رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لازم أتكلم

كارثة التشريع فى مصر عدم مراعاة البعد الاجتماعى، فالمشرع سواء كان البرلمان المصرى أو من يقوم بمهامه فى  الظروف غير الطبيعية للدولة، وما تمر به من حالات استثنائية سياسية واجتماعية، لا يهتم كثيرا بطرح القانون أو التشريع للحوار المجتمعى، ونادرا ما يحرص على مناقشته بشكل واقعى، يضمن على الأقل حيادية التشريع وعدم انحيازه لطبقة على حساب أخرى.

أقول ذلك بمناسبة ما شهده المجتمع المصرى مؤخرا من صدور تشريعات سريعة و«مسلوقة» أو «معلبة» لا تضر كثيرا بمصالح الفقراء وبالطبقة المتوسطة التى كانت حتى وقت قريب صمام أمان المجتمع، قبل أن تنهار تماما وترفع الراية البيضاء، مجبرة مستسلمة لقوانين وقرارات جائرة، قضت على ما تبقى لها من أمل فى العيش بكرامة دون إذلال وخضوع لكرباج الأسعار والغلاء.

فبعد قانون ضريبة القيمة المضافة وتوابعه، وسقوط الشارع الاقتصادى فى «حسبة برما»، وارتفاع جميع أسعار السلع والخدمات حتى التى لا تشملها الضريبة نفسها، فاجأتنا الحكومة بمشروع قانون سيناقشه البرلمان فى انعقاده الثانى، يقضى برفع جميع إيجارات العقارات الخاضعة للقانون القديم إلى (50 ضعفا) أى بنسبة ( 500%) تخيلوا ؟! وبعدين تقول الحكومة على لسان وزرائها المبجلين «إنها تعمل دائما لصالح أصحاب الدخل المحدود، وتسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية».

أى عدالة اجتماعية هذه وهى تفرم يوميا صاحب الدخل (المهدود) بقوانين ظالمة تأخذ من الفقير وتعطى للغنى! وأى عدالة هذه وهى تفرض ضرائب على بعض السلع والخدمات تصل إلى 30% وترفض فى الوقت نفسه تحريك مرتبات أصحاب المعاشات 15% وهى نسبة التضخم التى تقضى على أى خطوة إصلاح للاقتصاد المصرى؟

نعم من حق أصحاب العقارات القديمة المطالبة بزيادة الإيجار، خاصة أن معظم أملاكهم يقع فى أحياء وأماكن متميزة تجارية كانت أو سكنية، ولم يعد من المقبول أن تكون حصيلة عمارة مكونة من خمسة طوابق مائة أو مائتى جنيه فى الشهر. ولكن ليس من المعقول أيضا أن يدفع ساكن  الشقة خمسين ضعفا مرة واحدة، وننسى قيمة ما كان يدفعه للمالك عندما كان ثمن هذه العمارة بكاملها لا يزيد على خمسة آلاف جنيه فى الستينيات، وعندما كان للجنيه المصرى وزنه.

إن نظرة سريعة على استخدامات هذه العقارات القديمة، تكشف لنا أنها تستخدم إما للسكن العائلى، أو مكاتب تجارية وعيادات طبية (أطباء، محامون، محاسبون، رجال أعمال، أصحاب توكيلات ومكاتب تجارية، إلخ) وهؤلاء لن يتضرروا كثيرا بعكس الذين يستأجرونها سكنا فهم وحدهم الذين سيدفعون ثمن التشريع  الجديد مضاعفا، لأن معظمهم فقراء فعلا وأغلبهم على المعاش، يعنى «بيسأل الله فى حق النشوق» ، ولا يمكنه المعاش من سداد إيجار المسكن، الذى يستحقه دستوريا وعجزت الدولة والحكومات المتعاقبة عن توفيره.

أقول للمشرع المصرى، "رحماك بالغلابة، وإن أردت أن تنصف فئة فلا تجور على أخرى، ولا تنسَ أن أصحاب العقارات القديمة قد استردوا ما دفعوه لهذه العقارات منذ شروعهم فى تأجيرها"، وبدلا من أن تزيد الفقراء فقرا ، لماذا لا تتدرج فى الزيادة، فتجعلها فى السنوات الخمس الأولى مثلا 100% ، للسكن العائلى و300% للتجارى، بعدها ارفعها إلى 500%، وهكذا بالتدريج، حتى يلتقط الفقير وصاحب المعاش والراتب الضئيل انفاسه، ويمكن أن تدخل مادة فى القانون تجيز إنهاء العلاقة الإيجارية  إذا لم يلتزم المستأجر بذلك. وبهذه الطريقة لا نظلم أحدا ونحرر الإيجارات القديمة من سيف الماضى .

[email protected]