رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 لعل فى السيرة الكفاحية للشهيد باسل الأعرج خير وسيلة إيضاح، عما وصلت إليه القضية الفلسطينية، وما انزلقت إليه سلطة الحكم الإدارى الذاتى الفلسطينى المحدود فى الضفة الغربية.

 هذه السلطة لم تكتفِ بأنها تركت قوات الاحتلال الإسرائيلى تغتال باسل الأعرج (6/3)، بينما أجهزة أمن السلطة سهَلت لتلك القوات أمر الوصول إلى باسل، وهى الأجهزة نفسها التى مارست أبشع أنواع القمع، وأشرسها، ضد المسيرة التى خرجت فى رام الله، احتجاجًا على تقديم الشهيد باسل للمحاكمة، بتهمة حيازة بندقية! وهل يمكن لحركة تحرر وطنى أن تُحاكم أيًا من أفرادها على امتلاك سلاح؟! وهل سنتمكن من هزيمة العدو بدعاء الوالديْن، وإظهار حُسن النية تجاه هذا العدو؟!

 هذا كله يحدث، بينما احتج مؤتمر استانبول، الشهر الماضى، على تهميش فلسطينيى الخارج من قِبل رئاسة الحكم الذاتى، فيما همَّش القائمون على المؤتمر الفلسطينيين فى بعض دول اللجوء، من بينها مصر!

 لكن هذا ليست المشكلة؛ فالمؤتمرون فى استانبول «غمَّسوا خارج الطبق»، كما يقول المثل الدارج فى بلاد الشام، وأخطأوا تشخيص حالة القضية الفلسطينية!

 الذى حدث خروج صريح على برنامج الإجماع الوطنى الفلسطينى، الذى يضع«تحرير فلسطين» هدفًا استراتيجيًا له. وإلى ما قبل نحو أربعة عقود ونصف العقد، كانت قيادة « فتح»- التى تترأس السلطة منذ كانت قبل نحو ربع قرن- تُصر على أن ذاك التحرير لن يتم إلا بالكفاح المسلح، وحده! مستغنية عن بقية أشكال الكفاح، مؤثِّمة كل من يطالب بـ«شتى أشكال الكفاح»! أما من دعا إلى قليل من الذكاء السياسى، بالمطالبة بتطبيق قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين، فكانت تلك القيادة لا تتورع عن اتهامه بالخيانة الوطنية!

 عشنا وشفنا، القيادة نفسها تتهم بالجنون كل من لا يزال يتمسك بتحرير فلسطين، وترى فى التفريط مرونة، وفى الصمود تعنتًا، وتتحمس للمفاوضات مع عدو، يختل ميزان القوى لصالحه، بينما تقطع البديهيات بأن أى مفاوضات إنما تعكس ميزان القوى بين الطرفين، ما يجعل الضعيف فى هذا الميزان أمام ممر إجبارى، قوامه التنازلات المجانية، كتلك التى استمر مفاوض السلطة على تقديمها فوق مائدة المفاوضات مع العدو الإسرائيلى.

 وبعد، فلا أجد هنا خيرًا مما سبق أن قاله الأديب الروسى، ذائع الصيت، تولستوى، قبل ما يربو قليلاً على القرن: «إن راحة الضمير حيال واقع كالذى نعيشه، غدت نوعًا من النذالة»!