رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عرفت المذيعة عزة الحناوي عن قرب قبل ثورة 30 يونيو 2013 بأسابيع قليلة وكانت ضمن عدد كبير من المذيعين والمذيعات في وقفاتنا المتكررة سواء أمام مبني ماسبيرو أو أمام قصر الاتحادية تنديداً بحكم الإخوان، واستمر الحال حتى يوم الحسم الكبير بإسقاط هذا الحكم المتخلف يوم 3 يوليو.. بعد ذلك لم ألتق الزميلة عزه الحناوي وتابعت كغيري المشكلات التي ترتبت على طرحها لآرائها الشخصية من خلال برنامجها التلفزيوني في الأحوال العامة وفي السلطة السياسية الحاكمة وتحديدا بعد تولي الرئيس السيسي مسئولية قيادة البلاد رئيسا منتخبا لمصر.. وكانت الحلقة الفاصلة في مواقفها يوم الأحد الماضي على شاشة قناة القاهرة (القناة الثالثة سابقاً) عندما انفردت بالحديث الأقرب للخطاب السياسي متجاوزة لدور المحاور ومنحِّيةً لأبسط القواعد والأصول المهنية.. وأنا لست بصدد لا التأييد ولا التنديد بزميلة إعلامية خاصة أنني وفي حدود معرفتي بها تركت لدي شعوراً بالاحترام ولم ألحظ في أفكارها أو آرائها أي نوع من التطرف أو الحدة أو الانفعال ولا أدري ما الذي تغير بها من 2013 إلي يومنا هذا.. ولكن.. وهنا مربط الفرس هل ستحاسب عزة الحناوي على ما أعتبره البعض تطاولاً على شخص رئيس الدولة أم لإهمالها لدورها ولأصول وقواعد المهنة؟ لو أنها ستحاسب على التطاول واستناداً لنصوص قانونية فهذا شأن خاص بمفهوم العدالة وميزانها وفقهها ولا يجب تسييس الحدث أو التركيز على البعد السياسي فيما صدر عن الزميلة الإعلامية عزة الحناوي –أما لو أن الحساب سيكون دافعه تجاوزها لدورها كمحاورة وافتقارها للأصول والقواعد المهنية فإنه من المخزي أن يتم ذلك معها فقط لأن حالة الفقر المهني هي الغالبة على معظم من يطلون من خلال شاشات التليفزيون المصري والقنوات الخاصة والأمثلة كثيرة ويعرفها أبسط الناس– واذا كان تقمص المحاور لشخصية الخطيب السياسي أو زعيم المعارضة وانتقاده لرئيس الدولة إلي حد التطاول بلغة غير لائقة أمراً مرفوضاً مهنياً فإن الحال نفسه يجب أن ينطبق على نوع آخر من مقدمي البرامج الذين يتقمصون دور زعيم الأغلبية ويمجدون شخص القائد ويعددون إنجازاته لأن هذا أيضاً ليس دورهم ويجب محاسبة من يهرتل ومن يطبل على حد سواء.. أما القنوات الخاصة فإن برامج التوك شو بها عبارة عن منابر سياسية لمقدميها ولا يمكن تجاهل أو غض الطرف عن العلاقة غير الشرعية بين أصحاب رأس المال المالكين لمعظم الشبكات الفضائية وبين مجموعة من مقدمي البرامج، خاصة الذين يجمعون بين العمل الصحفي وتقديم البرامج التليفزيونية والإذاعية.. الشاشات تحولت إلي بورصات مصالح ولوبيهات ضاغطة تدافع بشراسة وحماقة أحياناً عن مصالح أفراد أو جماعات بعينها.. عشرات القنوات التي تنتمي لاتحاد الإذاعة والتليفزيون تفتقر لأي سياسة تحريرية أو ما يسمي بـ«ستايل بوك» مما يجعل معدي ومقدمي البرامج يغردون فرادي دون أي رابط بينهم، وكأن كل فريق يلعب لصالح بلد مختلف عن الآخر ومع الآخر.. وهي للحقيقة مشكلة قديمة وليست مرتبطة بالقيادات الحالية وحدها ولكنها كأي شيء يتراكم غبارها إلي أن يصبح بمرور الوقت جبلاً من المشاكل المعقدة.. الوجه الآخر لمشكلة المذيعة عزة الحناوي يتعلق بالقيادات الإعلامية داخل شبكة المحليات سواء رئيس الشبكة أو رئيس القناة – لأن المذيع أو المذيعة بأي قناة من المفترض أنهم يعملون وفق مفاهيم ومعايير وأن هناك متابعة يومية من القيادات لما يقدم على الشاشة وأن المحاسبة يجب أن تكون مهنية بإعادة التأهيل والتدريب وليس فقط بالعقاب والترهيب- من سيحاسب هذه المذيعة عليه استدعاء القائمين عليها ويحدد مسئوليتهم عن هذا الارتباك والعشوائية الاعلامية على شاشاتهم.. القنوات الخاصة تختلف عن إعلام الدولة في أنها تعرف ما تريد وما تسعي إليه لكن الكارثة أنها تصدر خطاباً إعلامياً إما سطحياً وفارغاً من أي قيمة أو خطاباً ملغماً بأهداف وغايات خاصة بالقائمين عليه أو خطاباً يحمل في طياته اجتهادات فردية أحياناً تصيب وأخرى تخيب.. وهذا لا يعني أن هذه القنوات لا تقدم شيئاً تستحق عليه الثناء –أنا أتحدث عن برامج المساء السياسية التي تتناول الشأن العام– وهناك برامج منوعات لها قيمة عالية جداً مثل صاحبة السعادة ومع مني الشاذلي ونافذة المسرح الجميلة بقنوات الحياة.. المصيبة في مصاطب السياسة والشأن العام والتي أصبحت سبوبة لكثير من المرتزقة والأمنجية وتجار المبادئ.

حتى هذه اللحظة الدولة تقف موقف المتفرج على المشهد الإعلامي –عام وخاص– وأعتقد –وهذا ظن شخصي– أن الدولة المصرية تركت هذا المشهد ولاتزال يتفاعل وتزداد عواصفه، ووسط العاصفة تتعرى نوايا وضمائر ومصالح ثم تصل الأحداث لذروتها ليخنق اللاعبون أنفسهم بأيديهم لا بيد عمرو.. إلا أنني أتخوف في ذات الوقت من أنه ليس كل ما تتمناه الدولة ستجده في وقته ومكانه وأخشي أن حالة السيولة الإعلامية والفلتان الإعلامي المسيطرة على المشهد العام قد تخلق أزمات وتفجر مشكلات لا يكون بمقدور الدولة وقتها أن تواجه عواصف هبت في غير موعدها ومن جبهات لم تكن على خريطة المواجهة.

[email protected]