رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

يخطئ من يتصور أن شيئاً يبقى على حالة.. فالحياة كلها ليست إلا حالة مستمرة من تبديل شىء بشىء، ومن حالة تغيير إلى أخرى.. وكل ما نطلق عليه التطور أو التقدم ليس سوى جديد خرج من قديم، وحى يخرج من ميت.. وصدق الشاعر العبقرى أبوالعلاء المعرى عندما قال خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد!!

وهناك فيلسوف يونانى قديم اسمه «هيرقليطس» قال: «الإنسان لا ينزل النهر مرتين» وكان يقصد أن الفرد فى كل مرة يضع قدميه فى النهر فإنه يضعها فى مياه جديدة.. غير التى كانت فى المرة السابقة، وأن الحياة مثل نهر متدفق من المياه.. متغيرة باستمرار، ولذلك العالم كله فى حالة صيرورة وتغيير.. أى فى حالة تطور وتقدم.. ولا شىء ثابتاً على الإطلاق!

ولهذا.. فإن المقولات القديمة، التى مازال، للأسف، الكثير يرددونها، ومنهم كبار المسئولين بالدولة، الذين يعولون عليها كثيراً فى تثبيت علاقاتهم الدولية والإقليمية، وفى الحصول على المنح أو المعونات، أو القروض على أن مساعداتهم هذه ضرورية للحفاظ على الدولة المصرية من الانهيار كجبل جليد عليهم جميعا..!! وكذلك الكلام على أنها العمق الاستراتيجى للدول العربية، أو أنها مركز الثقل أو رمانة الميزان فى المنطقة، وأن القوى الدولية الفاعلة مثل أمريكا وروسيا، وأوروبا، وكذلك الدول العربية كلها.. لن يتركوا مصر تسقط.. حتى ولو لم يريدوا لها أن تتقدم ولكنهم سيحافظون عليها فى وضع ثابت فى الوسط.. لا هى دولة متقدمة أو ناجحة.. لأن فى ذلك خطراً عليهم جميعاً.. ولا هى دولة على وشك السقوط أو فاشلة.. لأن فى ذلك أيضا خطراً عليهم جميعا.. ولكن الحقيقة ان هذه المقولات قابلة للتغيير، والتعديل مثل كل شىء فى الحياة.. وأنه يمكن أن يتركوا مصر تنهار، إن لم يكن ذلك هو الذى يريدونه جميعا.. فقد تركوا سوريا تنهار، وخربوا اليمن، ودمروا ليبيا وقسموا السودان.. فماذا حدث لا شىء.. لأن هناك متغيرات سياسية دولية وإقليمية تسمح الآن بما لم يكن مسموحا به من قبل!!

حتى الشعوب تتغير.. ومنها الشعب المصرى نفسه.. ليس هو نفس الشعب الذى وقف بجانب الرئيس عبدالناصر، ووضع الحزام على وسطه، وتنازل عن كل شىء للمجهود الحربى، لدرجة أنه كان يقف طوابير للحصول على علبة كبريت خشب او صابونة غسيل.. وحتى لما مات عبدالناصر، وقف بجانب الرئيس السادات، بل كان العمال والطلبة والشعب كله يخرج فى مظاهرات يطالب بالحرب للضغط على السادات ليحارب، فقد كانت لديهم شكوك انه يمكن أن يتراجع عن الحرب.. وحارب الشعب كله وانتصر، واسترد كرامته نظيفة فى حرب أكتوبر بعد أن «مرمغها» عبدالناصر ورفاقه، ومنهم السادات، فى تراب هزيمة يونية، وفى طين معركة لم يحارب الشعب فيها..!!

هذا الشعب ليس نفسه الآن.. وهذا ما لم يفهمه الرئيس مبارك، طوال 30 سنة، وقد صبر عليه الشعب على أمل أن ينصلح حاله، ويصبح رئيساً جيداً.. ولكنه للأسف كان من سيئ إلى أسوأ.

ولذلك لن يسيطر على هذا الشعب رئيس من جديد، خاصة بعد تجربة جماعة الإخوان المريرة والدامية.. والتى لازال الشعب يدفع ثمنها من دماء وأرواح أبنائه من الشرطة والجيش فى سيناء.. يومياً!! ولكن مشكلة الرؤساء كانوا ثابتين على سياسة واحدة فى التعامل مع هذا الشعب بينما الشعب يتغير، والعالم كله يتغير.

[email protected]