عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى يحدث التقدم تكون البداية بتحديد أصل التخلف ومسبباته الحالية، والأهم أن نعترف به وبأنه شىء ملموس يمكن قياسه وتعريفه بالنظر للآخرين ممن تقدموا عنا لنرى المسافة أو الفجوة بيننا وبينهم، والأهم أن نحدد هل تحول التخلف إلى ظاهرة عامة فى كل مجالات الحياة؟.. هذا الكلام للدكتور محمد كمال مصطفى استشارى إدارة وتنمية الموارد البشرية فى كتابه " ثقافة التقدم.. المشكلة والحل " الصادر عن مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية - والحقيقة أنه بحكم معرفتى بالمؤلف فالرجل أفنى عمره فى البحث والدراسة بين معنيين محددين - التقدم والتخلف - وبينهما يدرس حركة البشر ومسببات تطورهم أو تخلفهم.

 ويجيب المؤلف على سؤال محورى - لماذا يحدث التخلف؟ يقول.. تتعدد الأسباب لكن المدخل للتخلف واحد وهو انخفاض الانتاجية للقطاعات الاقتصادية والخدمية فى المجتمع عن مثيلاتها فى المجتمعات الأخرى وأن ذلك هو بداية الدخول فى نفق التخلف المظلم.. وقد استوقفنى كقارئ تعبير «وصفة التقدم» وان لكل مجتمع وأحيانا لكل منظمة وصفة للتقدم - وحسب رأى المؤلف - فإن أساس ثقافة التقدم عند الصينيين كانت طفلا واحدا للأسرة، وعند الاوروبيين فإن ثقافة التقدم أساسها حرية السوق، وأعتقد أن هذا الرأى يحتاج لبعض المراجعة والبحث إذا اتفقنا على أن روافد ثقافة التقدم متنوعة ومتعددة واذا كانت الصين قد تقدمت بسياسة الطفل الواحد فإن هذا لم يغير من حقيقة ان الصين خمس العالم بسكانها - كذلك الأوروبيين ان كانوا تقدموا بحرية السوق فإنهم بدءوا رحلة تقدمهم قبل وجود مايعرف بالسوق الحر.

ومن الطروحات القيمة بكتاب الدكتور محمد كمال مصطفى - ثقافة التقدم.. المشكلة والحل - ما يتعلق بكون المعرفة هى الأساس والركيزه لأى تقدم، وأنه حسب تعبير ابن رشد - لاسلطان على العقل الا العقل وهى المقولة - كما يقول المؤلف - التى قادت أوروبا إلى عصور التنوير، وهى دعوى لانطلاق العقل لانتاج المعرفة دون قيود. وفى الفصل الثانى من كتابه يتناول المؤلف العلاقة بين الثقافة والمعرفة ويلخص رأيه بالقول بأن أهم مظاهر العلاقة بين الثقافة والمعرفة هو الوعى والادراك، وهناك اجماع على أن المعرفة تبدأ بإدراك الواقع وما به من فرص متاحة وممكنه أو مخاطر متوقعة ومحتملة.. وقد توقفت فى الفصل الثالث للكتاب أمام رأى المؤلف فيما يتعلق بثقافة القيادة، وقد حكم من البداية بأن القيادة ليست هى الأساس الوحيد للتقدم باعتبارها أحد مكونات الدولة وليست مكونها الأوحد - ولكنه بعد سطور قليلة من حكمه يقول «القيادة ببساطة هى المسئولية المطلقة عن تحقيق الأهداف وتحقيق الرؤية واحداث التحولات النوعية للتجمعات البشرية أيا كان مجالها وطبيعتها - دولة أو منظمة» وأعتقد أن هذا الرأى هو الأصوب والذى يجعل الرأى السابق له والذى يعتبر القيادة ليست هى المسئولة وحدها عن التقدم رأيا بحاجة لتعديل.. ولعل الفصل الأخير من الكتاب هو الأكثر فضولا للتفكير والتأمل وهو الخاص بمعوقات ثقافة التقدم والذى يبدأ بتعريف ثقافة الفقر بأنها من أكثر معوقات ثقافة التقدم لأنها ترتبط بضيق الأفق والسطحية لكونها ثقافة ترتبط بفقر الفكر والاحجام عن الفعل والانجاز. أهمية طرح فكرة ثقافة التقدم فى كتاب كالذى بين أيدينا أنها تأتى فى وقت ضلت فيه مصر الطريق للتقدم وربما مالم يقترب منه المؤلف فى كتابه أن السلطة التى حكمت مصر منذ ما يقرب من سبعة عقود هى أشبه بنظام سياسى واحد رغم تغير رأسها أكثر من مرة، وهو نظام يفتقر لثقافة التقدم التى أساسها بالنسبة لمؤسسات الحكم - الديمقراطية ورشادة المقاصد وتداول السلطة المنظمة والتخطيط المستدام واحترام إرادة الناس وصون كرامتهم..