م.. الآخر
سبع مرات بين جبلى الصفا والمروة بحثًا عن الطعام والماء من أجل ولدها إسماعيل عليه السلام، لم تكل ولم تمل، فقد تركها إبراهيم عليه السلام فى صحراء لا حياة فيها، ولا بشر ولا ماء، وأخذ سيدنا إبراهيم يبكى لأنه رزق بالولد، اليوم يتركه مع هاجر عليها السلام فى مكان آخره الموت، ولكن سألته آلله الذى أمرك بهذا، بعد أن خطابته أكثر من مرة، فرد سواء برأسه أو تكلم وقال نعم، فقالت المرأة المؤمنة الصابرة «إذن لا يضيعنا» وعاشت على القليل من الماء والطعام حتى نفدا، ولم تجلس فى مكانها مكتوفة اليدين تنتظر أن يأتى الله عز وجل لها بالطعام، ولا أن يأتيها الرزق وهى لا تقوم بشىء غير البكاء وإلقاء اللعنات على الناس، والغيرة الزوجية، وعلى زوجها، بل أخذت هاجر رضى الله عنها تنظر حولها فوجدت جبل المروة الأقرب لها فذهبت هناك وصعدت الجبل لتنظر من حولها عن أى حياة أو من ينقذها، فلم تر أحدًا، ثم ذهبت للجبل الثانى الصفا، بحثا عن من ينجدها فلم تجد، وهكذا فعلت سبع مرات، فى ظروف قاسية من الحر، وصعوبة الرمال والصخور، فنظر من يذهب اليوم كيف يجد من المشقة، رغم تهيئة المكان بين الصفا والمروة بكل سبل الراحة، ورغم ما يجده الحاج من طعام وشراب من ماء زمزم، ولكن هاجر كانت بلا ماء ولا طعام لفترة طويلة، كما أن الأرض كانت قاسية متحجرة، كقلوب كثير من المسلمين اليوم ولا حول ولا قوة الا بالله، تحركت السيدة المؤمنة بالله بأنها لن يضيعها حتى جاء الملك (يقال أنه جبريل) وكانت بئر زمزم التى شربت منها، وعاشت وعاشت شعوب حول البئر من بعدها، هكذا يأتى الرزق مع السعي، والتوكل على الله، هكذا يأتى الفرج من شدة الصعاب، والعمل الجاد، ومن مراعاة الله، فما تأخذه اليوم ويصوره عقلك أنه حلال وهو حرام، سوف يأتيك فى الغد رزقًا حلالًا طيبًا مباركًا فيه، فلمَ الاستعجال، ولم التكاسل عن العمل، يجب أن نأخذ من قصص الانبياء عبرة، فلم يسردها الله عز وجل فى كتابه دون هدف، وإنما هدفها العبرة، فرغم مكانة هاجر ووالدها إسماعيل عليهما السلام من الله عز وجل، إلا أن الله سبحانه وتعالى تركها تسعى حتى جاء الفرج، فيجب أن نسعى جميعا فى الدنيا ونصبر، ونجتهد ونرضى حتى يأتى الفرج من الله عز وجل.
وكل عام والجميع بخير وعيد أضحى مبارك.