رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 


لمن يتصور وهما أن التاريخ قد مات وأنه لاصلة بين اليوم والأمس القريب أو البعيد ننقل له مشاهد حيه لازالت تتنفس وتنبض بالحكمة والموعظة لمن يريد أن يتعظ ويحترم قوانين التاريخ .. هذه المشاهد الحيه أنقلها من كتاب الأستاذ الدكتور عبد العزيز صالح الأب الروحي لأساتذة تاريخ مصر القديمة .. يحكي كتاب " حضارة مصر القديمة واثارها " قصة  حكيم مصري أسماه المصريون قبل اربعة الاف ومائة سنه " اييوور العجوز " وحكاية هذا الرجل انه عاصر حكم الفرعون " بيبي"  الذي حكم اطول فترة في التاريخ السياسي كله حتى اليوم - حكم مصر تسعين عاما - وفي نهاية فترة حكمه انتشرت في البلاد المفاسد وانهارت الاوضاع الاقتصادية وعاني المصريون من الغلاء وندرة الموارد واستضعاف دول الجوار لهم .. حكايات الحكيم والمؤرخ العجوز اييوور مودعه بمتحف " ليدن " ببريطانيا باسم بردية ليدن ، وقد نقلت اليه عام 1828 .. كان اييوور مصلحا مدركا لمفاسد عصره وقد صور ثورة عارمة ضد الاوضاع السياسية والاجتماعية في عصره ويفهم من حديثه انها بدأت من العاصمة وامتدت الي الأقاليم وانه قد صحبها شيء من العنف في البداية .. ويقول إييوور " تعاون علي اشعال هذه الثوره العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فالدولة في مجملها قد ولت عنها هيبتها وهبطت الي مستوى من الضعف اصبحت معه - كما قال - في طريقها الي أن تصب الماء لغيرها - والأجانب الذين كانوا يخشونها والذين عرف الشعب تفاهتهم أصبحوا يقولون لن تستطيع مصر أن تأتي شيئا - فالرمال المحيطة بها هي كل حمايتها " وتعرضت لهجمات من بدو الشمال الشرقي عبر سيناء .. وتستمر حكايات اييوور العجوز ويصف ماتعرضت له مصر من أطماع من خارج حدودها نتيجة لضعف حالها بالداخل فيقول ( عجزت الدولة عن صد هجرات البدو فتجاوزا حدودها وتسربوا الي أراضي الدلتا وشاركوا المصريين معايشهم واعتبروا انفسهم من اصحاب البلاد .. وعلي ايديهم تخربت الأقاليم وأصبح الأجانب مصريين في كل مكان وأصبح المصريون أغرابا وأهملوا جانبا "  ومن أبدع ما صور اييوور العجوز وصفه لحال الناس كما رآهم وعايش مأساتهم في ظل ضعف الدولة  إذ يقول " الناس كانوا رجالا ثلاثه - رجل يعلم ماحدث ويوافق عليه ، ورجل يجهل تماما ، وثالثا علم بما حدث ولكنه لايدري إن كان خيرا أم شرا .. لقد كره بعض الناس دنياهم وآثروا الانتحار ، سواء لضياع حقوقهم القديمه ، أو لأسفهم عما أصاب المعابد والمقابر أو لأسفهم عما أصاب بلدهم من اضطراب لم يعرفوا علاجه . وعبر اييوور عن رأيهم بقوله " ولى وانقضى ما شهده الأمس وبقيت الأرض لسوء حظها ، ألا ليت ذلك يكون نهاية الناس فلا يحدث حمل ولا ولاده وتهدأ الأرض من الضجيج . وقال " أصبح الكبير والصغير يتمنى الفناء وأصبح الأطفال الصغار يقولون ليت آباءنا لم يهبونا الحياه .. وقال " غصت التماسيح بما أصبحت تقتنصه بعد أن ذهب اليها الناس من تلقاء أنفسهم  .. " وبرغم هذا الوصف المؤلم لمأساة المصريين قبل أكثر من أربعة الاف عام إلا أن الحكيم العجوز يرى لثورة المصريين علي أوضاعهم رغم فشلها ايجابيات مهمه .. يقول في ذلك " لقد استثارت الثورة نوعا من الوعي القومي لدى المفكرين الذين عز عليهم عجزهم عن دفع البلاء عن وطنهم ، وعز عليهم انهم لم يتنبهوا الي بوار الخطر ويتلافوها "  ومن أروع ماورد ببردية ليدن للحكيم العجوز اييوور حديثه مع الملك عن احوال البلاد وبطانة السوء من حوله فيقول " كان من الممكن أن يرتاح قلب الملك لو بلغته الحقيقه - فكل بلد أجنبيه تجرأت علينا - إنك تأمر أمرا فيجاب عليك بإجابات شتى وإذا أحب إنسان كره آخر ، ومن معك قله علي كل جانب ، وربما أردت أن تفعل شيئا ما ولكن مايروى لك هو الزرو ، فالبلاد تشتعل والناس أهلكوا .." وفي الأخير تظل صرخة الفلاح الفصيح " خون إنبو " هي لحن الزمن وعمارته الباقيه بالنفوس حين صاح بوجه الجلاد " تضربني وتنهب متاعي وتوقف الشكوى علي لساني "

[email protected]