رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رغم أنها قد تبدو لك مهمة سهلة، فإنها من أصعب ما يمكن. عليك أولاً أن تحدد موقفك، وهل يجب القيام بهذه المهمة من الأصل، أم أنها ترف لا داعى له؟. فإذا كان النظام باطشاً ترتعب من الوقوف أمامه، أو تخشى على مصالحك التى قد يتم إلحاق الضرر بها، أو إذا كنت من «الغاوين» فى الجاه والمنصب، فإن ذلك قد يكون السبيل الأمثل.

أول نصيحة هى أن يكون كلامك مطاطاً يحتمل جميع التفسيرات. فإذا تحدثت عن قضية مثيرة للجدل، مثل سد النهضة مثلاً.. فلتكن عبارتك على شاكلة: إن مصر لا يجب أن تترك الأمر يمر مرور الكرام، ولكن بعد التيقن من خطورة السد. هذه الصياغة تجعلك أمام المواطنين مدافعاً عن مصالح الوطن، وهى توفر لك مجالاً للتراجع حال اتهامك بالتجاوز والسعى لإدخال مصر فى حرب بالإشارة إلى أن منطوق حديثك يسرى حال ثبوت الخطورة، وهو أمر سيبقى فى كل الأحوال غير موضع اتفاق.

وحتى لا يكشفك المترصدون متلبساً بارتكاب جريمة الميوعة وأنت تضبط يدك، لكى تصل إلى منتصف العصا بالضبط، حاول أن تكون غامضاً، ومن المحبذ لو وصل غموضك إلى المرحلة التى توصف بـ«الغموض البناء».. وهو الغموض الذى يصل بكلماتك إلى مرحلة عدم الفهم، أى أن تكون جملتك لا تحمل معنى، وهو ما سيجعل الآخرين يتصورون أنك تقول كلاماً يفوق فهمهم، وفى نفس الوقت لن يجدوا ما يسجلونه عليك.

 فإذا كانت لك ملاحظات على أداء النظام السياسى ولا تريد أن تغضبه مثلاً، وفى الوقت ذاته تغازل خصومه لكى تدعى فى الوقت المناسب أنك عارضته أكثر من معارضيه أنفسهم فاغمز وألمز من بعيد، وبهدوء وعليك بالقول: إن التكلس سمة تتسرب إلى الأنظمة، ويجب أن نحتاط من أن نصل إلى هذه المرحلة، وعلى النظام أن يراجع نفسه لكى يصل إلى مستوى تطلعات الجماهير. مثل هذه المقولة لن تضرك فى شىء، ويمكنك من خلال أحاديثك الخاصة أن تطوعها وفقما تريد.. فهى نصيحة مخلصة للنظام إذا كنت تخاطب أحد مسئوليه تنطلق من حرص على بقائه واستمراره، وهى نقد موجع له إذا كنت فى لحظة صفاء مع معارض محاولاً إنطاق كلماتك ما ليس فيها من أنها حملت تحذيراً للنظام من السقوط حال عدم المراجعة، والتى تعنى بالنسبة لك التخلى عن سياساته التى لا تحظى بالرضا الشعبى.

أما إذا واجهت فتنة، وأردت أن تخرج منها كالشعرة من العجين، مثل فتنة تيران وصنافير، فكن حذراً أشد الحذر، فهذه فتنة مثل قطعة الليل المظلم من الصعب تبين مسير الخطى فيها، ولكن بقدر من التريث ستحقق ما تريد.. عليك أن تكون سفسطائياً، ففى عرضك لموقفك أشر إلى وجهة نظر المؤيدين لإعادتها للسعودية، مع التلميح إلى أنها تحمل قدراً من الوجاهة، حاول ألا يبدو ذلك وكأنه وجهة نظرك، وعليك فى الوقت ذاته أن تشير إلى وجهة نظر المعارضين، وأن تبدو متفهماً لرؤيتهم. حاول أن تلخبط من أمامك وتنهى الكلام بعبارة: بصراحة القضية محيرة يا جماعة! اسحب المحمول من جيبك، وأبدِ قلقك، وانصرف بسرعة وقل وأنت تجرى: المدام فى المستشفى!

[email protected]