رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إشراقات

عجيب أمر هؤلاء الناس، العدو من أمامهم وخلفهم، على يمينهم وعلى يسارهم، يتنمر لهم ويستعد لافتراسهم، وهم عنه غافلون، عن الفلسطينيين أتحدث!

شعب عجيب، وسلطة أعجب، فالشعب وإن كان واحداً، إلا أنه واقع تحت نير سلطتين متصارعتين، مختلفتين فى كل شىء، وعلى كل شىء، دون أن يضعا فى اعتبارهم مصلحة هذا الشعب البائس!

فى ظل الحصار الذى فرضته قوات الاحتلال على المسجد الأقصى، ومنع الصلاة فيه، وسقوط الشهداء ومئات المصابين الفلسطينيين، تساءلت فى كتاباتى ولقاءاتى الإعلامية، وقلت: أرجوكم أخبرونى بحق السماء، إذا لم يتحد الفلسطينيون فى هذا الوقت الكارثى فمتى يتحدون؟!

لكن كل تساؤلاتى ذهبت أدراج الرياح، بعد أن اتضح أن الواقع أسوأ كثيراً مما نتخيل، وحجم الجراح أعمق كثيراً مما نظن.. وكمية الاختلافات بين الطرفين - فتح وحماس - أضخم من أن تجاوزها الأطراف المتصارعة!

فلا وطن يهم.. وﻻ خطر محدق يجمع.. فالصراع على الكراسي والمناصب والمغانم.. بات هو الغالب.. وهو المسيطر على كل الأطراف!!

وكأن هناك شعبان.. وليس شعباً واحداً.. فهذا شعب غزة.. وذاك شعب الضفة.. ليس بينهما أى رابط.. اللهم إلا مصمصة الشفاه!!

انقطعت بينهم شراكة النضال.. بعد أن أصبحت السلطة فى رام الله شيئاً.. والسلطة فى غزة شيئاً آخر تماماً.. لدرجة أن الإسرائيليين يكادون أن يسألوا أبومازن فى كل جلسة مباحثات ثنائية.. عن أي شعب تتحدث!!

طبعاً هدفهم واضح.. وهو إضاعة القضية.. وإضعاف المفاوض الفلسطينى.. وضرب ثقته فى نفسه.. وفى وحدة شعبه!!

باتت الخلافات الفلسطينية - الفلسطينية.. مشكلة مزمنة ومستعصية.. والخلافات كبيرة.. والهوة بين الطرفين سحيقة..

لدرجة أنك ستفاجأ أشد المفاجأة.. وستندهش أشد الاندهاش.. لو قرأت عن لقاء مرتقب.. بين محمود عباس أبومازن وخالد مشعل.. فى حين أنك لن تندهش أبداً إذا قرأت عن لقاء.. بين أبومازن ونتنياهو!!

وهذا قمة الكارثة.. وقد حذرنا كثيراً.. وقلنا يا ناس الذئب لا يأكل إلا الغنم الشاردة.. اتحدوا.. اصطفوا صفاً واحداً.. حتى ﻻ تضيع قضيتكم.. وتضيع أرضكم.. ويكفى أن نقول إن المفاوضات المصرية الإسرائيلية أثناء كامب ديفيد.. كانت على 44% من الأرض الفلسطينية تقريباً.. أما الآن فالمفاوضات تقريباً حول 11% من الأرض الفلسطينية.. بعد أن ابتلع الغول الإسرائيلي.. كل الأرض الفلسطينية.. وسعى لتهويدها ومحو هويتها من الوجود!

يعني القضية الفلسطينية، باتت فى خطر شديد، بعد أن ضاعت الجيوش العربية، واحداً وراء الآخر.. ولم يتبق إلا الجيش المصري العظيم.

كما أن القضية الفلسطينية تراجعت مكانتها.. فى قائمة الاهتمامات العربية.. ولم تعد قضية العرب الأولي.. بعد أن انشغل كل قطر عربي.. بهمه الداخلي.. وضربه وباء التقسيم.. أو بات يتهدده.. وشاعت الفتن.. وسادت الحروب الداخلية.. حتى أصبح العربي يقتل العربي.. سواء فى سوريا أو العراق أو ليبيا أو اليمن!!

كما أن إسرائيل أصبحت أكثر تغولاً.. واستغلالاً للظرف التاريخي العربي المتهاوي.. وبمساندة الحليف الاستراتيجي الدائم الولايات المتحدة الأمريكية، يعني تقريباً كل فرق العالم.. باتت تلعب لمصلحة إسرائيل. بما فيها الفرق والأطراف العربية نفسها!

كل هذه الظروف لا تدعو الفلسطينيين للوحدة، وتجاوز خلافاتهم، ونسيان أطماعهم وصراعاتهم على كراسي ومناصب وهمية لا وجود لها!

منذ سنوات، حضرت جلسة توقيع اتفاق صلح بين فتح وحماس، بمبنى المخابرات العامة المصرية، وكان حاضراً بالطبع محمود عباس أبومازن وخالد مشعل، وفوجئت بأبومازن فى لحظة صدق نادرة، يخاطب خالد مشعل ويقول له: أنا مش عارف على أى شىء نتصارع وعن أى سلطة نتنازع، وأنا وأنت لم نستطع الحضور إلى هنا، بدون ختم جوازات سفرنا بالختم الإسرائيلى اللعين؟!

وكان هذا قمة المأساة، أو قل الكوميديا السوداء، صراع على سلطة، واقتتال على كراسى لا وجود لها إلا فى خيال أصحابها!

يا سادة الوحدة الفلسطينية الآن.. باتت فرض عين.. اتحدوا قبل أن تهلكوا!