رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

من المصادفات العجيبة أنه فى الوقت الذى جرى فيه تبديل السلطة فى الولايات المتحدة، كان هناك تبديل للسلطة فى دولة جامبيا الأفريقية. ولكن فى الوقت الذى شاهد فيه العالم بأسره كيفية انتقال السلطة من باراك أوباما الذى ينتمى إلى الحزب الديمقراطى إلى دونالد ترامب الجمهورى بكل سهولة ويسر وفى أجواء احتفالية غلبت عليها المشاعر الودية، ظاهرياً على الأقل، رأينا كيف حاول الرئيس الجامبى عرقلة انتقال السلطة سلمياً وتمسك بالبقاء فى الحكم الذى ظل ممسكاً بتلابيبه طوال اثنين وعشرين عاماً. ولم يتزحزح الرئيس الجامبى المنتهية ولايته يحيى جامع عن موقفه إلا بتدخل القوات الأفريقية بقيادة قوات من السنغال ونيجيريا لتمكين الرئيس الفائز بالانتخابات أداما بارو من تولى السلطة، وعندها فقط خضع الرئيس جامع لإرادة الجماهير وترك الحكم. وتوضح المقارنة بين الحالتين الأمريكية والجامبية الفارق الكبير بين نظم الحكم فى الدول الديمقراطية ونظيرتها فى الدول السلطوية التى يجثم فيها الحاكم على صدر الأمة ولا يفرق بينهما عادة إلا الموت. وقد ذكرتنا هذه الواقعة بما ردده الرئيس الأمريكى ترامب أثناء إحدى المناظرات الرئاسية من أنه لن يسلم بالهزيمة إذا ما أظهرت نتيجة الانتخابات تفوق المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون عليه. وسواء كان ترامب يقصد تنفيذ ذلك بالفعل أم أن ذلك لم يزد على تهديد أجوف فإنه قوبل باستياء بالغ من الجمهور، نظراً لأنه يهدد العملية الديمقراطية فى الصميم. وفى حفل التنصيب الذى أقيم فى مبنى الكونجرس الأمريكى أدى الرئيس المنتخب اليمين الدستورية فى حضور الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما وزوجته ميشيل وثلاثة من الرؤساء السابقين، وبينهم الرئيس بيل كلينتون وزوجته هيلارى كلينتون التى خسرت الانتخابات أمام دونالد ترامب. مشهد فريد يندر أن نجد له مثيلاً فى أى مكان آخر فى العالم، فقد تجمع فى تلك القاعة من الكونجرس الأمريكى رؤساء امتدت فترات حكمهم زهاء أربعة عقود شهدت أحداثاً كبرى وحروباً طاحنة أفضت إلى كوارث كبرى على رأسها كارثة الإرهاب الذى بات يهدد البشرية كلها، وكان لواشنطن الفضل الأوفر فى إرساء دعائمه فى المنطقة العربية نتيجة حروبها فى العراق وأفغانستان. وفى أول خطاب له بعد تولى السلطة قال الرئيس الأمريكى الخامس والأربعون «إنه من اليوم فصاعداً فإن رؤية جديدة ستحكم بلادنا، من هذا اليوم فصاعداً ستكون أمريكا فقط أولاً»، وقال إنه سيوحد العالم المتحضر ضد الإرهاب الإسلامى المتطرف بهدف إزالته تماماً من على وجه الأرض. واستمراراً لتوجهاته الشعبوية قال ترامب: «إنه حان وقت انتقال السلطة من واشنطن ومؤسساتها إلى أيدى الشعب الأمريكى». كما تعهد بإعادة أمريكا إلى سابق عظمتها. ولا شك أن توجه ترامب المباشر إلى الجماهير كان أحد الأسباب التى أكسبته معركته الانتخابية فى الوصول إلى البيت الأبيض. إذ إنه لا يستند إلى مؤسسة الحزب الجمهورى التى كانت تساند غيره من المرشحين مثل تيد كروز ومارك روبيو، كما أنه ناصب المؤسسات الإعلامية العداء أثناء حملته الانتخابية وما بعدها. فقد أبدى الرئيس الأمريكى استياءه من وسائل الإعلام التى قال إنها كانت توجه كاميراتها إلى أماكن خالية من الجماهير أثناء حفل التنصيب للادعاء بمقاطعة الجماهير له. وكانت هذه أولى معارك ترامب بعد التنصيب ولكنها لن تكون الأخيرة. وفى اليوم التالى خرجت مظاهرات حاشدة فى ثلاثمائة نقطة اعتراضاً على تولى ترامب الرئاسة وعلى تصريحاته العدائية للمرأة وللأقليات. قائمة المشاكل التى تواجه ترامب طويلة وشائكة وعليه أن يواجهها فى ظل أمة منقسمة. وتحقيق سياساته التى تدعو إلى التقوقع والانكماش تحت شعار أمريكا أولاً لن تؤدى إلى عظمة أمريكا. على العكس، ستؤدى إلى ضعفها واضمحلالها. وستغرى أعداءها بالقفز على ما تخلفه من فراغ فى أى بقعة من العالم. والعبرة فيما حدث مؤخراً فى سوريا. وللحديث بقية.