عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

ارتسمت علامات الجدية والخطورة على وجه مقدم البرنامج الفضائى الذى اعتاد أن يرتدى كل يوم حلة جديدة، مع ساعة تشبهها يلوح بها فى وجوه المشاهدين كى يتأكدوا أن الوجاهة على أشدها، ثم اعتدل فى جلسته الوثيرة التى توفر له هذه الأبهة اليومية وراح يحكى. من يشاهده مثلى، سيكتشف أن هناك قطيعة بينه وبين الابتسام والمرح، وسيدرك أنه زرب اللسان، وبالغ الأعجاب بنفسه، والدليل أنه يفبرك الحكايات ويحبشها ببعض المثيرات والفيديوهات المنتزعة من سياقها ليبرهن على حكايته مع بعض علامات اندهاش ولفتات تعجب، ولا بأس بين الحين والآخر من تلعيب الحواجب التى باتت حركة لازمة من سمات مقدمى البرامج لمن هم مثله، ومن هم فى موقعه!

بدأ مقدم البرنامج يروى حكايته بثقة مفرطة فقال: جلس رئيس الدولة فى مكتبه وأخذ يفكر، كيف يتخلص من وزير دفاعه، ليخلو له الجو تماماً ويحكم منفرداً، وهداه تفكيره أن يصدر قراراً رئاسياً للمد له فى موقعه الوظيفى فترة أخرى ثم يرسله فى مهمة أمنية عالية المستوى، فتنفجر الطائرة التى تقله ويلقى حتفه فى حادث غامض من تدبير الرئيس، ويخرج رئيس الدولة إلى شعبه يذرف دموع التماسيح، ويتحصر على فقد وزير دفاعه، الذى كان قد أصدر فى الصباح قراراً بالمد له. لكن القدر كان يقف لرئيس الدولة بالمرصاد، فيفشل الحادث الغامض فى اغتيال وزير الدفاع وينجو منه سالماً!

 ولأن مقدم البرنامج هو شاعر موهوب سابق وكاتب سيناريو فاشل، لكنه أرزقى ناجح، فلم يحرص على أن يدقق معلوماته لكى يحكم روايته الركيكة الشبيهة ببعض حكاوى القهاوى، وأفلام الأكشن الضعيفة المستوى.

ولو فعل ذلك لعرف أن منصب وزير الدفاع محصن بنص الدستور الذى يحكم الدولة، ولو أنه تصفح مواد هذا الدستور لتبين له أن مدته كوزير دفاع لم تنته لكى يجدد له رئيس الدولة، ولن تنتهى سوى بعد أربع سنوات كاملة، فما الذى تبوح به تلك الحقائق؟ تبوح بما تقول به الأمثال الشعبية أن الغرض مرض، وأن الرزق يحب الخفية، وأن للارتزاق شروطاً هى الفبركة والكذب وادعاء العلم ببواطن الأمور، ونشر الشائعات وتأليفها، والدفاع عن صاحب المحل، حتى لو كان دجالاً ونصاباً ودكتاتوراً مثيراً للضحك!

وحين كذبت أنباء اليوم التالى السيناريو الفاشل الذى روج له الإعلامى الشملول من خياله المريض، لم يهتز لصاحبنا جفن، ولم يعتذر عن سقطته المهنية، بل واصل عمله اليومى المعتاد فى فبركة الموضوعات ثم تحليلها كأن شيئاً لم يكن، وحين تفتح فى تحليله ثغرة منطقية يبدو تصديقها مستحيلاً وتسقط تحليله فوق رأسه، يسارع بأن يملأها بقاموس من سباب وشتائم الحوارى، ثم ينهيها بوصلة مديح من النوع الرديء والرخيص لصاحب المحل، لأن الرزق يحب الخفية!

كان يمكن لمثل هذه الترهات، أن تحاصر ويضعف تأثيرها سواء فى الفضائيات أو محافل النميمة فى المقاهى والمنتديات، لو أن الحكمة كانت حاضرة فى التناول الرسمى للشأن العام، ولو أن الشفافية هى العقيدة السائدة التى تبنى جسوراً من الثقة بين الحاكم والمواطن، فيعرف من حاكمه أولاً بأول حقيقة ما يجرى داخل وطنه، بدلاً من أن يترك نهباً للشائعات الخارجية المغرضة التى تستهدفه وتستهدف الحاكم ، وتسعى لهدم المعبد على رؤوس الجميع، لاسيما وهو غير محصن للرد علي تلك الخرافات أو رفضها، بعد أن تعددت منابر إعلامية معادية مهمتها الوحيدة هى التشويش، بنشر الأكاذيب والقصص الملفقة، لأنها باتت تتعيش من صناعتها وترويجها.

وحتى يحدث ذلك ستظل الساحة شاغرة، يملؤها هؤلاء بحكاوى القهاوى الزاعقة والزائفة!