رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المشاعر الإنسانية لا تحكم العلاقات بين الشعوب ولكن المصالح هى القانون الأول والأخير، والحاكم الآمر الناهى بين الدول، ولكون ذاكرة العرب ينطبق عليها مقولة نجيب محفوظ «آفة حارتنا النسيان» فهم تتناسى تجربتنا السابقة مع اللاجئين الفلسطينيين والذين شجعوا على الهجرة فى أنحاء المعمورة ودول الجوار بينما الإمبريالية العالمية تشجع الصهاينة على استوطان الاراضى المقدسة فى فلسطين، ليظل الشعب الفلسطينى حتى الآن شعب بلا أرض، وقضية بلا حل.

وهذا ما يحدث مع السوريين الآن، فبينما يتغنى الإعلام العالمى باحتواء العالم المتحضر لهم واحتضان أوجاعهم، لا يفكر فى الإجابة عن سؤال لماذا قررت المستشارة الألمانية ذات القلب الفولاذى «ميركل» استقبال العدد الأكبر من المهاجرين السوريين، ولماذا لم يرق هذا القلب لمأساة الصوماليين الذين يموتون جوعاً بالمئات كل يوم، بالتأكيد هناك العديد من الخفايا والمصالح التى حولت هذا الشعب العنيف لكل ما هو أجنبى الى حمامات سلام مرفرقة فوق رؤساء اللاجئين.

فمن المعروف أنّ شيخوخة السكّان في «ألمانيا» كبيرة ولاسيّما بعد عام 2025، الذى سيكون عندهم وقتها مشكلة كبيرة من شيخوخة ديمجرافيتهم، وهذا هو السبب الأول، والثاني، معروف بأنّه تنقصهم عمالة بنسبة 46% من الموظفين ولا يجدون عمّالاً لاسيّما في بعض الاختصاصات كمهندسين وتقنيين، والآن بعض المعلومات تقول لنا إنّ حوالى 150 ألف فرصة عمل موجودة هناك. وبذلك نجد أن الاستضافة والترحيب الألمانى بالسوريين يحتوى على تفكير ودراسة لإعمار البلاد بيدّ عاملة تكون مُثقّفة، لتسد حاجة ألمانيا للمِهن التخصصية، التى ارتفعت الحاجة اليها من 391 ألفاً عام 2010 إلى 589 ألفاً في العام الماضي.

وتتوقّع المؤسسات الاقتصاديّة العالمية أن يتقلّص عدد العاملين في الاقتصاد الألماني عام 2020 أي بعد نحو أربع سنوات فقط، إلى أقلّ من 1.8 مليون شخص- ما يعادل تقريباً عدد الأشخاص السوريين الذين يدخلون إلى «ألمانيا» الآن - وفي العام 2040 قد يتقلّص العدد إلى أكثر من 3.9 ملايين شخص.

وبدراسة بسيطة نجد إن كلّ طالِب لجوء إلى ألمانيا يُكلِّف الدولة نحو 12٫500 يورو في العام، مما يعني أنّ ألمانيا أنفقت تقريباً في العام الماضي نحو عشرة مليارات يورو، ولكنها مع ذلك تقدم على هذا الترحيب باللاجئين!.. ومن المعروف أن «ألمانيا» تتقدّم على اليابان في انخفاض مُعدّل الولادات. وعدد سكانها البالِغ حالياً 80.8 مليون نسمة قد يتراجع إلى نحو 67 مليوناً عام 2020. ونسبة الأطفال الذين يدخلون إلى المدارِس انخفضت بنحو 10 في المئة خلال عشر سنوات، وهذا يوضح أنّ «ألمانيا» بحاجة فعلاً إلى يدّ عاملة. واليدّ العاملة السوريّة كما نعرِف هي يدّ عاملة مُحترِفة، يدّ عاملة غير مُتطلِّبة الكثير، رغم أنّ القانون الألماني يحمي طبعاً اللاجئ، لكنّها غير مُتطلّبة أجورا كبيرة.

وقد طالب وزير الداخليّة الألماني بتكثيف الدعاية لجذب الكفاءات المُهاجِرة، ورئيس اتّحاد الصناعات في «ألمانيا» قال، «إذا تمكّنّا من إدخال لاجئين سريعاً في سوق العمل سنُساعدهم ولكن سنُساعِد أنفسنا». على الجانب الآخر نجد موقف أوروبا من موضوع اللجوء السوري موقِفا مُخجِلا ومُخزٍيا ويتنكّر لكلّ القِيَم التي تدّعي دول أوروبا أنّها تُمثّلها. أولاً، اتفاقيّة «جنيف» الرابعة تقول، ممنوع على أيّة دولة ألا تستقبل اللاجئين، يمكنها أن تُدخلهم ولاحقاً تفرِزهم لكن من الممنوع رفضهم والبعض يرفضون ويقفلون الحدود وصارت أوروبا الآن قلعة مُقفلة. النقطة الثانية، توجد اتفاقيّة أوروبيّة لحقوق الإنسان والبند رقم 2 فيها يقول، أيّ شخص في حال الخطر، ضمن الأراضي الإقليمية أو المياه الإقليمية لأي بلد، في حال خطر الموت يجب استقباله، ولكن هناك ثلاثة آلاف وتسعمائة غرقوا في البحار، و ثلاثون ألفاً تعرّضوا للخطر.. وللأسف أن «تركيا» التى لعبت دوليا بقصة الطفل السورى آيلان كان لها دور غير مشرف في إرسالهم والضغط على أوروبا بهم، وأخذت مقابل هذا ثلاثة مليارات دولار ومؤخرا أعلن وزير العدل والهجرة السويدي، أنهم سيطردون حوالى 80 ألف لاجئ في «السويد».. و«الدانمارك» أصدرت قرارات أيضاً بمنع اللجوء إليها.

والأرقام المتوفّرة لدى المفوّضية الدولية لشئون اللاجئين الآن تشير إلى أنّ أكثر من 4.6 ملايين لاجئ سوري هُم خارِج «سوريا»، وهُم ضمن سجلاّت المفوّضيّة السامية في الأمم المتّحدة لشئون اللاجئين إضافةً إلى أنّ هناك أكثر من 6.5 ملايين نازِح في داخِل «سوريا» أُجبروا على ترك منازلهم قسراً وهم موجودون الآن في أماكن غير صالحة في الكثير من الأحوال في ظلّ أوضاع البرد الشتوي، ويعانون الظروف القاسية جداً. الوضع الإنساني طبعاً في هذه الأزمة للاجئين والنازحين على حدٍ سواء هو وضع مأساوي جداً.

ومن المعروف أن «أردوغان» سعى إلى إغراق الدول الأوروبية باللاجئين، حتى تخرج هذه الدول معلنة عدم قدرتها على استقبال المزيد من اللاجئين، ليستثمر «أردوغان» الفرصة ويحمل مسئولية غرقهم وتشريدهم إلى الدول الأوروبية، لتأتي هذه الدول اليه مع قبولها بسلسلة طويلة من المساومة والابتزاز والاستغلال، من على رأسها الدعم المالي لتركيا، ولقد حصل على جزء منه وإعادة تنشيط محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، والضغط على هذه الدول للتغاضي عن انتهاك السلطات التركية لحقوق الإنسان والقمع بحق الصحفيين والمحامين والاضطهاد السياسي، ووقف الاتحاد انتقاداته لممارسات القمع في تركيا. الى جانب عدم الوقوف ضد ما تفعله فى سوريا وأكرادها ومحاولتها المستميتة لضم الموصل العراقى اليها من جديد، وللأسف أن من دفع الثمن هو اللاجئ السورى المسكين.