عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

وقفنا فى المقال السابق عند نهاية العدوان الثلاثى على مصر فى سنة 1956 وخروج عبدالناصر من المعركة بخبر سياسى حاسم رغم الهزيمة العسكرية، وخروج إسرائيل بحق ملاحة سفنها فى خليج العقبة وخروج أمريكا بانفرادها بالنفوذ فى الشرق العربى بعد إخراج بريطانيا وفرنسا منه.  

بعد أن هدأ غبار المعركة بدأت الحكومات العربية الموالية للغرب والملكيات منها بالذات الخوف الشديد على سلطانها فى مواجهة المد الشيعى الكاسح لعبدالناصر والذى اضطرها إلى مساندته خلال العدوان نتيجة ضغط شعوبها الكاسح عليها، ولكن بمطلع سنة 1957 بدأ الوضع يتغير وكان أول الخارجين على النفوذ الناصرى هو الملك حسين ملك الأردن.

كان حسين خلال فورة المد الشيعى قبل عدوان سنة 1956 قد قام فى مارس سنة 1956 بطرد الجنرال جلوب باشا البريطانى من قيادة الجيش الأردنى ومعه باقى الضباط البريطانيين وعين بدلاً منه اللواء الأردنى على أبونوار المعروف بتحمسه للقومية العربية، كما قام بتعيين رئيس وزراء من الضفة الغربية للأردن وشديد الحماس للقومية العربية وهو سليمان النابلسى، فلما أحس حسين بالخطر على نفوذه وبالتالى على عرشه تغير موقفه بعد مطلع سنة 1957 فقام بالتخلص من على أبونوار ومن سليمان النابلسى وبدأت علاقته بعبدالناصر تفتر وتسوء ثم تنقطع وتتحول إلى عداء كما سيلى.

أما أمريكا فبعد طرد بريطانيا وفرنسا من الشرق العربى وانفرادها بالنفوذ فيه بدأت سياسة احتواء عبدالناصر لحسابها، فأعلن الرئيس الأمريكى فى 5 يناير سنة 1957 فور انسحاب قوات العدوان من مصر أن هناك فراغاً فى الشرق الأوسط يحاول الاتحاد السوفيتى ملأه لحساب الشيوعية الدولية للسيطرة العسكرية والسياسية عليه، ودعا أيزنهاور فى مشروعه الذى قدمه للكونجرس لطلب تحويل أمريكا سلطة التعاون مع أى أمة أو مجموعة من الأمم فى الشرق الأوسط ومساعدتها فى تنمية اقتصادها القومى بما يحقق صيانة استقلالها وتحويل أمريكا سلطة الاضطلاع ببرامج مساعدات عسكرية وسياسية وتعاونية لملء فراغ الشرق الأوسط الذى يحاول الاتحاد السوفيتى اختطافه، بمعنى آخر كان أيزنهاور يريد الحلول الفورى محل بريطانيا وفرنسا فى المنطقة واستغلالها لحسابه.

وعلى الفور رفض عبدالناصر ومعه كل القوى الوطنية واليسارية المعادية للنفوذ الغربى المشروع الأمريكى وسارت مظاهرات شعبية حاشدة تهتف: الفراغ فى عقلك يا أيزنهاور»، وبدأ الصراع السياسى والتلاسن بين عبدالناصر وأمريكا ممثلة فى شخص وزير خارجيتها اليمينى المتطرف جون فوستر دالاس.

فى هذه الأثناء كان النفوذ السوفيتى ينمو فى دول المنطقة نتيجة موقف الاتحاد السوفيتى إلى جانب مصر والعرب خلال العدوان على مصر والإنذار الذى وجهه إلى بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وبدأ الشيوعيون العرب فى سوريا بالذات الشعور بازدياد جماهيريتهم رغم وجود رئيس جمهورية سورى وطنى ومن أشد أنصار القومية العربية، ورغم أن حزب البعث العربى الاشتراكى والذى يضم كل تيار الحياد الإيجابى بين القوتين الغربيين الشيوعيين هو التيار ذو الشعيبة الكاسحة فى الشارع العربى رغم انحياز حكومات عربية عديدة مثل الأردن تحت حكم الملك حسين والعراق تحت حكم ابن عمه الملك فيصل إلى النفوذ الأمريكى، أما لبنان وبحكم تكوينها الطائفى فقد كان المارون بصفة عامة خصوصاً بزعامة كميل شمعون رئيس جمهورية لبنان وقتها حلفاء لأمريكا بينما كان السنة والدروز بصفة عامة من أنصار القومية العربية وعبدالناصر، ولم يكن شيعة لبنان وقتها قوة يحسب لها أى حساب كما حدث بعد ذلك.

وفى 26 سبتمبر سنة 1957 عقد مؤتمر حياد إيجابى جديد بالقاهرة امتداداً لمؤتمر باندونج سنة 1955، وكان عقده بمصر دفعة سياسية قوية لعبدالناصر وانتخب المؤتمر أنور السادات زميل عبدالناصر رئيساً له ويوسف السباعى سكرتيراً عاماً للمؤتمر.

فى هذه الأثناء كان النفوذ السياسى للحزب الشيوعى السورى يتزايد تحت قيادة رئيسه النشيط خالد بكداش، وخشى الضباط البعثيون وأنصارهم فى سوريا من احتمال حصول الشيوعيين على أغلبية فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، فحضر وقدمتهم على وجه السرعة لمصر بعد أن كان مجلس النواب السورى برئاسة أكرم الحورانى أهم زعماء حزب البعث العربى الاشتراكى وقتها قد وجه دعوة لوفد من مجلس الأمة المصرى وقرر فى 18 نوفمبر سنة 1957 الدعوة لوحدة كاملة بين مصر وسوريا ووجه عبدالناصر بالإصرار السورى على الوحدة الفورية بين الدولتين، وكان القلق ينتابه من هذه الوحدة الفوقية التى لم يتم الإعداد الكافى لها شعبياً ولم تتم مناقشة نقاط الخلاف بين النظامين فى مصر وسوريا اقتصادياً وسياسياً والمشاكل المستقبلة التى قد تنشأ عن ذلك الخلاف، ولكن عبدالناصر لم يكن يستطيع التراجع عن الوحدة التى طالما كانت حلمه السياسى أو رفض إصرار الجانب السورى عليها وفوراً.

وهكذا تم إعلان قيام وحده مصر وسوريا 1/2/58 وتغير اسم الدولتين إلى الجمهورية العربية المتحدة، ومن سخرية القدر أن أمريكا عدو العرب اللدود التى كانت محيطة تماماً بظروف المنطقة لم تعارض هذه الوحدة ظاهرياً لخشيتها من سقوط سوريا وقتها فى يد الشيوعية الدولية وكان عبدالناصر لذلك العدو الأقوى من الشيوعيين، فلم يهاجم دالاس الوحدة عند إعلانها. وإلى تطور الأحداث بعد الوحدة.

 

الرئيس الشرفى لحزب الوفد