عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

في مثل هذا الوقت منذ ثماني سنوات، كتبت مجموعة مقالات أحاول فيها أن أكبح جماح ما تصورته اندفاعاً عربياً في الترحيب بالرئيس الأمريكي السابق «أوباما»، وهو اندفاع جاء انعكاساً لتصور أنه أول رئيس أمريكي من أصول إفريقية وإسلامية يمكن أن يكون نصيراً لقضايانا. ومع انتخاب الرئيس «ترامب»، نكاد نشهد نفس الموقف، حيث الحماس العربي للرئيس الجديد على أشده، رغم مفارقة أن هذه تعتبر المرة الأولى التي يواجه فيها رئيس أمريكي مثل هذا النفور على مختلف المستويات العالمية، الاختلاف الوحيد في حالتنا العربية أن الحماس لـ«أوباما» كان شعبياً، فيما الحماس لـ«ترامب» على مستوى عدد من الأنظمة الحاكمة.

وإذا كان المواطن العربي، بعد هذه السنوات قد أدرك سراب تعلقه بـ«أوباما» وانه لم يجن منه سوى الحصرم، فهل يكون مصير الأنظمة هو الحصرم ذاته ولكن من «ترامب» هذه المرة؟ رغم أن الأمر يعتبر في عداد الغيب المستقبلي، إلا أن محاولة توقع النتيجة قد لا يمثل للمرء المدقق  مخاطرة كبيرة، فأولاً ليس من قبيل تجاوز الدقة، القول إن فترة حكم «أوباما» لم تنعكس بأي قدر من الإيجابية على قضايانا العربية إن لم يكن على العكس، حيث يكاد أن يكون واصل سياسة سلفه «بوش»، وإن بقفاز حريري.

إذا قفزنا إلى «ترامب» وحاولنا تقييم الموقف العربي منه، يمكن القول إنه موقف قد لا يعبر سوى عن عدم الرشادة أو هو نوع من المراهقة السياسية، فالرجل تستقبله في أول أيام حكمه مظاهرات عارمة في مختلف أنحاء العالم وليس في الولايات المتحدة رفضاً لتوجهاته وسياساته التي أعلن اعتزامه انتهاجها خلال فترة حكمه– رغم حقيقة أن المظاهرات الداخلية في أمريكا تعتبر في التحليل النهائي انتهاكاً لمفهوم الديمقراطية واعتماد حكم الصندوق.

وبغض النظر عما إذا كان ينبغي علينا أن يساير موقفنا الرفض العالمي أم لا، فإن مواقف «ترامب» بشأن القضايا العربية ينبغي أن تكون هي الحاكمة لرؤيتنا، غير أن هذه أيضاً لا تدعم أي حماس له، فالرجل أعلن دون مواربة اعتزامه نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو أمر من المفترض أن يلقى استنكاراً ورفضاً عربياً ومساعي للضغط من أجل عدم تحققه، صحيح أن رؤساء أمريكيين سابقين وعدوا بمثل هذه الخطوة ولم ينفذوها، إلا أن حالة التشرذم العربي تنبئ بأنها قد تتحقق على يد «ترامب».

كما أن سياسات «ترامب»، بغض النظر عن الجانب الذي قد يبدو فيها للبعض نبيلاً وهي محاربة التطرف الإسلامي، قد تزيد من سوء وتدهور الصورة الذهنية في الغرب عن الإسلام والمسلمين، على نحو ما أشرنا في مقال الأسبوع الماضي بالتفصيل، وإن كان هذا الجانب بالذات هو الذي يفسر حماسة بعض الأنظمة بقدوم «ترامب».

ورغم ان «ترامب» لم يبدأ مهام الحكم إلا منذ أربعة أيام، إلا أنه من المحزن أن تلمس أن هناك بوادر حمي «ترامبية» لدي قطاع من العرب تكاد أن تصل لحد الدروشة، ومن أعجب ما قرأت في هذا الصدد ما ذهب إليه البعض من أن إدارة «أوباما» راحت تضع العراقيل أمام الوافد الجديد للبيت الأبيض على شاكلة  «الامتناع عن استخدام الفيتو ضد قرار الاستيطان الشهير في مجلس الأمن الدولي لتوريط إدارة «ترامب» في أزمة مع إسرائيل، واللوبي اليهودي»، وكذا إشارة هذا البعض بنوع من الغمز واللمز لحديث «كيري» عن استراتيجية لإحلال السلام في الشرق الأوسط، رغم أن هذا التوجه من الممكن النظر إليه باعتباره تطوراً إيجابياً يمكن البناء عليه رغم أنه يأتي من إدارة «أوباما» المشلولة في آواخر أيامها، أخشى ما أخشاه أن يتطور موقفنا لنكتشف أننا «ترامبيون» أكثر من «ترامب» نفسه.. وتلك طامة كبرى!

[email protected]