رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

استكمالاً لمقال الأسبوع الماضى.. فعلم المقارنة بين الأديان يخبرنا بأنه كثيرا ما كان يحدث أن ينتشر الإيمان فى مكان ما بين الناس أملاً فى فكرة الخلاص، فقد كان ظهور الرسول المخلص فى زمن مقبل، فكرة متمكنة فى كثير من الأحيان، وذلك لأن الرجاء فى الخير يعد أصلاً من أصول الأديان، وأن الأمل فى الصلاح كذلك كان وسيظل من أهم مواد الحياة الإنسانية، التى يبثها الله فى ضمير خلقه، ويفتح بها لهم سبيل الاجتهاد فى محاولة مستمرة طوال الوقت أو أغلبه للوصول للكمال الذى لم ولن يتحقق أبداً على الأرض، فالكمال لله وحده لا شريك له، ولكنها طبيعتنا كلنا نحن معشر البشر، نسعى له كل منا ولكن بدرجات مختلفة، فتلك هى الفطرة التى فطرنا الله عليها.

ويذكر أستاذنا عباس محمود العقاد فى كتابه (حياة المسيح) أن الزمن الذى ظهر فيه سيدنا عيسى كانت له آفتان: إحداهما غلبت المظاهر على كل شىء، بحيث انتقلت الحضارة من النفس إلى الجسد، وقد تحجرت الأشكال والأوضاع فى الدين والحياة الاجتماعية، والآفة الأخرى كانت سوء العلاقة بين الأمم والطوائف، أى أن الدنيا حينها كانت آفتها مظاهر الترف ومظاهر العقيدة.

فهل كان لتلك الآفات خلاص غير ذلك الخلاص؟ وهو مجىء سيدنا عيسى برسالته السماوية؟ وهل كانت المسيحية إلا العقيدة التى تدعو إلى الخلاص من حيث يرجى وهيهات لها فى غيره خلاص؟

لذا كان الإيمان بانتظار المسيح على أشده بعد زوال مملكة داود وهدم الهيكل الأول، حيث بدأ يردد الشعب الإسرائيلي وعود أنبيائه بعودة المُلك (بضم الميم) إلى أمير من ذرية داود نفسه، ثم ترقى الإيمان بالمسيح بمعنى (المَلك)  «بفتح الميم» إلى الإيمان بالمسيح بمعنى (المختار أو النذور للصلاح والهداية)، وقد تعاظم الأمل أكثر فى ذلك كلما استحكم الظلم.

فكم كان العصر الذى ظهر فيه السيد المسيح فى أشد الاحتياج إلى السكينة والتسليم والثقة بالإيمان والتطهير من الفساد المنتشر آنذاك فى بلاط الملك هيرود أو هيرودس. فقد انطلق السيد المسيح من أساس أن الله هو مبدأ الوجود، وجاء ليخلص المجتمع من الحالة الهمجية وشديدة العنصرية السائدة إلى مجتمع راقٍ تسود فيه قيم المحبة والسلام والخير، جاء ليأخذ بيدهم إلى مدارج عليا من الإحساس الراقى والمشاعر الطيبة، فقد كان مولده مولد فرح لتلك الأرض المعذبة، وكان بمثابة تجسيد لمحبة الله للبشرية ورسالة سلام للإنسان للمصالحة مع الله والعمل بوصياه، والإيمان بحضوره فى أعماق الضمير.

ومع بدايات عام جديد من الحياة تعالوا (سواء أفراد أو جماعات بل وأنظمة)  نسأل سؤالاً وهو: أين ستكون قبلتنا لهذا العام؟ هل هى قبلة الحب والسلام أم قبلة الكره والحرب؟ فالاتجاه مهم.. ولا يقل عنه أهمية إلى أى مدى سيدوم، وكل ما سيلى ذلك من تفاصيل هو بالأساس كان اختياراً.

ودعونى أختم مقالى هذا بتلك الكلمات الكريمة الراقية، التى تبرهن أن الرسالات السماوية جاءت لتكمل بعضها البعض لا لتتنازع:

(لا تظنوا أننى جئت لأنقص الناموس أو الأنبياء، وما جئت لأنقص بل لأكمل، فإنى الحق أقول لكم الى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو كلمة واحدة من الناموس حتى يكون الكل ....) كما جاء فى الإصحاح الخامس.