رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

إن تولى امرأة منصب محافظ، لأول مرة، فى مصر، مناسبة ليست عادية، ولا يجب أن تمر مرور الكرام، فهى من القرارات الفريدة التى تشبه قرار الرئيس جمال عبدالناصر بتعيين الدكتورة حكمت أبوزيد وزيرة للدولة للشئون الاجتماعية لتصبح بذلك أول امرأة مصرية تتولى منصب وزيرة، وثانى سيدة فى العالم العربى تتولى هذا المنصب بعد الدكتورة نزيهة الدليمى العراقية!

وعادة، مثل هذه القرارات تكون مؤشراً على حالة المجتمع، وليس على احتياجه فقط، حيث إنها تكون بمثابة جس نبض لمدى صحة هذا المجتمع أو مرضه، وتشبه إلى حد قريب زراعة عضو جديد فى الجسم.. فبرغم حاجة الجسم الشديدة لهذا العضو، فإن قبوله يعتمد على مدى قوة الجسم الصحية وحالة جيناته وموروثاته لرفض هذا العضو الجديد أو قبوله!

ورغم ما يقال عن الحرية والديمقراطية قبل ثورة يوليو 52، وعن مدى تفتح المجتمع وتحضره، خاصة مجتمع النخبة من السياسيين والمفكرين والأدباء والفنانين.. إلا أنه لم يحدث أن تجرأ رئيس وزراء واحد قبل يوليو، وقرر تعيين امرأة فى منصب وزير أو محافظ مع أن كلهم كانوا من الباشوات الذين تعلم معظمهم فى بريطانيا وفرنسا ويتكلمون أكثر من لغة ويرتدون السموكن والببيونة.. وذلك لأن حالة المجتمع لم تسمح بمثل هذه القرارات الجريئة، رغم احتياجه فى ذلك الوقت ليس لوزيرة، بل لرئيسة وزراء تعمل من أجل الدولة وليس من أجل القصر أو الحزب!

وتعيين المهندسة نادية عبده محافظاً للبحيرة يعكس الاحتياج والحالة معاً، فلا شك أن المرأة أقل فساداً من الرجل فى مصر، وأن المرأة أكثر تدبراً وأقل إنفاقاً من الرجل.. وهذا ما نحتاجه فى كل مؤسساتنا حالياً.. وإن تولى النساء مناصب فى الحكومة بداية من الوزيرة ومروراً إلى منصب المحافظ حتى رئيسة مدينة أو وحدة محلية قروية.. فهذا يعنى أن الفساد سيكون أقل والترشيد فى الإنفاق سيكون أكثر.. ولن يقل الفساد ونرّشد الإنفاق فى كل الوزارات والمصالح الحكومية إلا إذا زاد عدد النساء المعينات فى المناصب العليا!

ولذلك لا يمكن أن يقل الفساد فى مؤسساتنا، أو يزيد الإنتاج فى مصانعنا إلا بالتحرر من عقدة تعيين المرأة فى كل المناصب وأى مناصب.. وإن التوسع فى تعيين المرأة المصرية فى مناصب الوزراء والمحافظين هو الحل الوحيد لكل مشاكلنا.. ولو على سبيل التجريب، فقد جربنا الرجال طوال عشرات السنوات وكانت النتيجة، تقريباً، صفراً كبيراً، بينما المرأة فى مصر لم تأخذ فرصتها كاملة، ولم تصل بعد إلى المكانة التى تستحقها رغم أنها من أعظم نساء العالم لأكثر من سبب.. فهى لديها قدرة طبيعية على القيام بأكثر من عمل فى وقت واحد.. وذلك عكس الرجل الذى، غالباً، لا يستطيع سوى أن يقوم بدور واحد فى وقت واحد.. وهو أن يذهب إلى عمله فقط، بينما المرأة لديها قدرة فريدة على تحمل العديد من المسئوليات والقيام بالكثير من الواجبات، فى أصعب الظروف وبأقل الإمكانات.. فهى موظفة وأم ومدرسة ومربية وتطبخ وتغسل وتكوى وتنظف.. وفوق كل ذلك تتمكن من تدبير احتياجات البيت والأولاد دون أن يشعر أحد بالحاجة أو بضيق الحال والأحوال!

إن الرجل يرتضى على نفسه أن يستقطع مصاريف الدخان والجلوس على القهوة من مرتبه القليل، وهو نوع من الفساد، ولكن المرأة لا يمكن أن تستقطع من ميزانية البيت القليلة جنيهاً واحداً لشراء المكياج أو لتذهب إلى الكوافير.. فإذا كنا جادين فى مكافحة الفساد وتقليل الإنفاق لا توزعوا الحقائب الوزارية أو مناصب المحافظين بنسبة بين المرأة والرجل.. ولكن بالاختيار بين الأقل فساداً والأكثر ترشيداً!

[email protected] com