رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بالطبع يجب أن نسعد ونحتفى بالمتفوقين وبالطبع يجب أن تكون سعادتنا أكبر حينما يتفوق طلاب المدارس الحكومية والفئات الأكثر فقرًا وأصحاب الظروف الصعبة، ولكن كيف نحتفى ونفرح بشىء غير موجود فى حياة الطلبة فأين هى المدرسية الحكومية التى نحتفى ونحتفل بها ؟ وماذا تقدم لاولادنا؟ الاجابة لا شىء!! لقد استسلمت المدرسة وأصبحت مكانًا شرفيًا فقط وتنازلت عن مسؤلياتها وواجباتها للمراكز الخصوصية المنتشرة فى جميع أنحاء مصر، ولكن هل هذه المراكز، هى مراكز تعليم؟ أم هى أماكن أطلق عليها الأستاذ الدكتور سعيد توفيق (اماكن لمن يملكون حرفة الإجابة عن الامتحانات وإعداد الطالب أو الطالبة للقدرة على التحصيل البنكى فقط) أى أنها مراكز للحفظ والاستذكار وليست مراكز تعليم!! فالتعليم أشمل وأجل من مجرد حشو معلومات فقط ؟ أى أن المسألة أصبحت تقنية بحتة وأفرغت العملية التعليمية من جوهرها، وهى التنمية الشاملة .

لقد كانت إجابات الطلبة المتفوقين على بعض الأسئلة فى الإعلام متطابقة بشكل كبير لا فرق بين غنى أو فقير فى مدرسة حكومية أو خاصة، فكلهم استعان بالدروس الخصوصية وكلهم لم يذهبوا إلى المدرسة إلا فترات قليلة وبشكل غير منتظم، وكلهم كرس نفسه طوال سنة الثانوية العامة للمذاكرة فقط، أى لم يمارسوا أى أنشطة فلم يمارسوا رياضة ولم يقرأوا إلا فى مواد المنهج ولم يذهبوا إلى السينما أو يشاهدوا حتى التليفزيون، أى أنهم شباب صغار فى مرحلة الحركة والطاقة المتفجرة والتفتح حكم عليهم المجتمع والمناهج التى يدرسونها وعدم وجود مدرسة تقوم بدورها فى ممارسة وتنمية المواهب والتعاطى مع الفنون طوال العام أن ينعزلوا وأن يكبتوا كل رغبة طبيعية فى الحياة من أجل النجاح والمجموع، وبذلك يصبح كل طالب عبارة عن كمبيوتر يستقبل ولا يفكر خارج المنهج.

 حقيقة نستطيع أن نعجب بهذا الشباب المكافح القادر على كل هذه الإرادة القوية والجلد والصبر، والذى يمتلك قدرات على التحصيل والفهم غير عادية، ولكن هل هذا هو الشباب الذى يستطيع أن يفكر خارج النص وأن يعمل عقله بحرية تتجاوز المألوف؟

أليست هذه الممارسات التعليمية تكشف لنا بوضوح مشكلة التطرف والانسياق وراء الأفكار الهدامة والتى قد تبدو مثالية فتجذب إليها شبابنا ببساطة لقد أعددناهم ووهبناهم لهذا التطرف، فكيف نلوم من تربى وتعود على طريقة واحدة فى الحياة وهو التلقين دون مناقشة ودون أى فرضيات يضعها الطالب منذ دخوله المدرسة الابتدائية حتى تخرجه فى الثانوية العامة، وكيف نلوم طفلا على مناهج جامدة متعصبة  ضد آداب و فنون بعينها وضد مذاهب وحركات التجديد فى الدين الإسلامى وهى تقصى فصيلا من أبناء الوطن  من الأدب والتاريخ والعلوم الاجتماعية.

فهل من الممكن أن يدرس أولادنا -فى الفلسفة- .الدكتور زكى نجيب محمود والدكتور مراد وهبة؟ وهل من الممكن يكون- فى المنهج- روايات نجيب محفوظ وفتحى غانم وبهاء طاهر، -وفى الشعر- أمل دنقل وصلاح عبد الصبور وعماد أبو صالح، وأن يدرسوا مسرحيات الفريد فرج ولينين الرملى ومحفوظ عبد الرحمن، إن التعليم المصرى لا توجد فيه وسطية بل هو منحاز، وكيف نلوم طالبا يدرس فى بعض المواد بشكل عابر قيما مثل التسامح وقبول الآخر والمواطنة وأغلب مناهجه وأساتذته أنفسهم لا يمارسون هذه القيم، وكيف ينشأ إنسان سوى دون تنمية احترام ذاتيته وهويته الثقافية ولغته وقيمة الخاصة وبلده وبيئته التى يعيش فيها بعيدًا عن القاهرة، فكيف تتكلم المناهج عن الاختلاف دون ممارسة حقيقة فى نفس هذه المناهج ذاتها. ولأننا بلد فقير ولأن أولادنا هم ثروتنا الحقيقية فلا سبيل أمامنا غير تطوير التعليم،  فهو الطريق الوحيد للتقدم والترقى.