رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

بالصدفة، وأثناء إجراء حوار صحفى مع أحد علمائنا فى مجال الطاقة النووية فى بداية التسعينات، وكان محور الحوار حول استغراق عدد من العلماء المصريين، ومن بينهم بعض علماء الذرة، فى إثبات الحقائق العلمية فى القرآن الكريم!!.. بدلا من توظيف قدراتهم العلمية فى إيجاد حلول لمشكلاتنا المزمنة فى التعليم والعلوم والصناعة والزراعة والأدوية والطب!!

ولكنه فاجأنى، ساخراً بمعلومات خطيرة، ومؤسفة أيضاً، أعددت منها تحقيقاً صحفياً نشر حينها فى «الوفد» حول مأساة علمائنا المشغولين بما هو أهم من العلم.. وصراعهم فيما بينهم على ما هو أنفع لهم ولأولادهم.. وهى عينات المواد الغذائية المستوردة من الخارج والتى يسلمها التجار والمستوردين لفحصها للتأكد من خلوها من الإشعاعات والملوثات الذرية والنووية، وخصوصاً بعد انفجار المفاعل النووى الروسى تشرنوبيل فى عام 1986.

وكان التجار والمستوردون يسلمون العينات من المواد الغذائية، فى كراتين وعلب بأعداد كثيرة، تضم اللحوم والأسماك والحلويات.. وعشرات الأنواع الفاخرة من الأغذية والمشروبات والمنتجات الصناعية ولعب الأطفال.. وغير ذلك، وهذه العينات وبطبيعة الحال لا يتم إرجاعها للمستوردين، الذين كان كل همهم الحصول على شهادة الفحص الإشعاعى للسماح لهم بدخول وارداتهم إلى البلاد.. وهنا يبدأ الصراع بين العلماء على هذه العينات للحصول على أكبر كمية منها.. والحقيقة إنهم كانوا يوزعونها فيما بينهم بعدل وشفافية.. حسب منصب كل عالم!!

تذكرت ذلك، خلال متابعتى مؤخراً لبيان الوكالة الأمريكية للغذاء والدواء FDA التى أصدرته يوم 8 سبتمبر الماضى، ونُشر على موقعها الإلكترونى، وجاء فيه أن وكالة الغذاء والدواء تقوم بالتحقيق فى إصابة 89 أمريكيًّا بالتهاب الكبد الوبائى A، من سبع ولايات، الذين أكدوا أنهم تناولوا العصائر المحتوية على فراولة من محلات تروبيكال سموزى. وأن المعلومات الأولية تشير إلى أن هذه الفراولة تم استيرادها من مصر، وجاء فى البيان أن التحقيق ما زال مستمراً، حول مصدر وأماكن توزيع هذه الفراولة.

ويتضح من بيان وكالة الغذاء والدواء الأمريكية FDA، أنه لا صحة للأخبار المتداولة، خاصةً على مواقع التواصل الاجتماعى، والتى ادعت كذباً متعمداً أن الوكالة قد حظرت استيراد الفراولة المصرية بسبب غسيلها بمياه المجارى، والجبنة المصرية لصناعتها بالفورمالين، الأرز المصرى لتبييضه ببودرة تستخدم فى صناعة البلاط!!

ولكن الاشاعات زادت بسبب تزامن ذلك مع القيود « المؤقتة» التى فرضتها الهيئة العامة للرقابة الزراعية الروسية يوم الثلاثاء الماضى على استيراد المنتجات الزراعية المصرية، خصوصاً الحمضيات بسبب المخاطر الصحية العالية من مصر. ويتردد أن القرار الروسى كان رد فعل على قرار الدكتور عصام فايد وزير الزراعة فى 28 أغسطس الماضى بمنع دخول أى أقماح مستوردة من الخارج، ومنها الروسى بالطبع إلى مصر مصابة بأى نسبة من فطر الإرجوت.

وعموماً، وفى تصورى، أن قرارات الحظر والمنع، هى جزء من الصراع التجارى بين الدول، بل وبين التجار أيضاً، وكذلك جزء من الضغوط السياسية والاقتصادية التى يمكن أن تستخدمها الدول مع بعضها.. خاصة وأن الكثير من الدول الأوروبية والعربية تفرض بالتبعية نفس قرارات الحظر على المنتجات المصرية.. يعنى الخسائر تكون بالجملة، ولا ننسى الحصار السياحى، الروسى والأمريكى والأوروبى على مصر.. والذى خسرت بسببه لا يقل عن 10 مليارات دولار، ثم محاولاتهم أن تخسر نحو 4.7 مليار دولار، وهى قيمة صادرات مصر الزراعية والغذائية للعالم.. والنتيجة أنها اضطرت إلى الاقتراض من البنك الدولى، ومن كل دول العالم.. بما يوازى ما تخسره من التصدير والسياحة.. يعنى يريدون خرابها من كل ناحية، خاصة أنها، أيضاً آخر دولة عربية كبرى.. لم تسقط!.. وهنا لا بد من رؤية كاملة للموضوع.. وانه لا بد من عدم إغفال محاولات ممارسة هذه الضغوط على مصر بسبب مواقفها الدولية والإقليمية من الصراعات الدائرة فى المنطقة.. والتى يمكن أن تؤثر فى عرقلة بعض مصالح الدول الكبرى (ويلاحظ مؤخراً رفض هذه الدول سيطرة المشير خليفة حفتر على موانئ تصدير النفط الليبى التى استعادها من المتطرفين لصالح الشعب الليبى، ويزعمون أنه تمكن ذلك بمساعدة ودعم مصر).

ولكن، هذا لا ينفى أن لدينا مشكلة حقيقية، تصل إلى حد الفساد والإهمال المتعمد، فى معامل ومراكز فحص المواد الغذائية والمنتجات الزراعية سواء المستوردة أو المصدرة، وكذلك فى المطارات.. وكل مؤسساتنا بلا استثناء ، وإننا بأيدنا نعطى السكين للآخرين لذبحنا!!