رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

الحقيقة المؤلمة، التى لا تقل ألماً عن حادث القطار، أن كلنا سائق قطار النار.. إهمال هيئة السكة الحديد طوال هذه السنوات، لمدة لا تقل عن خمسين سنة، حتى أصبحت متهالكة ومنهارة، وصارت حوادثها من الأمور الطبيعية فى حياتنا.. أليس ذلك استهتاراً بحياة الناس تعلم منه سائق قطار النار؟!

وعندما ينهار التعليم، حتى وصلنا إلى وضع لا يذهب فيه المدرسون والطلاب إلى المدارس ويذهبون إلى مراكز (سناتر) المجموعات والدروس الخصوصية.. والكل ساكت والكل راض والكل فرحان بأن أولادهم يحصلون على أكثر من ١٠٠٪ فى الثانوية العامة دون أن يذهبوا إلى المدرسة.. وفى نفس الوقت لا يستطيع طالب واحد منهم كتابة جملة مفيدة وبدون أخطاء إملائية.. أليس ذلك إهمالا تعلم منه سائق قطار النار؟!

وعندما يموت المرضى من العلاج وليس من الأمراض كما يحدث فى كل الدنيا، بسبب سوء الخدمات الصحية فى المستشفيات والمراكز والوحدات الصحية العامة، والخاصة كذلك، لتصل إلى ما وصلت إليه من تردٍ إلى درجة أن المريض يذهب إلى المستشفى ولديه إحساس عميق أنه يدخل بقدميه إلى المشرحة، وأنه يذهب بنفسه إلى الموت لا إلى مكان للشفاء، حيث لا يجد طبيباً ولا دواء، ولا ممرضة، ولا حتى سريراً.. والكل يمد يده للحصول على مقابل لأداء عمله من أول الطبيب الذى يحول مرضاه فى العيادة الخاصة إلى المستشفيات العامة إلى أصغر موظف وعامل.. أليس ذلك إهمالا تعلم منه سائق قطار النار؟!

وعندما تنتشر العشوائيات فى كل المحافظات، وتتحول إلى بؤر للجريمة وبيئة حاضنة للتطرف والإرهاب.. وكله تحت سمع وبصر وبتحريض ومشاركة من المسئولين والموظفين بالإدارات المحلية، وكذلك أعضاء مجلس الشعب.. وعندما نترك التعدى بالبناء على الأرض الزراعية، ونسمح بسرقة أراضى الدولة تحت مسمى وضع اليد، ونوافق على مخالفات البناء وتشييد الأبراج السكنية بأدوار تصل إلى عشرين وثلاثين دوراً فى شوارع عرضها لا يزيد على ستة أمتار.. ولما تصبح الرشوة هى الباب الرسمى لإنجاز الأعمال والمصالح فى كل الوزارات والجهات الحكومية لسنوات تزيد على ثلاثين سنة.. والكل عارف والكل مطنش.. أليس ذلك إهمالا تعلم منه سائق قطار النار؟!

فى أوائل التسعينيات، ذهبت لتغطية إضراب عدد من سائقى القطارات عن العمل، والذين تجمعوا فى محطة مصر، والتقيت بعضهم.. وقد تلخصت شكواهم فى ضعف المرتبات، والحوافز والإضافى، وبدل المخاطر.. وغير ذلك من حقوق مادية لم يحصلوا عليها منذ سنوات.. وعندما أخذت هذه المطالب وسألت عنها رئيس هيئة السكة الحديد فى ذلك الوقت، فكان رده الذى لخصه بعرض كل كشوف حضور وانصراف هؤلاء المضربين عن العمل، والتى تؤكد أنهم مضربون عن العمل أصلا بالغياب والاستئذان وبالإجازات المرضية والعارضة أو الاضطرارية، وبالتزويغ، ورغم ذلك لم يضربوا عن استلام مرتباتهم كل شهر، ولكنهم أضربوا عن العمل لأن إدارة الهيئة أرادت محاسبتهم على عدم العمل.. أليس ذلك إهمالاً تعلم منه سائق القطار؟!

إن القائمة التى تعلم منها سائق القطار الإهمال والاستهتار طويلة ولا تنتهى، وهى التى وراء كل حوادث القطارات والسيارات والسرقات والإرهاب، وهى التى وراء المحاصيل الملوثة بالمبيدات، والسلع الغذائية الفاسدة.. وارتفاع الأسعار، ويوم أن ينصلح حال كل ذلك سينصلح حال سائق القطار!

[email protected]