رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

الناس تندهش من غرق مركب.. وكأنه أول مرة، وتحزن بشدة على الغرقى.. وكأنهم آخر غرقى.. مع أن الكارثة تتكرر منذ سنوات، وضحاياها بالعشرات سنوياً، وبنفس السيناريو والأحداث والصور.. وستتكرر فى السنوات القادمة بنفس السيناريو والأحداث والصور!

والشباب يسافر على مركب غير شرعى.. وهو يعلم بنسبة 50% أنهم يمكن أن يصلوا أو لا يصلوا إلى البر الأوروبى.. ولكنه الأمل الوحيد لهم وسط أمواج البطالة، وعدم تكافؤ الفرص، وهروباً من الناس والمؤسسات التى فوق القانون، ومن عدم وجود أى علامة لتحسين مستوى المعيشة.. بل إن الأعباء تزيد، والأحلام تتعثر، والإحباط يتملكهم.. وليس أمامهم سوى أن يلقوا بأنفسهم إلى البحر على أمل النجاة من الموت كمداً فى مصر، أو غرقاً فى البحر، ويصلوا إلى جنة أوروبا الموعودة.. فلا تقسوا عليهم لمجرد أنكم تقبضون بضعة جنيهات كل أول شهر تمنعكم من التسول!

وللعلم.. قدرت الإحصائيات الدولية عدد الشبان المصريين الذين نجحوا فى دخول العديد من دول الاتحاد الأوروبى خلال السنوات العشر الماضية بنحو 460 ألف شاب، من بينهم نحو 90 ألفاً يقيمون فى إيطاليا بشكل غير رسمى، يعنى هناك أمل في النجاة مثل الآخرين وهو الدافع الوحيد لمواجهة الموت.. لأن الذى يصل يتمكن خلال فترة وجيزة من العمل فى إيطاليا أو أى دولة أوروبية من دفع قيمة سفره للسمسار.. لأن معظم السماسرة، ليس كما يصورونهم تجار عبيد، فمعظمهم لا يحصل مقدماً على ثمن الرحلة إلا بعد أن يصل الشاب إلى أوروبا ويعمل.. وكل ما يحصل عليه فى البداية هو إيصالات أمانة يكتبها على أهل الشاب المسافر لضمان حقوقه!

ولا أدافع عن الهجرة غير الشرعية، ولا حتى على سماسرة السفر.. ولكنه الواقع الذى يجب أن نعترف به جميعاً، هو واقع مرير والكل يكتوى بناره، سواء غنياً أو فقيراً.. فما بالك بالُمعدم، ولا أريد أن أسوق لكم أمثلة عن ذلك.. فإن شكاوى أغنى الأغنياء من رجال الأعمال فى مصر تتساوى مع شكاوى أفقر الفقراء.. حسب، بالطبع، مجال عمل كل واحد منهما، يعنى الجميع يشكو.

لا بد أن نعرف.. ونعترف، أنه لا أحد يهاجر من بلده إلا إذا كانت الحياة فيها مأساوية، أكثر من مأساة الموت.. ولا أحد يهاجر إلى بلد آخر إلا إذا كانت الحياة فيها إنسانية وكريمة.. حتى ولو كان الوصول إليها مغامرة قد تؤدى إلى الموت!

ولن أقول إن ظاهرة الهجرة الشرعية تحتاج إلى دراسات علمية.. ولكن تحتاج إلى معرفة إجابة السؤال السهل جداً.. لماذا الأمريكان لا يهاجرون من أمريكا إلى مصر؟!، ولماذا الدانماركيون لا يهاجرون من الدانمارك إلى مصر.. وقس على ذلك الفرنسيين والبريطانيين والإيطاليين.. وصولاً إلى اليابانيين والصينيين.. فلماذا هذه الدول جاذبة للسكان ودولنا طاردة للسكان؟!، وإذا كانت إجابة هذا السؤال صعبة على الذين يديرون الدولة.. فلا تلوموا على الشباب الذى يهاجر بسهولة من هذه الدولة؟!

< من="">

كنت أود أن أكتب عن الرئيس جمال عبدالناصر فى ذكرى وفاته (28 سبتمبر 1970).. ولكن الأزمات التى نعيشها لا تعطى مجالاً.. فهذا الرجل مهما اختلفت أو اتفقت مع سياساته فالحقيقة أنه كان منحازاً للفقراء، وعاش بسيطاً مثلهم.. نظيف اليد، وشريفاً، وعفيف النفس.. لم يقترب من قرش من أموال الدولة.. ولا من أموال الدول الأخرى!