رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

أشرنا فى مقالاتنا السابقة للدور المثالى والنموذجى التى لبست ثوبها العقوبة من مرحلة القهر والانتقام إلى مرحلة الإنسانية وإعمال علم النفس الجنائى وعظمة تطبيقه على أصناف المجرمين.

وفى ضوء ذلك نأخذ القارئ ونصطحبه لنعايش مرحلة المحاكمة وهى فى يقيننا فصل الخطاب فى مصير حياة المجرمين فماذا نرى أيضاً كيف نبدأ المحاكمة وكيف يدار شأنها، والقائمين على حمل رسالة الاتهام وإبعاده «النيابة العامة» وهى خصم محايد لإثبات الدفاع عن المجتمع، ويأتى دور الدفاع عن المتهم من قبل محاميه، وفى الجنايات فإن المتهم الذى لا يوجد محام له، تنتدب المحكمة له محامياً وتعطيه فرصة الاطلاع على أوراق ومستندات القضية.

ونبدأ صفحة جديدة أمام القضاء وعن مثاليته نشير إلى الآتي:

تحت عنوان مباراة الموت والحياة

الادعاء يراها مباراة أمام الدفاع، وإذ ينتصر يظفر برأس المتهم

والدفاع يصرخ: لا تقتلوا الإنسان باسم القانون.. والرحمة فوق العدل والعدل فوق الحكومة

وتبدأ الحكاية من بدايتها: الإعداد للجريمة - وقوع الجريمة - محاولة الهرب وإخفاء معالمها «لماذا؟»، ثم يوم الهول الأول: يوم المحاكمة - كل يقدم حجته: النيابة باسم المجتمع تريد رأس المتهم، والدفاع باسم كل معانى الإنسانية يطالب بالبراءة.. ويناشد إحقاق العدل.

ثم إذا كان القضاء بالموت، يدخل المحكوم عليه بالإعدام عالماً جديداً لا يشعر به إلا سكان مدينة الموت داخل السجون وأشباح المشانق تفزعهم ليل نهار.

ويأتى - إذن - دور الإنسان الناطق، الإنسان متحدثاً ومتحدثاً عنه.

لقد طوى السجل فى الكتب وما طويت الأوراق، بعد.. الأوراق لا تحوى إلا «الماديات» صامتة، ولابد إذن أن ينطقها، بداية ممثل النيابة وبعدها الدفاع ثم الكلمة الأخيرة لذلك الجالس فوق المنصة الكبرى، مجلس القضاء.

بقلم الأخير إذن سيكتب المصير.

وماذا يقول ممثل النيابة، وهو - فى غالب الأحيان - لا يدرى شيئاً من أمر المتهم الماثل، لم يسبق له حديثاً معه، ولكنه يراه قابعاً شارداً، مهموماً داخل الأقفاص، هو اليوم فريسة.

ربما غيره قد تولى أمر معرفة شخص المتهم حال التحقيقات الأولى وعايشه ثم سلمه إلى آخر لم يعش نبضه، ولم تتحرك مشاعره مع سيل دموعه، باختصار هو لا يعرفه المعرفة الحقيقية.

ويقف ممثل الاتهام - يوم المحاكمة الكبرى - قارئاً من كتابه المسطور، أبيضه وأسوده شاهراً فى وجهه سوط الاتهام، مشيراً بإصبعه صوب ذلك الجالس أو الواقف - فى عالم آخر - المتهم.

حقاً إن القلم لا يعصى له أمراً، وما أسهل أن يكيل بكيل الاتهام، ما دام الحديث مباحاً والكلام فى منتهى الحرية، ولا غرو أن ممثل النيابة من قبل ومن بعد من البشر: إنه يحب ويكره وتتجاوب فى ذاته أحاسيس الفرحة أو الغضب، ثم إن طموحه لا ريب فى ذلك يرسم أن يكسب القضية على أى نحو، ويظفر برأس المتهم، وتحت يميننا أمثلة عدة وواقعية تشير إلى أن ممثل النيابة يطلب العقوبة العظمى وفى يقينه شىء آخر - عقوبة أخف - ولكن هو يرى أن واجبه يلزمه أن يطلب الأولى، لماذا وجهوا إلى زمرتهم هذا السؤال، ولذلك قيل بحق: «الله وحده هو القادر على أن يكون محامياً عاماً»، والله يدافع عن الذين آمنوا.