رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

هذه هي المرة الثانية التي أكتب فيها في الرياضة، كانت المرة الأولى منذ نحو 35 عاما بأمر من رئيس التحرير لتغطية ظرف خاص بالصديق مصطفى جويلي، وأعددت صفحة رياضية قدمت خلالها وصفا دراميا مثيرا للضحك لمباراة كانت على ما أذكر بين الأهلي وكوتوكو. وفي هذه المرة ربما يعبر الأمر عن شعور غير حقيقي بأنه لم تعد هناك قضايا تستحق الكتابة، وربما رغبة من صاحب هذه السطور في ممارسة مهمة يحبها ويتمنى ألا يتوقف عنها والبحث عن أي قضايا للكتابة والسلام. وهو أمر طبيعي بالنسبة لكثير من الصحفيين والكتاب وأبرزهم في هذا الشأن الكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل الذي أعلن التوقف عن الكتابة ولما عجز عن ذلك تحايل على الأمر بصورة أخرى.

المهم سبب فكرة هذا المقال هو انفعالي بنتيجة مباراة ليفربول مع برشلونة في الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا والذي حسمه ليفربول بأربعة أهداف نظيفة مقابل لاشىء. ولأني متابع هامشي للرياضة أو هي هامشية بالنسبة لي فقد انزعجت إثر الهزيمة الثقيلة لليفربول بقيادة محمد صلاح  في دور الذهاب بثلاثة أهداف مقابل لا شىء. ما كنت أخشاه أن يقع صلاح تحت مقصلة النقد والتجريح، في مباراة العودة في ضوء أن خروج ليفربول أمر لم يكن هناك مفر منه. انتابني شعور طفولي بالفرح بنبأ عدم مشاركة صلاح في مباراة العودة لإصابته باعتبار أن ذلك يعفيه جزئيا من كم الهجوم الذي يمكن أن يتعرض له. تفكيري في ذلك لا يخرج عن أنني افكر بمشاعر مصرية صرف.

سألت ابني الذي أعتبره خبيرا كرويا قبيل الإفطار عن توقعاته فأعرب عن أمنيته أن يخرج ليفربول على الأقل بهزيمة مشرفة ويفوز ولو بهدفين مقابل لا شىء. لم أبال بالمباراة غير أنه إذ فجأة بعد العودة من التراويح كان الأمر غير المتوقع وهو تقدم ليفربول بثلاثة أهداف مقابل لا شىء، أي التعادل بحصيلة المباراتين. جلست للمرة الأولى في حياتي لمشاهدة مباراة غير محلية، بدأت أعد نفسي للأشواط الإضافية واحتمالات ضربات الجزاء. كنت أشجع ليفربول كما تشجيعي في الماضي منذ عقود للنادي الأهلي، وانقلب الموقف لفرحة غامرة إثر الهدف الرابع لليفربول متوجا نصره على برشلونة. بدأت اعد الدقائق والثواني متمنيا أن يمر الوقت دون أن يتمكن برشلونة من إحراز أي هدف ولتنتهي المباراة بفوز ليفربول.

مع صفارة الحكم بإعلان انتهاء المباراة لم تكن الفرحة تسعني كنت أشعر أن مصر هي التي انتصرت، وهو بالنسبة لي شعور غريب أتصور أنه يجب أن يخضع للدراسة.. حالة التماهي مع فريق أجنبي لا تربطني به أية علاقة، ليس ذلك فقط بل عدم وجود علاقة من الأصل مع الرياضة ومن بينها كرة القدم. جاء في ذهني أن ذلك هو معنى الانتماء، أن تشعر بالفخر والفرح والحزن والضيق لأمر يخص من لا تربطك به علاقة مباشرة. كل ما يحرك مشاعري هو وجود صلاح في ليفربول وأنه يعبر ليس عن شخصه وإنما عن مصر التي أتمنى لها وتتمنى أنت كذلك لها أن تكون مرفوعة الرأس في كل المحافل.

لكي أقيس مشاعري رحت أتخيل لحظة ماذا كان يمكن أن يكون الأمر لو أن صلاح في برشلونة وليس ليفربول؟ أدركت أن مشاعري تتحرك مع صلاح وليس ليفربول أو برشلونة. المهم المكان الذي يوجد فيه المصري لاعبا أم عالما أم طبيبا أم .. أيا كان.

عندما أفقت من شطحاتي بدا لي ذلك الدرس الرائع الذي قدمه فوز ليفربول وهو أنه ربما ليس هناك في الحياة مستحيل ليس في الرياضة فقط وإنما في الحياة بشكل عام . المهم هو توافر الإرادة والعزيمة، حيث إن كل الظروف كانت تفرض الإحباط على لاعبي ليفربول في غياب صلاح ولكنه الإصرار على النجاح والتفوق وإبهار الآخر.. في تصوري أن ذلك هو الدرس الأساسي لفوز ليفربول بغض النظر عن أي تقعير يمكن أن تشعر به في سطور هذا المقال.

[email protected]