هذه السلوكيات التى نقوم بها مع سلوك الناس فى الجانب الآخر من العالم حينما تحل عليهم مناسبة دينية، فقد روى د. مصطفى محمود فى إحدى مقالاته قصته مع ذلك العامل الأمريكى فى محطة بنزين اعتاد دخولها لشراء القهوة، وفى اليوم الذى يسبق يوم الكريسماس دخل لشراء القهوة كالعادة، فإذا به يجد ذلك الرجل منهمكا فى وضع أقفال على ثلاجة الخمور، وعندما عاد للـ(كاشير) لمحاسبته على القهوة سأله حيث كان حديث عهد بقوانين أمريكا: «لماذا تضع أقفالا على هذه الثلاجة»؟؟

فأجابه: «هذه ثلاجة الخمور وقوانين الولاية تمنع بيع الخمور فى ليلة ويوم الكريسماس يوم ميلاد السيد المسيح فنظر إليه مندهشا قائلا: أليست أمريكا دولة علمانية.. لماذا تتدخل الدولة فى شىء مثل ذلك»؟

قال الرجل: «الاحترام.. يجب على الجميع احترام ميلاد المسيح وعدم شرب الخمر فى ذلك اليوم حتى وإن لم تكن متدينا، إذا فقد المجتمع الاحترام فقدنا كل شىء. إنهم ينظرون للكريسماس كضيف يزورهم كل سنة ليذكرهم بميلاد المسيح عليه السلام وليس من الاحترام السكر فى معية ذلك الضيف!

أتمنى أن نكون ممن يحترمون مناسباتهم المقدسة، أتمنى أن نحترم شهر القرآن، شهر رمضان ولنتذكر جميعا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو علمت أمتى ما فى رمضان من الخير لتمنت أن يكون الدهر كله رمضان».

إنه ذلك الشهر الذى ينبغى فيه التدرب على معاناة ألم الجوع والعطش والاحساس بالآخرين من الفقراء والمحتاجين، انه ذلك الشهر الذى ينبغى أن نخرج منه ونحن أقرب إلى الله بالإقبال على قراءة الكتب الدينية التى تفقهنا فى أمور ديننا وتذكرنا بحياة النبى وصحابته وسلوكهم القويم فى هذا الشهر الكريم، وإذا كان لا بد من برامج ومسلسلات فلتتنافس المحطات التليفزيونية والإذاعية مستقبلا على تقديم البرامج والقصص الدينية والتراثية التى تبث القيم الأخلاقية والدينية فى نفوس الناس وتعطيهم نماذج من القدوة الحسنة.

[email protected]