رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذا التقرير يجب ألا يمر مرور الكرام، فهو يشبه إن لم يكن أكثر خطورة تقرير «الإيكونومست» – المجلة الاقتصادية الأولى في العالم -  الذي تصدي له الكثيرون بالرد منذ شهور، فالمجلة – «فورين آفيرز» - تعتبر هي الأخرى السياسية الأولى في العالم وهي التي تعبر عن وتوجه في الوقت ذاته صانع القرار الأمريكي حيث يقوم على إصدارها مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي. والتقرير يتبني نفس لغة «الإيكونومست» بل والمفردات ذاتها ويتحدث عما يصفه بانهيار مصر على يد النظام القائم. الأكثر مدعاة للدهشة أنه يصور مصر وكأنها الشيطان الأكبر في المنطقة، حيث لم يعد يكفيها، حسب مزاعم كاتبه، عدم الاستقرار الذي تعيشه داخل حدودها فراحت على خلفية الإرهاب الذي تواجهه والهواجس التي تعيشها بسببه تصدر حالة عدم الاستقرار إلى دول الجوار بدءا بليبيا مرورا بقطاع غزة، وليس انتهاء بسوريا.

ففي تقريره الذي حمل عنوان لا يمكن أن تخفى موقفه المبدئي تجاه النظام القائم وهو «حرب السيسي الخطرة على الإرهاب» يقدم الكاتب ستيفن كوك صورة بالغة الكآبة عن الوضع في مصر ويتخذ من ذلك مدخلا للهمز واللمز. ويرى الكاتب، أن المحدد الأساسي الذي يحكم توجهات النظام هو الموقف من جماعة الإخوان وينعكس على كافة سياساته الداخلية والخارجية. غير أنه حتى بافتراض سلامة بعض مضمون ما يشير إليه الكاتب، فإن المغالطات التي فيه تفوق الوصف، حيث يزعم التقرير أن خشية القاهرة من أي دور للإسلاميين في ليبيا جعلها تقف وراء «حفتر» الذي يمثل النقيض لحكومة وفاق وطني يدعمها المجتمع الدولي، بما يجعل مصر تبدو كحجر عثرة أمام استقرار ليبيا. وأما على صعيد الوضع في غزة فهو يتبنى لغة أكثر عدائية حيث يزعم أن رغبة مصر في القضاء على حماس التي نشأت من رحم جماعة الإخوان جعلها تسلك سياسات وصلت إلى حد – حسب مزاعم كوك – التعاون مع إسرائيل. وهو يقلب الآية هنا ويقدم واشنطن في صورة حمامة سلام تسعى بالتعاون مع تركيا وقطر لتوفير حياة آدمية للفلسطينيين في غزة الأمر الذي تقوضه العمليات المصرية والتي من بينها تدمير الأنفاق مع غزة.

ليس ذلك فقط بل إن الكاتب يتمادي في مزاعمه إلى حد التلويح بدور مصري في تأجيج النزاع في سوريا وعرقلة الوصول إلى تسوية تنتهي بإقصاء الأسد – لاحظ أن ذلك هو الهدف الذي تسعى الولايات المتحدة إليه. وفي ذلك يشير إلى تحول السياسة المصرية من دعم المعارضة السورية التي اتخذت طابعا إسلاميا خلال حكم الإخوان إلى العكس وهو دعم نظام الأسد وهو ما يفسره بتخوف النظام المصري من وصول الإسلاميين الى السلطة في دمشق بما يمثل مصدر إزعاج للقاهرة على المدى الطويل.

وبعد هذا العرض يبدأ الكاتب في ممارسة دوره بتقديم النصح للولايات المتحدة مذكرا بأن بلاده على مدى عقود قدمت نحو 80 مليار دولار لدعم الاقتصاد المصري انطلاقا من دعاوى أنها أساس الاستقرار في المنطقة، وهو ما يعني وفق تحليله وجوب اعادة النظر في هذه السياسة حيث لم تعد مصر – من منظوره – عامل استقرار بل عامل معاكس في ظل ما يراه تغير توجهات السياسة المصرية. غير أن كوك يأبي أن يصل في قسوته إلى نهايتها فينفي عن مصر تحولها إلى «دولة مارقة» –  بمعنى خروجها عن طوع الولايات المتحدة – وإنما هي مجرد دولة تصدر صراعها الداخلي للخارج بما يهدد المنطقة ككل.

هل وصلت الرسالة من تقرير كوك بشأن تفكير واشنطن فيما يجري في مصر؟ أتمنى ذلك.

[email protected]