عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدرس الأول الذى يتلقاه الطلبة سواء فى المدرسة أو الجامعة أن التاريخ لا يدرس للمتعة أو التسلية وإنما لأخذ الدروس والعظات والعبر. ومن بين أحداث التاريخ التى يمكن استلهام مثل هذه الدروس منها تلك التى واجهتها فرقة الحشاشين فى تاريخنا الإسلامى. لقد كانت الفرقة، إذا حاولنا وصفها بمصطلحات معاصرة فرقة إرهابية تميل إلى استخدام العنف من خلال سلاح أساسى هو الاغتيال، بهدف تحقيق رؤيتها لنسختها الخاصة من الدولة الإسلامية. ولعل ذلك سبب تحول اسم الفرقة إلى صفة تطلق على فعل الاغتيال فى اللغة الإنجليزية «assassin».

بغض النظر عن ضلال أفكار هذه الفرقة أو عدم ضلالها فلن ندخل فى جدل فكرى وتاريخى عقيم ليس هناك مجاله، فقد استطاعت الفرقة وأنصارها أن تلقى بـتأثيرها على مسار حركة التاريخ الإسلامى فى فترة حيوية من تاريخه هى القرنين العاشر والحادى عشر الميلادى تقريباً. وكان لها أثرها بالغ السلبية فى تشتيت جهود المسلمين والتأثير على حكم الخلافة سواء العباسية أم الفاطمية.

باختصار مخل لدواعى المساحة كانت الفرقة مصدر صداع للجميع بفعل إقدام أعضائها على «الاستشهاد» –ولا بد هنا من وضع الاستشهاد بين علامتى تنصيص!- أو القيام بأعمال «فدائية» بعضها مذهل والآخر يندى له الجبين، فى ضوء تحقق الوعد بالفردوس لأعضاء الفرقة وإن كان فى حالتهم أرضى وليس أخروى، وفى ذلك تفاصيل كثيرة.

السؤال كيف تم مواجهة هذه الفرقة الضالة، التى ترى أنها على الحق؟ التمعن فى تتبع السياسات التى مورست ضدها يكشف عن أن الأنظمة المناوئة لها لم تترك وسيلة إلا ولجأت إليها، بما فى ذلك التنكيل والتصفية، غير أنها كلها وسائل باءت بالفشل، فكان اللجوء فى كثير من الأحيان إلى سياسات الاحتواء كسبيل لمواجهة خطرهم.. حدث ذلك من صلاح الدين الأيوبى رغم العداء المستحكم بينه وبينه الحشاشين إلى حد منحهم بيوتاً للدعوة لمذهبهم فى القاهرة وغيرها.. وكذلك من الخلافة الفاطمية فى القاهرة والتى يعتبر الحشاشون فرقة منشقة عنها، وكذلك من قبل الدولة السلجوقية، بل وصل الأمر لممارسة هذه السياسة من قبل الصليبيين الذين دخلوا فى تعاون معهم لكسر شوكة المسلمين. ومن بين كل هؤلاء حقق الظاهر بيبرس نجاحاً منقطع النظير من خلال سياسة الملاينة، فى تطويع قادة الحشاشين وجعلهم رهن إشارة بنانه فكان يعزل من يريد ويعين من يشاء فى منصب القيادة. الوحيد الذى لم يؤمن بسياسة الاحتواء هو القائد المغولى هولاكو الذى انطلق من مبدأ لا مصالحة مع الحشاشين وقامت سياسته على رفض أى نوع من المهادنة واتخاذ مواقف بالغة العنف ودبر مكيدة لزعيمهم واغتاله.

بعد أكثر من عشرة قرون، وبغض النظر عن مجمل السياسات التى اتبعت فى مواجهتهم ما بين السعى لاستئصالهم أو احتوائهم، فإن الحشاشين ما زالوا موجودين كطائفة، وقد اتخذت دعوتهم الجديدة منحى مختلفاً يمثل نوعاً من الاتجاهات الإلحادية المناقضة للإسلام، ويعبر عنهم فى شكل فكرى مركز دراسات يتخذ من لندن مقراً له، يحاول بالتعاون مع دار نشر عربية ذات توجهات علمانية أن يحقق بالفكر ما فشل زعماء الفرقة الأصليون فى تحقيقه بالعنف.. من تقديم رؤية نعتبرها نحن مشوهة من الإسلام!

[email protected]