رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

.. هناك من حقق نجومية ساطعة فى دولة الفن وظلت هالة الاشعاع تتبعه كما ظله فى كل مكان ولكن بمجرد اختفاء صاحب هذه الهالة.. تجدها مع شديد الأسف تختفى معه أى تتبعه أيضًا إلى الظل وكأنما صاحبها لم يكن له وجود فى الحياة وبعض أهل الفن يتصورون أن التجنى على من سبقوهم من نجوم يرفع مكانتهم ويعلى من شأنهم ولكن الحقيقة الوحيدة التى يجب أن يعلمها أو يتعلمها بعض الساطعين هذه الأيام أن التطاول والتجنى والحط من شأن النوادر أمر فى الحقيقة والواقع يحط من شأن المتطاول ويسحب من رصيده ويحقر من آرائه أمام جمهور الفنون ذلك لأنه فى دولة الفنون هناك أصناف هى مثل الشمس والقمر والكواكب تسير حياتنا وتسبح فى سماء الفن حتى بعد أن يغادر دنيانا.. من هؤلاء نجيب الريحانى والكسار وعبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم حافظ.. وأما إسماعيل يس فإنه سوف يظل حالة لوحده لا يمكن أن نجد لها مثيلاً فى الكون بأسره فقد استطاع إسماعيل يس أن يتسلل إلى داخل الجلد ويسير فى الأوردة والشرايين ويسكن جدران القلب الأربعة ويعشش فى نافوخ أهل مصر وكل العرب من محيطنا إلى خليجنا وعند تحول إسماعيل يس من نجم سنيد للبطل إلى المسئول الأوحد عن العمل الفنى سواء فى السينما أو التليفزيون استطاع أن يحقق نجاحات لم يسبقها ولن يبلغها غيره سواء من الذين سبقوه أو عاصروه أو جاءوا من بعده وتحول إسماعيل يس إلى معشوق للأطفال بفضل البراءة التى كانت تتساقط من ملامح وجهه ومن نبرات الصوت الذى استعاره فى التمثيل والشخصية التى رسمها لنفسه وأصبح فى خلال أفلام معدودة هو حديث العالم العربى بأسره ومن شدة اقبال المنتجين على إسماعيل يس حدثت له كوارث كبرى بفضل انغماسه فى تصوير أكثر من عمل فى نفس الوقت وفى احيان كثيرة كان يرفع ويبالغ فى أجره ليس طمعًا فى الفلوس وتكنيزها كما يحلو لبعض النجوم هذه الأيام ولكن لكى يطفش المنتجين ويتفرغ لأقل عدد من الأعمال حتى يجيد صنع ما يقدمه لجمهوره العريض وهو ملء أمته العربية وقد أجاد إسماعيل يس فى كل شيء فى فن المنولوج وفى المسرح وفى السينما وبلغ به طغيان النجاح وجبروت العبقرية أن أسماء الأفلام لم يعد لها أى عنوان سوى اسمه وحده.

«إسماعيل يس فى البوليس» «إسماعيل يس فى الجيش» «إسماعيل يس فى المطافى» «إسماعيل يس فى البحرية» وهذا الشىء العجيب لم يحدث لأى ممثل فى أرجاء الكون الأربعة. لا فى مجال الفن ولا فى أى مجال للإبداع وتصوروا مثلاً حضراتكم أن أعظم صحفى أنجبته أمة محمد كما أطلق عليه الولد الشقى أبويا الجميل محمود السعدنى وكان قد أطلق هذا اللقب على عمى وتاج الرأس محمد حسنين هيكل، تصوروا مثلاً أن هذا الصحفى الذى ترتفع قامته على قامة الأهرامات لا يستطيع مثلاً أن يصدر جورنال أو مجلة باسم «محمد حسنين هيكل» وموسيقار الأجيال عبدالوهاب لم يقدم لنا مقطوعة موسيقية باسمه وأم كلثوم لم تقدم أغنية باسم أم كلثوم وكل العباقرة الذين توافدوا على دولة التشخيص لم يجرؤ أحد منهم أن يسمى عملاً فنيًا واحدًا باسمه.. أنا إذن أمام كيان عظيم وموهبة متفردة غير قابلة للتكرار هى فقط تصلح لكى يقلدها الآخرون ويحققوا فشلاً ذريعًا فلا يبلغون شوامخ قممها ولا يستطيعون النزول من منتصف الطريق ولا يبقى أمامهم سوى القفز فى الهواء والانتحار فنيًا.. إسماعيل يس هذا العبقرى استطاع أن يؤثر فى كل الأجيال وكل الأعمار وكل الأطفال منذ ظهر على الشاشة وحتى يومنا هذا كنا ونحن أطفال صغار إذا سألنا أحد أصدقاء الولد الشقى طيب الله ثراه.. عاوز تطلع ايه يا ابنى لما تكبر على الفور بقوله «ظابط يا عمو» لأن اسماعيل يس جعل كل الصغار يعشقون البحرية والعاملين بها من خلال هذا النسيج الفنى البالغ البساطة والصدق والظرف بلا ادعاء وعشقنا حتى العسكرى والصول والشاويش عطية وأحببنا الميرى والحياة العسكرية ورجال المطافى ونحن هنا لسنا فى صدد جمع أدلة وبراهين عن أن إسماعيل يس فنان أسهم فى قضايا بلاده والمحن التى مرت على أمته لأنه لم يصنع ذلك من اجل الدعاية أو الفشخرة ولكنه صنع ذلك إيماناً بأن كل ما حصده فى مرحلة الحياة شيئاً لا يساوى شيئاً أمام هذه المعشوقة التى ليس لها نظير فيما خلقه المولى عز وجل من بلاد.. انها البلد التى أذهلت كل من غزاها وعلمت الانجليز والفرنسيين اللهجة المصرية واجبرت بالمحبة وبالفن والمعلمة والحداقة والذكاء الفطرى كل العرب على أن يتفاهموا ويتحاوروا بلهجتها والتى كان أعظم قلعة لها ومدرس لها وحامى لها وحارس لها هم أهل دولة الفنون وعلى رأسهم العظماء من نجوم الكوميديا تحية إجلال وتقدير الى عملاق المسرح نجيب الريحانى صاحب المدرسة التى تخرج منها الكبار أجيال  وراء أجيال.. عظيم الاحترام الى المصرى البربرى العظيم على الكسار الذى انحاز الى البسطاء وكان ممثلهم فى دولة الفنون.. تحية إكبار وتعظيم سلام إلى أخطر المواهب وأعرضها وأشدها تأثيرًا فى تاريخيًا الفنى بأكمله الرجل الذى لا يزال هو معشوق كل الأطفال وكل الكبار حتى يومنا إسماعيل يس الرجل الذى قدم مجموعة أعمال عن جيش مصر فإذا به يقدم صورة حبب فيها كل المصريين للحياة فى الجيش بمختلف أفرعه وأسلحته وبالطبع شعب مصر مرتبط بذرات التراب وحبات الرمال وهو يضفى على أرضه وكل ما يرمز إلى مصر قدسية لا نظير لها والجيش هو منذ القدم منذ وحد عمنا «مينا» القطرين كان وسوف يظل هو أخطر وأعظم وأجمل الرموز.. وقد جعلنا إسماعيل يس نتمنى اللحاق بركب هذا الجيش ولم يكن كما ادعى الممثل محمد رمضان مسيئا للجيش بما قدمه من أفلام أننى وغيرى من أهلى شعرنا بإساءة بالغة إلى رمز من رموز دولة الفنون وأحد أخطر وأقوى ما نمتلك من القوة الناعمة والاعتذار يا أخ رمضان وحده لا يكفي.. وأتمنى من الله ولا يكتر على الله أن تكفر عن هذه الخطيئة بأن تقدم أعمالاً تمحو آثار ما سبق أن قدمته من أعمال على شاكلة عبده موتة وثقافة السواطير وقرن الغزال والسنج والمخرطة والكازلك وكل أدوات الضرب والطحن والنزال لعلك بعد ذلك تطول قدم إسماعيل يس.. طيب الله ثراه ولعلمك يا أخ رمضان الإنسان يمضى على الأرض مرحلة زمنية هى عمره فى الكتاب المحفوظ ولا يبقى منه بعد ذلك سوى السمعة.

وما أعطرها وأعظمها وأفخمها ما تركه «سمعة» من «سمعه».

مجرد سؤال لو لم يكن هناك أحمد زكى.. تُرى هل كنت ترى الشمس.