عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مع سبق «الإنذار» والترصد راح الباحث المفرج عنه بعفو رئاسى مؤخراً إسلام البحيرى يوزع تهديداته ما بين الأزهر والأوقاف ومن أسماهم الإسلاميين ويتوعدهم بسوء المصير. وموزعاً حواراته ما بين الفضائيات والصحف راح البحيرى يعبر عن رغبته فى الانتقام ممن يتصور أنهم ألحقوا به الأذى على نحو يذكرك بفيلم «أمير الانتقام» لأنور وجدى ونسخته الأحدث «دائرة الانتقام» لنور الشريف.. حيث يقول بحيرى: «معركتى مع السلفيين مستمرة ولن أتركهم أبداً»، «لو عرف الإسلاميون ما بى الآن لندموا»، «اللى هيقول بيذردى الأديان هسجنه».

حين تابعت ما تفوه به بحيرى تذكرت التحليل الذى يقدمه البعض لمسيرة سيد قطب من أن تجربة السجن ألقت عليه بظلالها فدفعته فى الاتجاه الأكثر تشدداً وحولته إلى مزيد من النقمة على المجتمع، وكذلك الأمر مع بحيرى وإن كان فى الاتجاه المخالف لقطب، حيث زادت تجربة السجن، من نقمته على الإسلام الذى يمثله المؤسسات المشار إليها، فيما دفعته بشكل أكثر نحو الفضاء غير الإسلامى.

كتبت فيما سبق عن رؤيتى بشأن الموقف من البحيرى، وفى حدود قراءتى لأفكاره، فإنها مما قد لا نختلف عليها كثيراً، أو على الأقل لا أجد أنا نفسى فى حالة اشتباك كبير معها، انطلاقاً من رؤيتى أن بحيرى لن يمثل ذرة فيما واجهة الإسلام على مدار تاريخه من خصومة سواء ممن كانوا من بين أبنائه أو من بين أعدائه. غير أن المشكلة فى المنهج الذى يتبعه البحيرى لتوصيل أفكاره.. هو ما يجعل المرء يحاول أن يؤكد له أنه ما هكذا تورد الإبل يا بحيرى.. على رسلك.. الهوينا.. أو بالعامية المصرية: مش كده!

فمعركة البحيرى، مع قدر من التبسيط، هى مع التراث وبشكل خاص مع بعض رموزه وعلى رأسهم البخارى وهو يصفه بألفاظ تستشف منها أنه يجب تنقيته وهو أمر لا خلاف عليه ولا يوجد عاقل يمكن أن يطالب بضرورة أخذ تراث الأولين –سواء فى إطار الإسلام أو غيره من التراث الديني أو غير الديني– على ما هى عليه. أين المشكلة إذن؟ فى أسلوب البحيرى، فهو مثلاً وبشكل يشوبه قدر من قلة الأدب يصف التراث بأنه «عفن». المشكلة أن بحيرى –أو البحيرى.. لا فرق– لا يقبل أن يرد عليه الدكتور على جمعة بنفس الأسلوب حين يصف البحيرى بأنه «معفن».. فكيف لفرد لا يقبل توصيفاً يطلقه البعض عليه، أن يطلق ذات التوصيف على تراث أمة بأكملها؟

من خلال حوارات البحيرى تدرك أزمة حرية الفكر التى نعيشها فى سياقنا العربى والإسلامى، فتلك أزمة لا تطال من يوصفون بالإسلاميين فقط، وإنما هى لازمة من لوازم حتى من يحاول ادعاء الانتماء إلى الفكر الليبرالى أو التنويريين كما يحب بحيرى أن يصنف نفسه.. إن بحيرى الناقم على ما يراه تضييقاً على أفكاره يسعى هو الآخر إلى التضييق على الفكر الآخر، بل يطالب بفرض شروط لكى يجد هذا الفكر طريقه إلى النور (راجع حواره مع المصرى اليوم).. إن بحيرى الذى يأخذ على الإسلاميين استسهال تهمة التكفير ويغمز ويلمز بشأنهم من ناحية هذه التهمة يأخذ على الأزهر أنه لم يقم بتكفير الدواعش! بمعنى أن التكفير أصبح سبة سواء تم التوسع فيه أو تم تقييده!

إن رجلاً يؤكد أن «برنامجه راجع راجع تحت أى ظرف»، ورجل يقترح إنشاء مجلس أعلى للتنوير برئاسة السيسى يكون هو أحد أعضائه، يجعلنا نتصور أن تجربة السجن ألقت بظلال أكبر مما يتوقع على البحيرى وأصابته بحالة «بارانويا» تجعله يحاول أن يكون فرج فودة جديدا، وإن كنت أتصور أن الوضع قد لا ينتهى به سوى أن يكون نسخة خايبة من على حميدة!

[email protected]