رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

فى ليلة من ليالى الأسبوع الماضى وتحديدًا يوم الخميس الماضى، توجهت إلى دار الأوبرا لحضور حفل موسيقى أقيم تكريماً للشاعر الكبير سيد حجاب، الذى رحل عن الدنيا مؤخراً. وعادة ما أقطع المسافة من بيتى فى حى المهندسين إلى دار الأوبرا فى نحو ثلاثين دقيقة. إلا أن الشوارع بدت شبه خالية فى تلك الليلة، فلم تزد الرحلة على عشر دقائق. وقد سعدت ومن كانوا برفقتى بهذه الانسيابية غير المعتادة فى المرور، والذى بات أحد منغصات الحياة لساكنى مدينة القاهرة الكبرى وضواحيها.

دخلنا إلى ساحة انتظار السيارات بدار الأوبرا، وإذا بها على غير العادة مليئة عن آخرها، وهو أيضًا مشهد غير معتاد نظراً لاتساع الساحة بحيث تستوعب رواد الدار وغيرهم من رواد الأنشطة الأخرى التى تجرى فى نفس المجمع، مثل مسرح الهناجر. وضاعت الدقائق المكتسبة من الشوارع الخالية، وفوقها الدقائق الاحتياطية التى تتيح لنا الوصول إلى صالة العرض قبل رفع الستار، الذى لا يسمح لأحد بالدخول بعده. وهى من التقاليد الراسخة فى دار الأوبرا، مثلها مثل ارتداء الرجال ربطة العنق. وقد عرفنا فيما بعد، أن سر هذا التكدس فى ساحة الانتظار يكمن فى منع رجال المرور أى انتظار للسيارات فى الشوارع المحيطة لدار الأوبرا وذلك ضمن الإجراءات المتخذة بمناسبة زيارة قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية لمصر. وهو ما فسر أيضًا سر الشوارع الخالية، فمع منع انتظار السيارات فى غير الأماكن المصرح بها، انزاحت من على صدر شوارع العاصمة، الغمة التى تجثم فوقه، والتى تمنع الأكسجين من النفاذ إلى شرايينه وأوردته.

ومع قليل من الصبر، وبمساعدة من نصبوا أنفسهم سريعاً منادين للسيارات تمكنا من العثور على مكان لسيارتنا واللحاق بالعرض الممتع الذى قدمته الفرقة القومية العربية للموسيقى بقيادة المايسترو حازم القصبجى وحوى باقة رائعة من أشعار سيد حجاب وألحاناً مجموعة مميزة من الموسيقيين، وبينهم ميشيل المصرى وعمار الشريعى وبليغ حمدى وياسر عبدالرحمن. وكان نجما الحفل من المطربين على الحجار وحنان ماضى.

كذلك قدم الحفل الطفلة حور تامر، التى غنت من ألحان عمار الشريعى أغنية حبيبتى من ضفايرها فأبدعت واستقبلها الجمهور بحماس كبير، وسوف يكون لها شأن كبير فى عالم الغناء. فتحية لدار الأوبرا ولرئيستها الدكتورة إيناس عبدالدايم على رعايتها للفن الراقى وللبراعم الصغيرة من المواهب الواعدة التى ستصنع مستقبل الغناء والطرب فى مصر.

ومثلما ذهبنا إلى الأوبرا فى دقائق معدودة، عدنا منها فى دقائق أقل. وقد أكد لى ذلك ما كنت أعتقده سابقا من أن سر نكبة المرور فى مصر ترجع أساساً إلى عدم وجود جراجات وأماكن انتظار كافية لاستيعاب السيارات التى تزداد عدداً، بينما أماكن الانتظار آخذة فى التناقص مع تحويلها إلى محال تجارية وبوتيكات. وقد تذكرت تجربتى فى اليابان وكيف أننى لم أتمكن من إتمام إجراءات شراء سيارة من قبل أن أتعاقد على استئجار مكان انتظار قريب من البيت لها، فهذا هو القانون الذى يطبق بكل صرامة فى طوكيو كما تطبق قوانين منع الانتظار فى غير الأماكن المخصصة. وهذا هو سر انسيابية المرور فى شوارعها الضيقة بنفس كفاءة المرور فى شوارعها الرئيسيّة والعريضة. وهذا هو سر تمكن أوتوبيسات العاصمة اليابانية من الالتزام بمواعيدها المقررة سلفاً بالدقيقة والثانية. ومن المدهش أن تجد مثل هذا الالتزام فى عاصمة كبيرة ومزدحمة مثل طوكيو، ولكنه الانضباط اليابانى النابع من الالتزام بتطبيق القوانين والسعى نحو إيجاد الحلول العملية والعلمية لكل المشاكل التى يعانى منها المجتمع، فهل تلهمنا زيارة البابا لحل مشكلة المرور. نتمنى ذلك.