رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى لقاء بين الكاتب وحيد حامد والصحفى حمدى رزق بقناة «صدى البلد» حول مسلسل «الجماعة 2» ذكر السيناريست وحيد حامد أن الوفديين قد حملوا السفير البريطانى والإنجليز على الأعناق عقب «4 فبراير 42» وقد اعترف وحيد حامد بأنه لجأ للبعض لكى يساعدوه فى كتابة المسلسل.

ويبدو أن من أمده بالمعلومات المغلوطة عن حادثة 4 فبراير، ناهيك عن نبش قبور الشرفاء، قد قدم عملاً للتسلية وليس له علاقة بحقائق التاريخ، وأدعوه ومن كتب له عن هذا الحادث إلى قراءة المقال التالي:

إن تاريخ الوفد هو تاريخ الحركة الوطنية فى مصر بعد الحرب العالمية الأولى، فكلاهما مكمل للآخر.. وفى المقال السابق والذى نشر فى العدد الماضى تناولنا معاهدة 36 التى وقعها النحاس باشا فى 26 أغسطس سنة 1936... حيث كانت المعاهدة هى النتيجة الطبيعية لثورة الشعب عام 1919 واليوم نتناول حادثة 4 فبراير سنة 42.

عند التعرض لحادث 4 فبراير يجب أن نذكر الملابسات الدولية والداخلية التى أحاطت بهذا الحدث فقد كانت الحرب العالمية الثانية على أشدها وأنزل الألمان بالإنجليز هزائم متلاحقة على جبهة القتال بشمال أفريقيا حتى إن القيادة الإنجليزية للجيش الثامن تغيرت ثلاث مرات لمحاولة وقف زحف الألمان بقيادة المارشال روميل إلى الاسكندرية، وقامت المظاهرات ضد الإنجليز تطالب روميل بالتقدم للاستيلاء على الاسكندرية أملاً فى أن يخلصهم من الاحتلال الإنجليزى.

وكان هناك تياران داخل القصر الملكى أولهما تيار على ماهر ويشايع الألمان ضد الإنجليز.. وثانيهما تيار أحمد حسنين رئيس الديوان الملكى ويشايع الإنجليز ضد الألمان ويطالب بقيام حكومة قومية تكون عنصرًا للاستقرار السياسى فى الظروف القائمة وكذلك كرهًا فى على ماهر وسد الطريق عليه لكى لا يؤلف الوزارة والتى سوف تكون موالية للألمان بلا شك.

كذلك كان هناك موقف السير مايلز لامبسون المعتمد البريطانى فى مصر فى مساندة حسين سرى رئيس الوزراء ضد على ماهر، ولكن بعد مظاهرات يومي 1 و2 فبراير ضد رئيس الوزراء والمطالبة بتقدم روميل غيَّر السفير البريطانى رأيه ونادى بتأليف وزارة قومية ليقطع الطريق على علي ماهر.

أما موقف الملك فاروق فكان مواليًا لدول المحور وحينما تنامى إلى علم السفير البريطانى أن على ماهر سوف يشكل الوزارة طلب مقابلة الملك فاروق وفى الساعة الواحدة ظهر يوم 2 فبراير سنة 42 طالبه بالآتى:

1ـ تشكيل وزارة تلتزم بتنفيذ بنود معاهدة 36.

2ـ أن تكون هذه الوزارة قومية وتحظى بتأييد شعبى كافٍ لتأمين الجبهة الداخلية وقت الحرب.

3ـ استدعاء النحاس باشا بصفته زعيم حزب الأغلبية للتشاور معه لتأليف الوزارة الجديدة.

4ـ أن يتم ذلك قبل ظهر يوم 3 فبراير.

5ـ أن يتحمل الملك المسئولية عما قد يحدث من اضطرابات فيما بعد.

كذلك أرسل السفير البريطانى رسالة إلى النحاس باشا عن طريق أمين عثمان فى يوم 3 فبراير يطالبه فيها بتأليف حكومة قومية.. وقد رفض النحاس باشا طلب السفير بتأليف حكومة قومية فى نفس اليوم 3 فبراير.

وقد جرت الأحداث بسرعة على النحو التالى:

فى الساعة السابعة بعد ظهر يوم 3 فبراير استدعى سير مايلز لامبسون أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى وأبلغه بضرورة أن يستدعى الملك النحاس باشا لتأليف وزارة وفدية بعد أن رفض النحاس تأليف حكومة قومية.

وفى الساعة الثامنة مساء يوم 3 فبراير رفض النحاس طلب الملك بتأليف حكومة قومية، وعلى ذلك يتضح أن النحاس باشا قد رفض مطلب السفير البريطانى، وكذلك طلب الملك فاروق بتأليف وزارة قومية.. وأصر على تأليف وزارة وفدية خالصة.. وهذا هو مطلبه الخاص وليس انصياعاً لأمر الملك أو السفير البريطانى.

فى صباح يوم 4 فبراير عقد السفير البريطانى مجلس حرب.. وتم اتخاذ قرار بأنه إن لم يرِد رد إيجابى من الملك قبل الساعة السادسة مساء فإنه سيحضر لمقابلة الملك ومعه القائد العام للقوات البريطانية فى مصر.. ولكن الملك لم يرد مما جعل السفير يرسل للملك الإنذار التالى: «إذا لم أعلم قبل الساعة السادسة مساء بأن الملك قد استدعى النحاس باشا لتأليف الوزارة فإن على الملك أن يتحمل تبعات ذلك».

وعلى أثر ذلك الإنذار دعا الملك رؤساء الأحزاب ورؤساء الوزارات السابقين وأعضاء هيئة مفاوضات عام 36 ورئيسى مجلسى الشيوخ والنواب للاجتماع بقصر عابدين فى الساعة الرابعة من ظهر يوم 4 فبرير، مبدياً استعداده للتضحية بعرشه وشخصه فى سبيل المصلحة العامة للبلاد.

وقد اتفق الحاضرون على رفض الإنذار البريطانى ووقع النحاس باشا معهم على ذلك، ولكنه نبههم إلى جدية الإنذار وخطورة رفضه وما سوف يترتب عليه من أخطار، وكذلك رفضه لتشكيل حكومة قومية.. وتمسكه بتشكيل حكومة وفدية خالصة حتى لا يتكرر الخطأ الذى وقع فيه فى عامى 28 و41 بالاشتراك فى حكومة ائتلافية ولأن الحالة الاقتصادية التى تمر بها البلاد كانت سيئة ويستدعى الأمر وجود حكومة متآلفة ليسهل التعاون فيما بينهم، وكذلك تأمين ظهره ضد نشاط موالٍ للمحور داخل القصر.

فهل كان على النحاس باشا أن يرفض الفرصة التى تهيأت للشعب ليسترد حريته وإرادته لمجرد أن هذه الفرصة تهيأت بفضل الإنذار البريطانى الذى كان فى الأصل موجهاً ضد القصر الذى كان يعمل لصالح دول المحور ومتربصاً بالمعسكر الديمقراطى الذى يقوده الوفد. وعلى ذلك ففى الساعة السابعة مساء 4 فبراير حضر المندوب السامى البريطانى إلى قصر عابدين ومعه وثيقة التنازل عن العرش إذا لم يعين الملك النحاس باشا رئيساً للوزارة وحاصرت الدبابات البريطانية قصر عابدين وكان ضمن وثيقة التنازل تعيين الأمير محمد على أو الخديو عباس حلمى الثانى وصياً على العرش.. إزاء ذلك طلب الملك من السفير مهلة لمدة ساعتين ليتدبر أمره، وفى النهاية رفض فاروق التنازل عن العرش ليس حباً فى أن يتولى النحاس باشا تأليف الوزارة لكن لسببين:

أولهما: أن يظهر النحاس باشا أمام الرأى العام بأنه تولى الوزارة بناء على رغبة الإنجليز.

وثانيهما: أن يبدو فاروق كأنه ضحية اعتداء جسيم من جانب الإنجليز، ولكن الحقيقة أن الملك رضخ لمطالب الإنجليز حفاظاً على عرشه.

كذلك كانت رغبة الإنجليز أن يتولى النحاس تشكيل الوزارة ليس حباً فى النحاس والوفد.. لكن كى يقطعوا الطريق على علي ماهر لكى لا يشكل وزارة ممالئة للمحور فى وقت كانت الحرب تمر بمرحلة حرجة بالنسبة لبريطانيا.

وقد عارض رجال الأحزاب قبول النحاس لتأليف وزارة وفدية بسبب أنهم لم يشتركوا فيها علماً بأنهم قد وافقوا جميعاً على الاشتراك فى حكومة قومية يرأسها النحاس باشا.

وفى الساعة التاسعة من مساء يوم 4 فبراير حضر السفير البريطانى لمقابلة فاروق بخصوص طلب واحد هو التنازل عن العرش وليس لإسناد الوزارة للنحاس، وعلى ذلك رفض فاروق التنازل عن العرش للأسباب التى ذكرت سابقاً واستدعى الملك النحاس باشا لتأليف الوزارة.

ويتضح مما سبق أن قبول النحاس باشا لتأليف الوزارة تم بناء على أمر الملك فاروق وليس بناء على أمر السفير البريطانى، كذلك يجدر بالذكر أن نشير إلى أن النحاس باشا قد رفض فى بادئ الأمر طلب الملك بتشكيل الوزارة، حيث إنه قد وقع مع الموقعين على رفض الإنذار البريطانى ولكن الملك أصر عدة مرات أمام الحاضرين وقال للنحاس بلهجة حاسمة «إنى أكلفك بتشكيل الوزارة وإن الأمر بيدى وحدى وليس بيد أحد غيرى».

وحينما نزل النحاس باشا على رغبة الملك صاح أحمد ماهر أن النحاس قبل تأليف الوزارة على أسنة رماح الإنجليز، فعنفه الملك تعنيفاً شديداً وقال للنحاس باشا: إنك الوطنى الوحيد الذى يصلح لتشكيل الوزارة، وإن قبولك الحكم تضحية منك نضعها إلى جانب تضحياتك السابقة التى يعرفها الجميع.

 عضو الهيئة العليا للوفد