بكل لحظات الترقب الممزوجة بالخوف، القلق، التمنى والحماس، نعيش فى حضرة الساحرة المستديرة التى فى طريقها إلى تتويج فرنسا سيدة للعالم فى كرة القدم بحصولها على كأس العالم للمرة الثانية بعد عشرين عاماً. وتتويج الديوك باللقب لن يكون أمراً مفاجئاً، فالمنتخب الفرنسى يملك من مقومات شخصية، وتاريخية، ونجوم، وجهاز فنى، ما يجعله الأحق بالتتويج باللقب، للتكامل والتناغم بين صفوفه.
والفرنسيون على مختلف مستوياتهم يعشقون كرة القدم، ومنهم الكاتب الفرنسى الشهير ألبير كامو الذى تناول كرة القدم فى أعماله وكان حارس مرمى كرة قدم سابق، ولم تكن مباريات كرة القدم فى نظره مجرّد لعب وتسلية كانت منازلة تنكشف فيها علاقة اللعب بالوجود وبرعب الوجود، فهو القائل: «لقد تعلمت من ممارستى رياضة كرة القدم فى النادى الشبابى الذى انتميت إليه، أيّام كنت طالباً فى وهران بالجزائر، أن الكرة لا تأتيك أبداً من الجهة التى تتوقّعها. هذا الدرس أفادنى فى حياتى كلها، ولاسيما حين وصلت إلى فرنسا بعد استقلال الجزائر لأن الفرنسيين فى فرنسا لا يتحلّون بالصراحة ويبطنون ما لا يظهرون». ومن المعروف أن كامو انضمّ فى شبابه إلى فريق نادى راسينج الجزائر، لكن إصابته بمرض السلّ وضعت حدّا لطموحه فى التحوّل إلى نجم من نجوم الكرة. ومن عاشقى كرة القدم أيضاً ريمون آرنو الفيلسوف والكاتب وعالم الاجتماع الشهير، والناقد والكاتب المعروف موريس نادو، والسينمائى والمخرج المرموق مرسيل كرافين. ولقد تأهلت فرنسا حتى الآن ست عشرة مرة إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم، وتغيبت عن نهائيات 1950، 1962، 1970، 1974، 1990، 1994. وكانت فرنسا واحدة من الفرق الأوروبية الأربعة التى شاركت فى النسخة الأولى من بطولة كأس العالم لكرة القدم التى جرت فى الأوروجواى عام 1930. فازت فرنسا بلقب بطولة كأس العالم لكرة القدم 1998، حيث أقيم نهائى كأس العالم لكرة القدم 1998 على ملعب فرنسا الذى شهد حضور 75 ألف متفرج، لتشجيع المنتخب الفرنسى أمام المنتخب البرازيلى، واستطاعت فرنسا الفوز بنتيجة 3-0، محققة بذلك أول بطولة كأس عالم فى تاريخها، بعد مستوى مميز من اللاعب زين الدين زيدان وجاءت ثانياً خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم 2006، وحلت بالمرتبة الثالثة فى بطولة كأس العالم لكرة القدم 1958 وبطولة كأس العالم لكرة القدم 1986. شاركت فرنسا فى كأس القارات لكرة القدم مرتين، فازت خلالها بلقبين كانا فى 2001 و 2003. والجميع يعلم أن الأسلوب الفرنسى فى كرة القدم مثل أشياء كثيرة فى فرنسا، ويطلق عليه المدرسة الأنيقة، ومن هذه المدرسة توجت أسماء كبيرة فى تاريخ كرة القدم منهم ميشيل بلاتينى ولوران بلان وديدييه ديشامب ويورى دجوركاييف وكريستوف دوجارى وكريستيان كاريمبو، وزين الدين زيدان وإيريك كانتونا وتييرى هنرى.
إن الفريق الفرنسى يستحق البطولة، ففى خط هجومه جريزمان نجم أتلتيكو مدريد، وجيرو لاعب تشيلسى. وجناحاه عثمان ديمبلى، جناح برشلونة الإسبانى، كيليان مبابى، نجم باريس سان جيرمان، الذى تدور حوله أكبر معارك «الميركاتو»، وليمار، نجم موناكو. وفى خط الوسط كانتى وبوجبا، نجم اليونايتد، وماتويدى، لاعب يوفنتوس، وانزونزى، لاعب وسط إشبيلية، وتوليسو، نجم بايرن ميونخ. والدفاع نجمى ريال مدريد وبرشلونة، فاران، وأومتيتى، وعلى يسارهما ظهير أيسر مانشستر سيتى ميندى، ثم هافارد فى اليمين، غير كتيبة البدلاء المرعبة أيضًا.
وفرنسا تعد المنتخب الأغلى فى نهائيات كأس العالم فى روسيا، وتصل قيمة لاعبى المنتخب الفرنسى فى سوق الانتقالات حتى 1.41 مليار يورو، بينها 187 مليون يورو لكيليان مبابى الذى سينتقل هذا الصيف نهائياً من موناكو إلى باريس سان جيرمان، وتتقدم فرنسا على إنجلترا (1.39 مليار يورو) والبرازيل (1.27 مليار يورو). ولم يكن غريباً حرص الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون على التواجد فى مدرجات ملعب استاد كريستوفسكى بمدينة سان بطرسبرج، لمؤازرة منتخب بلاده أمام نظيره بلجيكا فى منافسات نصف نهائى بطولة كأس العالم 2018 بروسيا. والفرنسيون يعيشون الآن بكل جوارحهم مع منتخب فرنسا بقيادة ديديه ديشامب ليعود بالكأس إلى باريس.