رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

«نحن أبناء العجز والإهمال والتردى كلنا فاسدون.. كلنا فاسدون، لا أستثنى أحدًا، حتى الصمت العاجز الموافق قليل الحيلة» تطن فى أذنى دوماً تلك الجملة القاسية التى تلخص كل حياتنا المصرية، قالها الفنان الراحل أحمد زكى كمحامٍ فاسد فى فيلم «ضد الحكومة»، نعم يا سادة نحن فاسدون حتى النخاع «إلا من رحم ربى» درءاً للقضايا، التى يمكن أن تثار ضدى التى لها محترفوها أيضاً، فاسدون حين نمارس مسئولياتنا بعشوائية بلا تخطيط أو تقنية أو رؤية مستقبلية، فاسدون كما سبق وقلت حين نبنى ثم نهدم ما بنيناه لنصلح عطباً وخللاً تجاوزناه سهواً أو عمداً فى شبكات الخدمات والمرافق، ولنستنزف موازنة الدولة الخربة، فاسدون لأننا نخرب المؤسسات التى تؤكلنا عيشاً ولا نعمل إلا بضع دقائق فى اليوم، ويعاند بعضنا بعضاً فى الكسل والإهمال.

فاسدون حين نتربع خلف نوافذ خدمات الجمهور ونعقد أمورهم بلا مبرر عسى أن يدفعوا شيئاً أو نساومهم على مصلحة لديهم مقابل قضاء مصالحتهم، فاسدون حين تمتد الأيادى فى كل جهة لتحصل على الرشوة كبيرها أو صغيرها فى صورة الإكرامية والشاى بدءاً من استخراج شهادة الميلاد مروراً بشهادات النجاح ورخص القيادة ورخص المبانى، وأى رخصة أو تصريح أو أى محرر رسمى فى كل اتجاه وصولاً إلى شهادة الوفاة.

فاسدون حين يتجاوز و«يطنش» أى مسئول للتفتيش عن التموين والرقابة على الأسواق وكل مفتش أو رقابى فى مجاله مقابل حفنة جنيهات، ليتغاضى عن دوره وليترك الجشعين وتجار الأقوات يعيثون فى حياتنا فساداً، ويشعلون جيوبنا ناراً وينشرون الأمراض بأطعمتهم الفاسدة على كل شكل ولون وبأسعار جنونية.

فاسدون حين يتخلى المعلم عن دوره فى المدرسة ويثرى من الدروس الخصوصية تماشياً مع سياسة الفساد والنهب العام، وحين يتخلى الطبيب عن قسمه ويحول مهنته إلى تجارة فى المرضى وتجارة فى الأعضاء وتجارة فى الموت عبر أدوية خاطئة قدمها للمرضى بلا ضمير، فاسدون حين يتخلى المحامى عن شرف مهنته ويتحايل ويتلاعب بالقانون ويستغل ثغراته لصالح الفسدة والمجرمين ولصوص كل شىء حتى الأعراض، فاسدون حين نسرق أراضى الدولة ونبنى عليها ونحصل على المياه والكهرباء وكافة الخدمات بالرشوة والمحسوبية لنسرق أموال الدولة، ونشترى ذمم رجال الدولة.

فاسدون حين نجرف أراضينا ونعلى عليها البنيان ونقتل ثروتنا الزراعية لنمد أيدينا للخارج نستورد طعامنا بمليارات الدولارات، فاسدون حين نترك كل ثرواتنا من خامات المعادن والمحاجر تباع بتراب «الفلوس» للشركات الأجنبية ولتعود إلينا فى منتجات بملايين الدولارات.

فاسدون حين نهمش عقولنا البشرية ونستورد عقولاً وخبراء من الخارج ليكتشفوا لنا النفط والغاز، ويضيعوا على شركاتنا الوطنية مكاسب بالمليارات، حين نكهن الماكينات والآلات «الشغالة» بمخازن شركات القطاع العام لنستورد غيرها مقابل عمولات سرية  ونوقف عجلات الإنتاج لصالح مستوردين، ونشرد عمالنا ونخرب بيوتهم لمصلحة حفنة من المنتفعين من رجالات المال والأعمال والوسطاء، فاسدون حين نطبل ونزمر فى إعلامنا لإنجازات وهمية و«نصور» زهوراً تم «رصها» قبل زيارة المسئولين ونسجل فرحة مأجورة على وجوه المستقبلين، وحين تنتهى زفة «الوهم»، تعود القذارة للشوارع والمدينة ولضمائرنا، فاسدون حين تطلب الحماية من الشرطة فتجد الإهانة وتتحول من مجنى عليك إلى مدافع عن كرامتك، ويطلب منك أحدهم قبول مساومة من سرق سيارتك أو بيتك لتستعيد ما سرقه.

نعم فاسدون «إلا من رحم ربى» على كل المستويات فلا نعلق شماعاتنا على أحد، وعلى كل منا علاج فساد نفسه عسى أن يصلح المجتمع وصدق الله العظيم «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِى عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ».. وللحديث بقية.

[email protected]