رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

أحداث كثيرة وذكريات متعاقبة تمتلئ بها الحياة وتظل ذكرى يوم ١٩مارس ١٩٨٩ عالقة بالأذهان، فهو أحد الأيام التاريخية الذى يضاف إلى انتصارات السادس من أكتوبر ١٩٧٣ لتكريم الإرادة المصرية الصلبة والصمود البطولى، بل هو عيد للوفاء والاعتراف لكل من بذل دمه وروحه من أجل بلوغ الهدف والوصول إلى هذه النهاية المشرفة لصراع دام طويلاً ليجبر إسرائيل لأول مرة فى تاريخها على الانسحاب من كل شبر فى أرض سيناء.

ففى مثل هذا اليوم رفع العلم المصرى على طابا والتى كانت آخر بقعة من الأرض المصرية التى تم استردادها، وأصبح هذا التاريخ هو العيد القومى لمحافظة جنوب سيناء. وفى تصورى أن أهم درس من معركة استرداد طابا أنه لا يضيع حق وراءه مطالب، أنه لا يكفى أن تكون صاحب حق.. بل يجب أن تحسن الدفاع عنه وبالأسلوب الذى يفهمه الآخرون وأن تتسلح بعناصر القوة الاقتصادية والقانونية والعسكرية، ثم الاعتماد على الخبراء والمتخصصين إلى جانب ضرورة معرفة الخصم وطرق مناوراته والحد الأقصى الذى قد يصل إليه والحد الأدنى الذى لا يمكن تجاوزه، وأخيرًا حسن إدارة الأزمات وإيجاد التجانس بين فريق العمل الذى يتشكل من عقليات مختلفة تجتمع على الوازع الوطنى من أجل الوصول إلى الهدف فجاءت ملحمة استرداد طابا تأكيدًا لقدرة الإرادة المصرية على صيانة التراب المصرى وعدم الخضوع للمزايدات التى كان لا يمكن الانسياق إليها والدخول فى متاهات تعرقل عودة هذا الجزء الغالى من أرض الوطن.

والآن وبعد مرور ٢٨ سنة على ملحمة استعادة طابا والتى فرضت نفسها على الوجدان المصرى القومى، فرغم أن مساحة طابا تتجاوز الألف متر بأمتار قليلة، إلا أن الدولة المصرية أثبتت ومازالت تثبت للعالم أجمع أن من أول مبادئها الحفاظ على كل حبة رمل أو شبر أو حفنة من تراب ولا تقبل التجزئة أو المساومة على أراضيها فجاءت عودة طابا حدثًا تاريخيًا يمثل انتصارًا فريدًا فى تاريخ مصر المجيد.

أما الدرس الثانى فإنه أصبح الجميع الآن يدرك قيمة الأرض والوطن، من كان يصدق أن شعوبنا التى انتفضت يومًا ضد الاستعمار وسقط آلاف الشهداء والضحايا دفاعًا عن الأرض والكرامة سوف تجد نفسها بعد عشرات السنين أمام هذه الحشود التى دمرت نفسها من الداخل، من كان يصدق أن تشهد الشعوب العربية كل هذه الانهيارات التى اجتاحت أكثر من بلد عربى وأصبح الملايين من البشر بلا أرض أو وطن أو هويه، هؤلاء الملايين من اللاجئين الذين انتشروا فى ربوع الأرض يبحثون عن ملجأ وملاذ بعد أن دمرت الحروب الأهلية ديارهم وشردت أهليهم واستباحت دماءهم.

ويحضرنى هنا ما قال أمير الشعراء:

قد يهون العمر إلا ساعة        وتهون الأرض إلا موضعا.. إلا طابا