رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

هو مصرى - أمريكى، يعيش هناك منذ منتصف التسعينات، كغيره من آلاف المصريين الذين تركوا الوطن وهاجروا فى أزمنة صعب فيه الزرق وضنت فرص العمل، وكغيره أيضًا برع هناك فى مجاله كمهندس برمجيات كمبيوتر، وصارت كبريات الشركات تلهث وراءه لعمل برامجه مكافحة القرصنة والفيروسات، ورغم عمله المتميز وراتبه الجيد وسنوات شبابه التى أفناها لديهم لإفادة من هم غير أهله، إلا أنه لم يثر، عاش فقط مستوراً، فأنظمة الغرب خاصة مع الأجانب لا تمنحهم غالبا فرص الثراء ليعودوا لأوطانهم بأحفان الدولارات، بل تغرقهم فى الرفاهية والديون، حتى لا يرفعوا رؤوسهم، ويظلون طيلة العمر يلهثون تحت سياط العمل الجاد والإجازات المحسوبة، والأجور التى تمنح رفاهية لا يمكن لمواطن هناك الاستغناء عنها.

المهم أن صاحبنا أحيل للمعاش منذ خمسة أعوام، ولم يعد لديه هناك ما يفعله، فقرر العودة لمصر.. عسى أن يقضى باقى أيام عمره فى راحة وسكينة بين بقايا أسرته، وحمل ما خف وزنه وغلا ثمنه وعاد إلى شقة قديمة بشبرا تركها قبل هجرته وكان يدفع إيجارها بانتظام، المهم لم تكد تمض عليه أيام هنا حتى أصيب بالزهق والقرف على غرار أحمد حلمى فى فيلم "عسل أسود"، فكان يسب ويلعب «أم» البلد واللى فيها انقطعت المياه أو انقطعت الكهرباء، أو انفجرت ماسورة مجارى، صارت حياته لعنات وسباب وكتلة من العذاب وفقا له، فقد رفض كل المعطيات التى تسير بالمصريين لهذه الفوضى والاهمال والزحام، وما يرافق ذلك من رشوة ومحسوبية، وكل ما نعرفه عن مصر من صف طويل من سلوك وأخلاقيات وظواهر سلبية يرفضها المحترمون.

المهم بعد اللعنات وإغلاق باب حياته عليه حتى دون إخوته وأقاربه، ليكفوا عن ازعاجه بزيارتهم أو السؤال عنهم، قرر صاحبنا العودة من حيث أتى، وحزم أمتعته ليعود بخفى حنين وخيبة أمل، سألته حيث تربطنى بعائلته صداقة قديمة، ألم يعجبك أى شىء فى مصر؟

أجاب بوضوح، لا حتى الكرم المزعوم الذى تتمسحون به ليس كرماً، بل إجبار للآخرين أن يأخذوا أو حتى يأكلوا ما أراد الآخر تقديمه له إجبارا وقسرا، فلا ذوق ولا حرية شخصية.

سألته، وهل فكرت أن تفعل أى شىء إيجابى لوطنك، أن تسعى لتغيير أى سلبية، سواء أنت بخبرتك وعلمك أو زملاءك المصريين الأثرياء فى أمريكا، هل فكرت فى عمل مشروع أو حتى حملة توعية بما أنك «فاضى: ولديك خبرة أمريكية عن الحياة النظيفة المنظمة المرفهة، ألم تفكر أنت وزملاءك فى مشروع ما تبصمون به كمغتربين فى أمريكا على وجه مصر ليكون خلدا لكم، يا أخى بدل من أن تعلن الظلام وترحل كان يجب أن تبادر وتشعل شمعة فى وطنك.. أى شمعة.

 

[email protected] com