رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلمة عدل

مازال الحديث مستمرًا بصحبة الفيلسوف العظيم «ابن باجة» الذى عرف بأول المشتغلين من عرب الأندلس بالفلسفة الشرقية: فلسفة الفارابى وابن سينا، إلا أنه اشتغل بالسياسة والعلوم الطبيعية والفلك والرياضيات والموسيقى والطب، وله إسهامات فى الفلسفة والطب، كما كان مولعًا بالموسيقى والموشحات. عمل ابن باجة كاتبًا لإبراهيم بن تيفلويت صهر على بن يوسف بن تاشفين، الذى عامله بسخاء شديد لولعهما بالموشحات والموسيقى، بعدها عينه ابن تيفلويت وزيرًا حتى وفاته، اضطر ابن باجة إلى الهجرة من سرقسطة إلى إشبيلية بعد وقوعها فى قبضة ألفونس الأول، عام 512 هجرية، وسكن فترة فى مدينة المرية وغرناطة ثم رحل إلى فاس المغربية، وفيها عانى من اتهامه بالإلحاد، حيث كان بينه وبين بعض أعلام الأندلسيين خصومة شديدة، ومنهم ابن زهر، والفتح بن محمد بن خاقان، حيث هاجمه ابن خاقان فى كتابه «قلائد العقيان»، واتهمه فيها بالإلحاد.

حاول ابن باجة من خلال الفلسفة أن تتخلص الأندلس من قبضة الفقهاء المتشددين، وقد لُقب بـ«أبو الفلسفة العقلانية العربية»، بسبب جهوده البحثية وتحليلاته الفكرية، وقد أشار ابن طفيل كثيرًا لابن باجة، وذكره فى قصته الرمزية «حى بن يقظان»، ففى مقدمتها أشار ابن طفيل إلى المهتمين بالمنطق والفلسفة فى الأندلس فقال «ثم خلف من بعدهم خلف أحذق منهم نظرًا، وأقرب إلى الحقيقة، ولم يكن فيهم أثقب ذهنًا، ولا أصدق رؤية من أبى بكر بن باجة، غير أنه شغلته الدنيا، حتى وافته المنية قبل ظهور علمه وبثّ خفايا حكمته».

والعقل عند ابن باجة هو ما يميز الإنسان عن بقية المخلوقات، حيث قال «كل حى يشارك الجمادات فى أمور، وكل إنسان يشارك الحيوان فى أمور، لكن الإنسان يتميز عن الحيوان غير الناطق والجماد والنبات بالقوة الفكرية، ولا يكون إنسانًا إلا بها».

كما أطلق البعض عليه فيلسوف السعادة أو فيلسوف العقل؛ فهو أول من حاول تأسيس فلسفة إسلامية تخلو من المؤثرات المغرقة فى الباطنية، وهو ما لوحظ عند قراءة رسائله العديدة، وأشهرها «تدبير المتوحد»، وقد قسّم ابن باجة الناس إلى ثلاث منازل: أولها، «المرتبة الجمهورية» وهؤلاء لا ينظرون إلا للمعقول، أما «المرتبة النظرية» فهؤلاء ينظرون إلى الموضوعات أولًا، وإلى المعقول ثانيًا، ولأجل الموضوعات، و«مرتبة السعداء» وهم الذين يرون الشيء نفسه، وهى المرتبة الأعلى لدى ابن باجة. 

ومن أشهر ما ترك ابن باجة من مؤلفات هو رسالة «تدبير المتوحد»، والمتوحد هو الناظر أو الفيلسوف، ويشرح فى رسائله معنى التدبير بالقول: «إن هذا اللفظ يدل فى أكبر معانيه على مجموعة من الأعمال ترمى إلى مقصد معلوم، فلا يمكن أن يستدل بها على عمل مفرد، إنما على جملة أعمال تنجز على وتيرة واحدة بناء على خطة مرسومة للوصول إلى غرض معلوم».

وفى مؤلفه ذاك يناقش ابن باجة مفهوم المدينة الفاضلة، وفى نظره أن مؤسسيها هم الفلاسفة وينشئونها على الأخلاق والفضيلة والسعادة، ويرى ابن باجة فى فلسفته تلك أن أعمال البشر تنقسم إلى أعمال لا غاية لها إلا شكل الإنسان، وأخرى لا نتيجة مقصودة من القيام بها أو منفعة من ورائها، وهناك أعمال غايتها بلوغ الكمال فى التدبر كأن يدرس الرجل علمًا لذاته.

تمكن ابن باجة من الخوض فى بحور العلم ومعارفه، منها: مجال الطب، وله كتب مثل «كتاب اختصار الحاوى للرازي»، و«كتاب فى الأدوية»، وفى علم النبات كتاب «كلام على بعض كتاب النبات لأرسطوطاليس»، كما ترك ابن باجة مؤلفات أخرى فى الهندسة والموسيقى والفلك، وصلت إلى 27 كتابًا.

.. وللحديث بقية

رئيس حزب الوفد