رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. إسماعيل سلام يكتب:

< الدولة="" أرست="" مفاهيم="" التردي="" بالمساواة="" بين="" المبدعين="">

< هناك="" خلط ="" كبير="" في="" مصر="" بين="" إعداد="" القيادات="" واختيار="" القيادات="">

< وسائل="" الإعلام="" تقدم="" للشباب="" أسوأ="" النماذج="" المبتذلة="" التي="" تؤذي="" العين="" بالقذارة="">

 

الدنيا تغيرت بصورة سريعة ومخيفة أحيانا ،وخلال التغييرات التى صاحبت العقود الأخيرة ظهر كثير من المخاطر الجسيمة التى فرضت نفسها على الشباب ولم تستطع كثير من الدول وضع مفاهيم شاملة لمقاومتها والتغلب عليها.. فقد نمت مشاكل التطرف فى الشباب وتعاظمت مشاكل البطالة وبزغت ظواهر خطيرة فى عمليات غسيل المخ للشباب بأفكار بعيدة عن الفكر الرشيد أو المفاهيم الانسانية أو المفاهيم المتوارثة فى الأديان.. ومن هنا يجب ألا تكون تصوراتنا متضائلة كأن نرى أن موضوع تنمية الشباب يقتصر على خلق القيادات العليا فى المجتمع أو اشراك الشباب فى المجالس المنتخبة.. أو التفوق فى المجالات الرياضية المحلية أو الدولية.. فالأمر يتعدى ذلك بكثير والمسئولية تعاظمت بعد أن ظهرت عوامل سلبية جارفة وذلك فى غياب سياسات متكاملة وكافية لرعاية الشباب.. وقد أدرك العلماء والخبراء حقيقة أن مستقبل المجتمعات يعتمد على الشباب وأن تكوين الشخصية القويمة للشباب يأتى من حصاد التجربة الاجتماعية التى يحياها وأن رعاية الشباب تستطيع أن تبنى الخصائص التى تجعل من الشباب قوة دافعة للنهوض بالمجتمع.. وعلى الوجه الآخر ظهرت عواقب وخيمة فى ظل افتراس عقول الشباب اما بفكر ضار أو لوقوعهم فى مصيدة الشر مثل المخدرات والجرائم وغيرها من ظواهر.. ثم يأتى دور الاحباط الذى يمثل فيروسا يصيب الشباب وينتقل بينهم فى ظل عوامل محيطة تأتى على رأسها زيادة البطالة.. ويؤدى ذلك فى مجموعه الى العديد من التحديات السلبية فى المجتمع وتكبيد المجتمع الكثير من الخسائر جراء هذه السلبيات.. فرعاية الشباب لم تعد فقط أسلوبا للتنمية الشبابية بل أيضا ضرورة لوقاية المجتمع وتنميته.. ولعلنا نعيش ونتألم لتجربة ممن يلقون حتفهم فى سبيل آمال بعيدة المنال من خلال الهجرة غير الشرعية سعيا للرزق والمستقبل الأفضل لهم ولأسرهم.. ومواجهة هذه الظاهرة المتزايدة بين الشباب لا يكون بالطبع من خلال المنظور الضيق فى اتخاذ الاجراءات لمحاكمة طاقم السفينة الغارقة.. فالأجدى هنا أن يتم أيضا مراجعة الأمر ككل لتحديد مسئوليات الدولة والمجتمع تجاه الدوافع لهذه الظاهرة المؤلمة لكل أسرة ولكل مصرى.

والدولة تقع فى خطأ كبير اذا ما تصورت أن دورها قد اختزل فى اعداد بضعة آلاف ليكونوا قيادات شابة لتولى المسئولية.. الدولة مسئولة عن رعاية كل الشباب.. فرعاية الشباب تعدو مثل توفير الخبز والزيت مثلا كأساسيات للمواطن، أى واجبها هو توفير الحد الأدنى للرعاية الموجهة للشباب فى مصر.. وفرصة الدولة الكبرى ونجاح مؤسساتها الشبابية يعتمدان على القدرة على اشراك معظم الشباب فى برامج مختلفة سواء رياضية أو ثقافية أو اجتماعية.. وكنا لعهد قريب نملك ساحات مفتوحة للشباب ليمارس فيها الرياضة والثقافة ولكن اختلفت الأمور خاصة فى ظل ضم وزارة الشباب الى وزارة الرياضة لتصبح وزارة الرياضة تمتلك الجاذبية والاهتمام وصار اهتمام الدولة بالرياضة هو اهتمام للصفوة وليس لجموع الشباب.. وغاب المكون الثقافى ليصير مجرد اجتهادات فردية ليست بالضرورة متوفرة فى كل مكان.. وهنا وقع الظلم على جموع الشباب.. وقد يدافع المسئولون بسرد نماذج متعددة بالرغم من أن الشباب والنشء العادى لم يلمس تلك النماذج ولم تنعكس على المجتمع وخصائصه.. وقد طلب منى مجموعة من الشباب التوسط لهم لدى أحد نوادى القليوبية لممارسة الرياضة وشعرت بأن وزارة الشباب ومسئوليها سيرحبون بذلك فالشباب لم يطلب اتاحة ممارسة التدخين على سبيل المثال بل اتاحة الفرصة لممارسة الرياضة.. وبادرت فورا بكتابة خطاب الى رئيس مجلس إدارة نادى التنمية الشبابية والرياضية بشبرا الخيمة منذ أربعة شهور وبالطبع لم يصلنى رد حتى الآن ولكن استعيض عنه برد شفهى يفيد أن النادى يحصّل ثلاثة آلاف جنيه للعضوية الواحدة، وليس بالإمكان إلحاق هؤلاء الشباب بصورة جماعية نظير أجر مخفض كما وقد اقترحت، وضاع الوقت سدى ليس على الشباب فقط بل على الدولة التى تركت الآلاف من مثل هؤلاء بالشوارع ولم تتنبه الى أهمية احتواء مثل هذا الشاب تحت مظلة النادى الذى تملكه وزارة الشباب والذى تحول فى واقع الأمر تحت رعايتها الى نادٍ استثماري.. ولا أدرى من الذى قرر انشاء هذه الأندية الاستثمارية التى استقطعت من النوادى الأصلية للشباب..أنا لا أتخيل أن ما يحدث هو إضافة لرعاية الشباب أو تنمية الشباب !! بل لقد سلب حقوق أغلبية الشباب غير القادر على هذه التكلفة على الرغم من كونه صاحب الأولوية والحق الأصيل فى هذه النوادي.

وفى هذا الإطار يصبح من المنطق أن يفصل بين أنشطة الأغنياء وأنشطة الفقراء وخاصة أن الحكومة الجليلة تريد أن يذهب الدعم الى مستحقيه.. أول هذا الفصل هو عودة وزارة للرياضة وأخرى للشباب.. الأولى لأصحاب الحظوة والثانية للغلابة الذين لا يملكون ثلاثة آلاف جنيه اشتراكا للنادي.. أريد أن أرى ساحات مفتوحة للشباب لا يوجد بها استغلال استثمارى ولا يوجد بها باشا مدير وباشا رئيس مجلس إدارة وغيره.. بل يكفى مدرب على خلق وكفاءة، وباحث اجتماعى، ومنسق ثقافى.. انما التكدس الوظيفى هو الذى أرهق محفظة الدولة فصارت تصحو وتنام بكابوس الدعم.. جزء من الدعم يذهب الى البهوات الذين يقودون العمل غير الموجود وعندما تدخل مؤسسة تجد مائة بيه بتكاليفهم، وكلٌ تحت عنوان الدعم.. لا نفرق فيه بين نوعية الدعم ومن حصل عليه، بل إن كثيرا من الدعم يفقد من خلال سوء الادارة وارتفاع تكلفتها.. ومن ثم يصبح كل من الهدف والمستهدف خارج المنظومة..

ولا شك أن هناك برامج جادة لبعض من هؤلاء المثقفين ممن يتحدثون فى القنوات التلفزيونية وخاصة الموجهة للشباب ،وقد أعجبنى على سبيل المثال حوار المفكر العظيم يوسف زيدان مع بعض من الشباب يشعرك بأنك فى ملتقى ثقافى داخل جامعة عريقة.. فالثقافة هى المضاد الحيوى للتطرف والعنف لكن هناك حاجة ملحة لوضع مخطط ثقافى يكون هدفه تحصين عقول الشباب فى مرحلة المراهقة الفكرية وكما يؤخذ مصل الانفلونزا والحمى الشوكية وغيرهما، وبحيث يتيح هذا المخطط الثقافى الحد المقبول من الثقافة لحماية فكر الشباب.. ولقد شاهدت فى مقتبل حياتى كثيرا من الكتاب فى نادى القصة ،وكان الباب مفتوحا للتحدث اليهم ومحاورتهم بل ويسعدك أن تراهم أصحاب ندوات فى كثير من الساحات والنوادى الشبابية.. ويجب أن تولى الدولة هذا الأمر عناية كبيرة فنحن ندفع ثمنا باهظا لعلاج الأمراض التى نشأت بيننا مثل التطرف والعنف والانحراف واللامبالاة، ولو كانت الدولة لديها الرؤية وسلكت طريق الوقاية ما كان هذا حالنا الآن..

وانصافا للحق فهناك جوانب إيجابية من وزارة الثقافة وقد عاصرتها بنفسى خلال السنوات العشر الماضية وأنا أبحث عن مصادر لتثقيف مجموعة من النشء كنت مسئولا عنهم ووجدت من يبحث عن هؤلاء الشباب قبل أن نطلب وهو الأستاذ حامد غنيم مدير قصر الثقافة بشبرا الخيمة آنذاك ولم أكن أعرف أن هناك خمسة عشر نشاطا ثقافيا وفنيا تحت مظلة كل قصر ثقافة... صحيح أن هذا الأمر معمم فى كل قصور الثقافة ولكن الإدارة المتميزة فى شبرا الخيمة دفعت بتفعيل هذه الأنشطة داخل وخارج الموقع.. وشاهدت مشاركة كبار الرسامين والفنانين وهم يعلمون الأطفال والشباب الرسم والكورال والأدب والمسرح.. وعندما تشاهد اندماج الشباب فى الثقافة والفن والأدب تدرك أن لهذه الهياكل دورا أكثر إيجابية مما تقدمه المدرسة ويجيء لحسن الحظ مكملا لها.. وعندما يجنى الشباب ثمار جهدهم وتميزهم من التقدير فان ذلك يزيد من حماسهم للثقافة والفنون.. طبعا ليست كل قصور الثقافة تدار بنفس درجة الحماس بينما لو كان هناك متابعة وتدريب والحرص على اشراك المتميزين من مديرى قصور الثقافة فى المساهمة فى برامج تدريبية لنقل هذه الخبرات الى الأجيال اللاحقة لربما تحسنت أحوال الثقافة بين الشباب وتضاءلت السلبيات التى تعصف بهم.. ولكن الدولة أرست مفاهيم التردى بالمساواة بين المبدعين والفاشلين وأغمضت عينيها عن المبدعين الذين يقذفون الى خارج الحلبة عندما يصلون الى سن المعاش..ولهذا ازدهر الفشل فى مجالات عدة منها رعاية الثقافة والشباب.. وكم من المبدعين يجلسون بعيدا عن نطاق ابداعهم بينما العمل فى هذه المجالات فى أشد الاحتياج لهم.. وربما يجدر بالحكومة أن تعيد دراسة خططها فى إطار يسمح بالتكامل بين برامج رعاية الشباب وقصور الثقافة.. مع تشجيعها مشاركة الشباب بفاعلية فى مجالات تنمية المجتمع سواء بالجهود الذاتية أو من خلال المؤسسات الحكومية. أيضا يجب التركيز على جذب رواد للشباب فى مراكز الشباب تكون مهمتهم إرشاد الشباب ونصحهم وانارة الطريق لهم.

الشق الآخر من رعاية الشباب هو مجابهة البطالة التى ألحقت الأذى بقطاع كبير من الشباب.. والمتوقع أن يكون للدولة تصور عصرى فى علاج هذه المشكلات التى تسبب قدرا كبيرا من الإحباط فى صفوف الشباب ويجب أن يكون لديها حلول عملية وليست أفكارا أو برامج صعبة المنال تحل مشكلة لنسبة محدودة من الشباب  أو يصعب تعميمها..

وإذا كانت كوريا الجنوبية والصين تبغيان تقديم دعم حقيقي لمصر فعليهما مساعدتها فى ارساء معسكرات عمل لتأهيل الشباب نظرا لتجربتهما المشهود لها فى هذا المجال..هذا هو أحد الطرق للتغيير وبعدها ستشعر بأن هذا الشباب ليس إضافة للدولة فحسب بل هو إضافة للاقتصاد المصرى وللقطاع الخاص أكثر من القطاع العام.. لقد شاهدت تلك المعسكرات وهى تعلم هؤلاء الشباب ليس لأن يصبح سباكا أو عامل بناء فقط لكن وهى تخلق فريقا متكاملا من الشباب المدرب يستطيع أن يتوجه من هذا المعسكر الى الدول المختلفة فى أكبر المشروعات الإنشائية والصناعية.. مثل هذه الحلول هى جزء على الطريق الصحيح لحل مشاكل الشباب بالجملة وليس بالقطاعى أو بالأحلام.. هذا وبدلا من أن يصدروا لنا المستهلكات بأرخص الأسعار وبصورة خرّبت اقتصاد مصر وعصفت بعملتنا.. بإمكانهم أن يصدروا لنا التدريب والتأهيل للدخول فى معترك المشاركة والبناء.. وقد زرت بعضًا من هذه المعسكرات منذ مدة وهناك تكاد لا تصدق ما تراه من نظام وانضباط وأداء.. حتى المعيشة داخل المعسكر لم ينسوا من خلالها كيف يكون المرور بالمطبخ والرياضة.. أنت إذن لا تعطى الشباب مهنة بل تعطيه أكثر من ذلك.. تعطيه الحياة بصورة جديدة متكاملة ليكونوا جزءا من البناء الحضارى لدعم مصر وليكونوا أساسا للبناء الاقتصادى وليسوا مغتربين فى بلادهم..

والبطالة تحتاج إلى أكثر من حل.. ويجب فتح المجالات لتقديم صيغ جديدة مقبولة يبادر بها رجال الأعمال فى سبيل حل مشاكل البطالة يؤازرها مبادرات ذكية لجذب رجال الأعمال للاندماج فى مجال تقديم الحلول.. ولى تجربة منذ خمسة عشر عاما مع جارى المهندس سمير رياض أحد قيادات الغزل والنسيج فى مصر وكان فى زيارة لقريتى وشاهد الأعداد الغفيرة التى تبحث عن عمل.. فكان أن تعاطف وعرض إقامة مصنع للملابس بالقرية إذا ما وفرنا له المكان المناسب، وفى نفس اليوم أوجدنا له المكان وأقيم المصنع.. والمبهر أنه يملك امكانيات هائلة من أدوات التدريب والإعداد فاستكمل المصنع خلال ثلاثة أسابيع مستوعبا اربعمائة فرد من الشباب بالقرية تضاعفت مرتباتهم عدة مرات.. الشيء الجميل أن الملابس المصنعة تنقل مباشرة من قريتى إلى أوربا وأمريكا.. وأشعر بالامتنان ليس فقط لتقليل البطالة فى قريتى ولكن أيضا لوضعها على خريطة العالم فى التصدير..نحن فى حاجة إلى ألف مبادرة جديدة كل عام وهذه المبادرات لن تكلف الدولة مئات الملايين لو وضعت فى إطار التنمية والتحفيز..

ومن اعداد الشباب بصفة عامة الى الحديث عن خلق القيادات لتحمل المسئولية.. ولا شك أن الدولة اختزلت دورها تجاه قضية الشباب فى عمومها لتتركز فى إعداد بعض القيادات العليا من الشباب.. ومن الواضح أيضا أن هناك خلطا كبيرا فى مصر بين اعداد القيادات واختيار القيادات.. وهناك تصور أنك تستطيع خلق قيادات من خلال برامج تأهيلية تمنح من قبل الجامعات العالمية.. وعلينا أن ندرك أن التدريب فى حد ذاته ربما يصقل ولكنه لن يخلق قيادة ما لم يتوافر هناك قدر من المؤهلات الطبيعية فى الشخص نفسه المنوط بالإعداد.. وذلك هو المحك الرئيسى فى اختيار القيادات وهو أيضا السر الذى لم تتنبه له الدولة.. وصعوبة اختيار القيادات فى مصر تنطوى على عوامل متعددة تخل بتكافؤ الفرص منها المحسوبية والقرابة والفهلوة تدفع باختيار من لا يملكون من القدرات والمهارات التى تخلق منهم قيادات ذات كفاءة قادرة على التغيير.. هذا ليس فقط كل المشكلة إذا علمنا أنك تعين فى بعض الأحيان قيادة لم تمارس العمل وليست لها تجربة.. وعندما تدخل هذه القيادة المعترك يهيأ له أنه صاحب فكر وعليه فلابد أن يترك بصمته بوضع ما يسمى استراتيجية جديدة.. وقد عشنا فى كثير من الأحيان استراتيجيات متتالية على مدار قيادات متعددة لم تسمن أو تغنى بل أدت إلى التخبط وتردى الأحوال وتراكم المشاكل..

نعود الى موضوع التقييم فى اختيار القيادات لنجد أن الدنيا تغيرت فى معظم أنحاء العالم والتقييم أصبحت له معايير واضحة ومحددة.. أولها أن هناك مساواة بين كل المتقدمين وأن هناك أسبابا موضوعية لكل تفضيل أو رفض من خلال جداول ليس بها خلاف تحصر قدرات المتقدمين.. وأذكر فى فترة الشباب عندما كنت نائبا فى جامعة جلاسجو وصرت أتوسط لزملائى القادمين من مصر.. وذات مرة أثناء لقائى بأستاذى وهو رجل عظيم بكل المقاييس فهو من ابتدع العديد من الجراحات للقلب ولغيرها من الجراحات.. تحدثت معه عن أحد الأطباء المصريين من زملائى القادم من القاهرة والباحث عن عمل شارحا له مدى كفاءته، وأخطأت خطأ جسيما عندما أشرت إلى أن صديقى ينتمى لعائلة محترمة.. فنظر لى من تحت نظارته وبغير رضا قائلا :هل يوجد فى مصر عائلة محترمة وعائلة غير محترمة؟! وحاولت التخفيف بقولى إننى أعنى أنه تربى تربية جيدة، ولكن كل هذا الكلام لم يجد وسقطت محاولتى للحصول على وظيفة لزميلى لأننى أخطأت خطأ جوهريا لم أعد من خلاله صالحا للتقييم.. وتعلمت درسا لم أنسه فليس فى الإمكان أن أقوم بتقييم شخص من خلال عائلته أو من خلال توصية أو أسباب أخرى غير موضوعية فهذا فهم غير عادل..

ولا يمكن أن نستكمل الحديث عن رعاية الشباب دون الإشارة الى طغيان الاعلام الذى يقدم للشباب أسوأ النماذج والذى يشاهد بعض الأفلام والمسلسلات يدرك أنها خلقت لزيادة المدخنين والمدمنين بين الشباب ويدرك أن مناهج الابتذال فيها تجعلها غير صالحة للمشاهدة العائلية ونحن نقرن ذلك بإبداعات تؤذى العين بالقذارة والانحطاط.. يجب أن يكون هناك دور لوزارة الثقافة فى منع بعض التدنى الذى يسيء الى مصر.. وفى جميع الدول الغربية هناك جدولة لتعريف الفيلم من البداية.. إذا احتوى على عنف أو جنس أو ألفاظ خارجة فهو موضح فى بداية الفيلم بل ويجب أن تبين وزارة الثقافة ما إذا كان صالحا للمشاهدة العائلية من عدمه.

ويجب أن نؤكد على دور المؤسسة الدينية العريقة.. فلا يعقل أن نسمع عن الشباب المتطرف والذى يعتقد فى دخـوله الجنة من خلال قتل الأطفال والأبرياء. يجب أن تكون هناك مناهج واضحة تخاطب العقل الحر من خلال الحوار والفهم الموضوعى وليس من خلال الإملاء. ويجب أن تركز الدولة على اقناع الشباب من خلال اعلام المواجهة المدروس وليس من خلال محاولات فردية أو جماعية غير مدروسة.. أضف الى ذلك أنه لو تم التركيز فى خطبة الجمعة ودروس الدين فى المناهج المدرسية على رسائل واضحة وذكية وقصيرة بصورة تجذب عقول الشباب لساهم فى خلق المفاهيم والسلوكيات الصحيحة.

الدولة فى حاجة ماسة إلى كسب الشباب ولذلك يجب أن تنتهج مسارات جديدة على الصعيد السياسى والثقافى والاجتماعى لاحتواء الشباب وعمل مصالحة متكاملة مع الدولة من خلال تنمية الحوار وترسيخ المبادئ والاصلاح المؤسسى الجاد.. ولا أعنى هنا شباب الجامعات فقط ولكن أعنى كل طوائف الشباب.. يجب أن نزيد من مساحة الحوار بالمؤهلين لإدارة مثل هذا الحوار، ويجب أن تؤمن الدولة بأن الوقاية خير من العلاج.. فتوسيع مدارك الشباب واستيعاب طاقاتهم واعطاؤهم الفرصة للتعبير والتميز وإرساء مبدأ تكافؤ الفرص هو أقصر الطرق لحمايتهم من التطرف والعنف والانحراف وأيضا لتحقيق التنمية الاجتماعية المنشودة.. نحن فى حاجة الى اصلاح السياسات التى تمس الشباب فى كافة القطاعات لتكون هناك منظومة متكاملة تستفيد من جهودهم وتعود بالخير على  الوطن.

 

وزير الصحة الأسبق