رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

فى مثل هذا اليوم من العام الماضى ودع أخى الحبيب سامى الحياة وأسلم الروح لبارئها. كان مؤمنا مسكونا بالتهجد وعبادة الله. يمضى أغلب وقته فى قراءة القرآن إلى الحد الذى كان يختم فيه المصحف فى غضون ثلاثة أيام. إنها نعمة التهجد والايمان العميق التى منحها الله له.مازلت أتذكر هذا اليوم الذى ودع فيه أخى دار الفناء وانتقل إلى دار البقاء. عاد من الخارج بعد صلاة العشاء وجلست معه نتحدث عن تطورات الأوضاع فى مصر والعالم العربى وحوادث العنف والارهاب التى اجتاحت المنطقة والسبيل للخروج من هذا الطوق الصعب. وفجأة انحنى برأسه ليلامس الركبتين ثم غدا فى وضع السجود. ظننته يصلى ولكنه كان قد ودع الحياة وأسلم الروح للخالق.

كان أخى يتحدث كثيرا عن الموت ولم يكن يخشاه خلافا لما جرت عليه العادة، فالإنسان فى الأغلب لا يستسيغ ذكر هادم اللذات ومفرق الجماعات رغم أنه يداهمنا فى آية لحظة ولا يفرق بين ملوك وأفراد عاديين، ولا بين ثرى وفقير. إنه الموت المفاجئ الذى يعتبره العلماء من علامات الساعة.مفارقة غريبة تستحق التأمل لمشيئة الله تعالى، فالجميع أمام أمر قاطع، فكل نفس ذائقة الموت. ولكن الموت المفاجئ هو الذى يضع المرء أمام الحيرة والذهول ومراجعة النفس التى تجتذبها دوما مفاتن الحياة وتستهويها الدنيا. ورغم أن الموت حقيقة ويتعين على الانسان أن يعتبر من هجمته التى تأتى على غير توقع إلا أن الانسان جبل على سرعة النسيان ليعاود حياته من جديد، فيتكالب على المال والملذات ويخطط للمعارك حتى لأقرب الأصدقاء ويحفر الحفر للغير ويغيب عنه أنه قد يكون أول من يقع فيها.

لقد رأينا كيف أن الانسان جبل على النسيان دوماً، الذى سرعان ما يسيطر عليه لينخرط البعض فى الخداع والبهتان وتسكن الواحد منهم النفس الأمارة بالسوء فيغرق فى بحر النفاق للرؤساء طمعاً فى الظفر بالوليمة. تقوده الأنانية ويغيب عن عمد القيم والأخلاق . يصبح فى غفلة عن مصيره المحتوم ولا يفيق من غيبوبته ولا يتخلى عن الترهات التى ملأ بها حياته إلا عندما يفاجئه الموت. أما أخى الحبيب فلقد كان على النقيض. يستدعى الحديث عن الموت ويؤمن بأن الموت يلاحق الجميع فى أية لحظة،ولهذا يتعين على المرء أن يعمل دوما على أن يرضى الخالق بالابتعاد عن الفتنة والغفلة ، وأن  يعمل فى حياته لما بعد الموت تأسياً بقول أمير الشعراء أحمد شوقى:

 دقات قلب المرء قائلة له         إن الحياة دقائق وثوانى

فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها      فالذكر للانسان عمر ثانى

إنها الحكمة التى غلبت على أخى الحبيب وحاول فى حياته تذكير الأهل والأقارب بها. طالباً منهم العمل الخير الذى يكتب فى سجل كل منهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.واليوم وبعد مضى عام على رحيله لايسعنى إلا أن أدعو له بالخلود فى جنة النعيم وأسأل الله أن يغفر لنا ذنوبنا ويلحقنا بالصالحين. إنا لله وإنا إليه راجعون...