رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

وقف الشابان بمظهرهما المتواضع أمام المحل المزين بالقلوب والورود الحمراء و«الدباديب» القطيفة يلتقطان الصور دون شراء شىء.. البالونات تتطاير متراقصة على شرائط السلوفان.. الصباح دافئ جداً على غير العادة من أيام شتاء هذا العام.. أشعة الشمس مخملية تنزاح على الأجساد والمشاعر كملمس القطيفة المصنوعة منه «الدباديب» الحمراء، حدجهما صاحب المحل بنظرة ذات معنى، فشعرا بالحرج وهمَّا بالانصراف، حين تدخلت أنا بشراء بعض الورود، طالبة منه أن يتركهما يلتقطان الصور، فما الضير فى ذلك، إن لم يقدرا على شراء زهور الحب، فعلى الأقل يمكنهما التقاط الصور بجانبها للذكرى للشعور بفرحة القلب فى هذا اليوم الفريد ولو بالتقاط صورة أو حتى لحظة خيال فى يوم عيد الحب، الذى مهما هدمته ألسنة التطرف وحولته إلى يوم ضلال، سنظل نعترف به ونحتفل وليت كل أيامنا أعياد حب.. فمن قال إن الحب حرام أو عيب ليس بإنسان، فغياب الحب للآخر عن تفاصيل حياتنا الإنسانية هو السبب الحقيقى فى كل ما يراه العالم من اقتتال وحروب ودمار، غياب الحب يخلق الأنانية.. والأنانية تخلق الخراب لأنها سبب توحش رغبة الإنسان فى امتلاك كل شىء دون غيره، وكرهه الخير للآخرين سواه، ورغبته أن يموتوا ليعيش، أن يفتقروا ليغنى، أن يتخلفوا ليتقدم.. وهكذا.

الحب يا سادة صانع المعجزات والأساطير، ولا أقصره هنا على حب الرجل للمرأة الذى سجلته حكايات قيس وليلى وروميو وجوليت وعنتر وعبلة، والملك إدوارد الثامن الذى تنحى عن عرش إنجلترا من أجل محبوبته وآليس سيمبسون، بل أقصد به الحب المطلق فى كونه وتفاصيله، الحب الإنسانى لكل شىء فى الحياة، الحب الذى يبنى ولا يهدم، الذى يمنح الإنسان طاقة خلاقة فى الإبداع والعمل والعطاء، ولنبدأها بالأسرة، فحب الأب والأم للطفل يترجم فى العطاء والتفانى والتضحية من أجل إسعاد هذا الطفل، حب الطفل لوالديه سيجعله مطيعاً لهم مرتبطاً بهم، تابعاً لتعاليمهم مستجيباً لأصول تربيتهم، ثم حب الطفل للمدرسة والمدرسين هو الدافع الوحيد لارتباطه بالمدرسة والمدرسين، وسبب رغبته فى التفوق وإثبات الذات، حب العامل لعمله، هو الشىء أو الدافع الوحيد الذى يجعله يتفوق على نفسه ويقوم بواجبه كاملاً دون نقصان، ليبدع فى عطاء كامل وتفانٍ، ولينعكس عطاء الحب على رفع الإنتاج أو كفاءة العمل ورقى الخدمات.

حب المعلم لمهنته، الطبيب.. المهندس.. الخفير.. الوزير.. كل فى مهنته، لو أحب كل منهم عمله لتفانى وأخلص، ولمنح كل ما لديه من جهد ووقت لأداء واجبه وخدمة الآخرين دون تأفف أو عزوف، فتكون ساعات العمل بالنسبة له ساعات حب واشتعال وجدانى متواصل، والسؤال: كم منا وصل إلى مرحلة الحب الحقيقى لما يعمله؟.. الإجابة ستأتى مخيفة جداً.. وأخشى أن أقول واحد بالمائة فقط أو أكثر قليلاً، والسبب فى ذلك هو الشعور بالاضطهاد، بغياب الحق، بغياب العدالة، بتمييز الفشلة المنافقين على حساب الناجحين المتفانين فى أعمالهم، يضاف إلى ذلك فقدان عوامل التنمية البشرية فى كل مصلحة أو مؤسسة من مؤسسات العمل فى مصرنا الحبيبة، فلا أجواء عمل متوافرة، ولا مكاتب أو أماكن عمل آدمية نظيفة راقية، ولا تقدير معنوياً أو مادياً من الرؤساء وفقاً للكفاءات، فحل الغضب مكان الرضا، والكره للعمل مكان الحب، وأصبح أغلبنا يذهب لعمله وكأنه ذاهب إلى سجن إجبارى سيقضى فيه ساعات ثقيلة وأوقات يكرهها، وبالتالى يكره الجمهور الذى يقوم بخدمته دون ذنب لهم، ويتفنن فى أن «يطلع عين أمهم» حتى يقضى لهم طلباتهم، بل يصل به حد الحقد والكره إلى ابتزاز جيوبهم بالرشاوى، لأنه يكره أن يعطيهم حقوقهم بلا مقابل، كما ضاعت حقوقه هو بمؤسسته دون ذنب.

فإذا ما كانت دولة الإمارات قد أعلنت حقيبة وزارية فريدة هى الأولى من نوعها فى العالم «وزير للسعادة» ومن بعدها وزيرة للتسامح، سألخص أنا كل هذا فى حاجتنا لوزير أو وزيرة للحب، فالحب يا سادة هو مفتاح الشفرة فى حياتنا التى باتت كئيبة عابسة لا ابتسامة فيها ولا فرحة، عندما ضاع الحب من حياتنا، صرنا كالآلات نسير ونتحرك ونؤدى عملنا بصورة روتينية كريهة لا روح فيها ولا حياة، فضاعت البهجة من تفصيل يومنا، نعم نحتاج وزيراً للحب تكون مهمته إزالة كل أسباب الكره والعبوس فى حياتنا، فى مدارسنا، فى مصالحنا، فى مؤسساتنا، وأعنى بذلك الإصلاح الشامل والتنمية البشرية بتهيئة الأجواء الإنسانية فى التعليم وفى العمل، فالتعليم والعمل هما قطبا الحياة فى مصر وفى أى دولة بالعالم، وما بينهما يمكن علاجه بسهولة.

نعم نحتاج وزيراً للحب بالمفهوم السالف ذكره، ليكون الحب هو فلسفة حياتنا اليومية وروحها الجميلة المرفرفة في فضاء يخلق لنا السعادة، فتحت الحب تندرج كل المعطيات الأخرى لمعانى التفانى والعطاء والتضحية لأجل الآخرين، ومواصلة العمل فى كفاح دون كلل أو ملل، فالحب عطاء دون مقابل هو الحياة والتضحية والأمل.. هو الشعور النظيف للآخرين.. الإحساس الصادق الذي يجعل الإنسان أكثر رقياً وترفعاً.. إنه النبل والفضيلة هو المسئولية تجاه الآخرين.. هو التوحد معهم لنوجد الحلم.. والأمن والمأوى.. الحب كيان شامخ وعظيم هو المطر الذي نغسل فيه أنفسنا والضوء الذي نمر به إلى طريق أحلامنا.. هو المكان الذي نبني فيه مدننا ونغرس فيه شجر حياتنا وما أحوجنا لوزارة حب.

هامش حب:

أعتذر عن شعورك دونى بالوحدة والوجد، آسفة على الفوضى التى تركتها فى حياتك برحيلى العمد.. نادمة لأنى جرحتك فى ثورة الكرامة دون قصد.. جرحتك لإرضاء كرامتى والناس.. ونسيت أنك لى كل الناس.. ها أنا ذا أحرم نفسى لقياك فكيف لى أحرم نفسى من ذكراك.. حتى أنساك.. لا أنساك؟

 

 

[email protected]