رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

في سوق النخاسة السياسي وعلى مذابح الأيديولجيات الخاوية والشعارات الدينية المريضة والمهووسة، سقط نصف سكان الوطن العربي تقريباً فقراء أو تحت عتبة الفقر. رغم أن الوطن العربي ينتج ثلث الثروة النفطية العالمية، وتضرب البطالة 20 مليون شخص فيه. أما الأميّة فحدّث ولا حرج. تخيّلوا أن مئة مليون عربي أميّون. وحين تكون البطالة والبطون والعقول خاوية والقلوب ملأى بالغضب، كيف لا يرتمي كثير من هؤلاء الشباب في أتون الإرهاب؟ كيف لا تغسل عقولهم فتصبح أجسادهم وقوداً لنار الفتن والاقتتال؟

فهل يعقل أن عدد العاطلين عن العمل في فلسطين يقارب 30%، مما يضطر نحو مئة ألف فلسطيني تقريباً للعمل عند الإسرائيليين أو في المستوطنات. تخيّلوا مأساة العامل الفلسطيني الذي يعمل عند جلّاده وسارق أرضه وقاتل أهله. وفي حلب السورية، عاصمة الصناعة، دمّرت المصانع وتقول السلطات إن ألف مصنع سرق إلى تركيا فتشرّد العمّال في ساحات الاقتتال والفتن وربما الإرهاب، ووسط المؤامرات التى يعيشها اليمن التعيس نجد أن البطالة في اليمن قاربت على 60% ونصف اليمنيين يعيش على وجبة واحدة في النهار. وإذا هرب العامل اليمني من الفقر والبطالة قتلته قذيفة أو صاروخ.

ووسط هذا الدمار ينتعش سوق السلاح؛ ففي الأعوام الثلاثة الماضية اشترت دول الخليج أكثر من 200 مليار دولار أسلحة بعضها للأسف ذهب إلى ساحات الاقتتال العربية - العربية فانتعشت مصانع الأسلحة العالمية وانتعشت مقابر موت الشباب في وطننا العربي. فالإرهاب والتكفير والجنح والجرائم تنتشر بين الفقراء. والفقر والتهميش والبطالة يؤثرون حتى على الأوضاع الأمنية في الدول والمنطقة العربية تعاني البطالة خلال العقدين الأخيرين والوثائق والتقارير تشير إلى بـ 20 مليون عاطل عن العمل في الدول العربية، 30% من الشباب تقريباً عاطلون عن العمل. والشباب في المنطقة العربية يعانون من أعلى مستويات البطالة بين الشباب عالمياً. وبطالة المرأة الشابة 3 أضعاف بطالة الشاب، .

وأسباب هذه الأرقام الكارثية يربطها البعض بالاستعمار ونشأة البروجوازية العالمية والرأسمالية العالمية، والمأساة تكمن فى أننا دول تصدّر مواد أولية وهم يبيعون سلعاً صناعية بأغلى الأثمان، وساهموا أيضاً بالتخلف الاقتصادي من خلال تخصيص هذه الدول بإنتاج سلعة واحدة، ونحن نعلم علمياً أنه يجب أن تكون القطاعات الاقتصادية متنوعة ومتوازنة.

هذه هي الأسباب الخارجية، أما الأسباب الداخلية فهي عديدة منها ما هو سياسي، ومنها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو اجتماعي. في الشق السياسي، الأنظمة المستبدة والديكتاتورية والقمع وأنظمة المخابرات ساهمت مساهمة كبيرة في تفقير وتهميش هؤلاء الناس. فمعظم هذه الدول تريد أن تبقى شعوبها في التهميش والفقر والبطالة كي لا تطالب بالمشاركة السياسية والعدالة الجتماعية غير موجودة في معظم الدول العربية، لا يوجد تكافؤ فرص، توزيع ثروات غير عادل، لا توجد تنمية اجتماعية واقتصادية وصحية؛ وهناك فاسدون ولصوص يتقاسمون ثروات هذه الدول.

بالتأكيد أن عمليات الفقر والبطالة والتهميش هي أحد العوامل الأساسية التي يمكن استثمارها في التعبئة الأيديولوجية وبالتالي في إطار التجنيد في داخل هذه الجماعات الارهابية، لكنها ليست منتجاً يتبع طبقات الفقراء أو المهمشين. فنحن نعلم أن تنظيم القاعدة على سبيل المثال هو أحد أكثر التنظيمات السلفية الجهادية انتشاراً؛و زعيم التنظيم، بن لادن الذي قتل في مايو 2011، كان ينتمي إلى طبقة عليا ولا يعاني لا من الفقر ولا من التهميش. وكذلك نرى الزعيم الحالي للتنظيم، أيمن الظواهري، هو طبيب بمعنى أنه لا يعاني من الأمية والفقر وينتمي إلى طبقة وسطى عليا. إذاً هناك مزيج من الطبقات فى الإرهاب.

وأعتقد أن هذه الجماعات تحاول استثمار جميع هذه القضايا كأي ظاهرة إنسانية. القضايا المتعلقة بالمسائل الرمزية الدينية والثيولوجية، وهناك قضايا متعلقة بالمسائل المادية، المتعلقة بالفقر والبطالة والتهميش والقضايا السياسية والطائفية. في النهاية كل هذه القضايا يستثمرها تنظيم ما، تتوافر لديه أيديولوجيا وتمويل وهيكلية منظمة في محاولة التعبير عن ذاته في إطار معيّن، وللأسف أن ثورات ماسمى بالربيع العربى ساعدت على تأزم الوضع، ومثال على ذلك تونس فبعد الثورة تأزّم الامر، بمعنى أن هناك نسبة بطالة أعلى وهناك اقتصاد في وضع حرج، والوضع على المستويين الاقتصادي والاجتماعي سيئ،.وسوق العمل أثّر على نمو الإرهاب، خصوصاً أننا شهدنا للأسف في تونس خلال السنوات القليلة الماضية حالات من الإرهاب القاسي الدموي إن كان في الداخل أو عند الحدود مع الجزائر أيضاً.

البطالة والفقر أعطانا 3 ظواهر محفوفة بالخطر. أولاً الإرهاب، والهجرة السرّية، والمخدرات، فالإرهاب ينشأ بشكل خاص في المناطق التي لم تستفد من التنمية وبها الكثير من البطالة والفقر والأمية؛ الى جانب الفساد، وعدم توزيع الثروات بشكل صحيح ومجلة فوربس الأمريكية التي تصنّف الأغنياء في العالم، تقول: إن الأمراء فقط يملكون «كاش» في جيوبهم 2000 مليار دولار. هذه الأموال لو صرفت في سبيل تنمية اجتماعية صحيحة لن يكون هناك فقر إلى هذه الدرجة، بالاضافة الى غياب الطبقة الوسطى، فقبل 2400 سنة قال أفلاطون إن الطبقة الوسطى هي صمّام الأمان للمجتمعات؛ ونحن محوناها الآن.. وكل هذه العوامل تؤدى إلى نتائج كارثية وهى الأكثر خطورة من إسرائيل علينا.