عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قبل أن تقرأ .. أرجوك حاول أن تفهمنى صح.. فليست مهمة هذا الكلام تثبيط الهمم، كما ليس من مهمته زرع آمال كاذبة بشأن المستقبل، وإنما النظر بموضوعية للأمور لاستخلاص العبر مما كان لضمان السير على الطريق السليم. ذلك أنه إذا كنا قد عشنا فترة من الفترات على مقولة إنه «لا صوت يعلو على صوت المعركة»، فإننا نعيش الآن مقولة مماثلة وإن كان فى مجال آخر وهو أنه «لا صوت يعلو على صوت المشروعات القومية».

بداية يمكن التأريخ للمشروعات القومية لدينا بفترة حكم الرئيس عبدالناصر، ولأن مصر فى منظومة الإنتاج العالمى تعتبر بلداً زراعياً منذ القدم حيث كانت المورد الرئيس للقمح للإمبراطورية الرومانية والمورد الرئيس للقطن للإمبراطورية البريطانية، فقد انطلقت المشروعات القومية من الزراعة باعتبارها الذراع الأساسية للتنمية فى مصر وصولاً إلى هدف النهضة. وهو ما يفسر إقدام نظام ناصر على إقامة مشروع مديرية التحرير فى حقبة الخمسينات باعتباره طليعة المشروعات القومية لتحقيق العدالة الاجتماعية. ورغم أن المشروع قد رأى النور عام 1965، إلا أنه انتهى نهاية بائسة جعلته فى خبر كان.

وبغض النظر عن الاتهامات التى وجهت للسادات بدور فى إفشال المشروع للقضاء على ما بدأه ناصر، فقد كانت الفكرة ذاتها أحد المسوغات التى رأى أنه يمكن من خلالها تسويق نفسه للمصريين، ومن هنا صحونا على مشروع الصالحية الذى قيل وقتها إنه يمثل البداية لغزو الصحراء من خلال قيام شركة المقاولين العرب باستصلاح واستزراع 56 ألف فدان كنواة لخطة طموحة كانت تهدف إلى إضافة ثلاثة ملايين فدان للرقعة الزراعية.. وهو الأمر الذى يعلم الجميع إلى أين انتهى دون الدخول فى تفاصيل يقصر المجال عن تناولها. ويكفى هنا الإشارة إلى ما ذكرته بعض المصادر من أن جميع شركات القطاع الخاص والجمعيات التعاونية مجتمعة حتى عام 2010/2011  لم تنجح إلا فى استصلاح 18435 فداناً دون زراعتها!

ولعله مما يؤكد صلاحية الفكرة بغض النظر عن خطأ التنفيذ أنها راودت الرئيس مبارك نفسه فكان طرحه مشروع توشكى والذى استهدف خلق دلتا جديدة جنوب الصحراء الغربية موازية للنيل تساهم فى إضافة مساحة تصل إلى 540 ألف فدان للرقعة الزراعية. غير أن المشروع للأسف أهدر، فضلاً عن ضياع آمال المصريين فى قفزة زراعية، أكثر من 6 مليارات جنيه دون عائد، وكان من بين العبارات الدالة على حال المشروع بعد نحو عشرين سنة من إقامته ما أبداه المهندس إبراهيم محلب من حزن على تحول معداته إلى خردة.

وسط حالة التيه التى تعيشها مصر فى سبل البحث عن الخروج من مأزق الأزمة الاقتصادية الخانقة التى تواجهها يقدم لنا الرئيس السيسى رؤية طموحة تتضمن ما يمكن وصفه بمشروعات قومية متعددة وليس مشروعاً واحداً من بينها مشروع زراعة أربعة ملايين فدان، الرقم الذى يتجاوز كافة ما استهدف من قبل. أتصور أنه إذا كان لا بد لنا أن نضمن نجاح هذا المشروع، فإن على رأس الأولويات البحث فى أسباب عدم نجاح مشروعات الرؤساء المصريين السابقين؟ وما إذا كان ذلك يعود لتجاوز طموح مشروعاتهم مستوى الممكن ودخولها فى عداد المستحيل؟ وهو أمر مستبعد. أم أن الخلل يكمن فى سوء الإدارة؟ وهو أمر شبه مؤكد.. فتلك هى نقطة الانطلاق الحقيقية للحديث عن مشروع قومى رئاسى ناجح يتجاوز إخفاقات سابقيه! وحتى يتجاوز المصريون سراب ظلوا يجرون وراءه لأكثر من ستة عقود! 

[email protected]