رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

سافرت الي كل المحافظات.. وتجولت في معظم المدن والقرى، بحكم المهنة، وبعد انقطاع سنوات عن التجوال داخل مصر، قمت مؤخرا برحلة الى اسوان والاقصر، وهذه المرة كسائح، ومن خلال شركة سياحية، وكنت حريصا منذ اللحظة الأولى على المتابعة بدقة لكل إجراءات الشركة السياحية وكذلك مسارها ومدى الالتزام بتنفيذ البرنامج.. وتصورت إنني سائح اجنبي منذ لحظة وصوله حتى لحظة رحيله.. حتى استطيع الإجابة، بالنيابة عنه، عن السؤال الذى من المفترض ان يسأله ويعرف اجابته السيد وزير السياحة.. وهو: هل يمكن أن يعود السائح مرة أخرى أو يدعو الأخرين في بلاده للسفر الي مصر؟!

في مطار القاهرة القديم، وفي صالة الطيران الداخلي تكدس ركاب نحو أربع طائرات، عددهم يزيد على 400 راكب في هذه الصالة التي لا تزيد مساحتها على 150 مترا، ويوجد بها مقاعد لا يزيد عددها على 50 مقعدا.. يعنى اكثر من 350 راكبا معظمهم من كبار السن والأطفال ظلوا وقوفا في مكان ضيق نحو ساعتين كاملتين من الساعة الثالثة فجرا حتى الخامسة والنصف.. وكان الركاب قبل ذلك قد عانوا اشد المعاناة في تمرير حقائبهم عبر الأجهزة التي تتم بطريقة لا تجعلك ان تطمئن ابدا الى دقة فحص الحقائب، ثم واجهوا معاناة أخرى امام «الكاونتر» للحصول على تذكرة صعود الطائرة.. وسط حالة من الهرج والمرج والشد والجذب بين الركاب والموظفين من ناحية وبين مندوبي الشركات والموظفين من ناحية أخرى..المهم صعدنا الطائرة بعد أكثر من ثلاث ساعات من المعاناة، وخاصة ان ذلك كله في الفجر يعنى ان جميع الركاب لم يناموا الليل مما زاد من معاناتهم.. المهم وصلنا اسوان!!

وكانت اول زيارة في الرحلة الي السد العالي.. وفوجئت بمدى تدهور بوابات الدخول والتكسير والأحجار الملقاة في الطريق المؤدى للسد العالي أعظم مشروع مصري في القرن العشرين، وكذلك حالة الفقر الشديد لواجهة البوابات وتهدمها والطريقة البدائية للحصول على تذاكر الدخول، وتراكم الاتوبيسات خلف بعضها.. ثم لاشىء غير المرور على جسم السد المصاحب بشرح متواضع من المرشد عن السد، ولا توجد لوحة تذكارية عن السد، ولا حتى متحف يضم وثائق السد
أو صور تعبر عن مراحل تطور السد وتشييده، ولا أفلام تسجيلة وثائقية عن هذا الحدث المهم.. حتى النصب التذكارى للعلاقات المصرية الروسية الذى أقيم على شكل زهرة اللوتس ممنوع الاقتراب منه!!

أما في معبد فيلة، فقد كان الوصول إليه عبر المعديات من المآسي الأخرى، وهى وسيلة غير ادمية وغير حضارية وسوف تحدث كارثة في يوم ما بسبب هذه المعديات، لانها بدائية، وعددها كبير ومكدسة علي المرسى بدون نظام، هذا بالإضافة الي ان الصعود اليها او الهبوط منها غير امن، وعرفت من المراكبية أن الكثير من السياح او المواطنين سقطوا في المياه سواء أثناء الصعود أو الهبوط.. أما مسألة استقبال أصحاب البازارات سواء قبل الرحلة او بعدها.. فإنها أقرب الى التسول من السياح، حيث تتم المطاردة بطريقة مهينة، وذلك ما يتم في كل المعابد سواء في أسوان أو الأقصر!!

أما في ادفو التي تضم أعظم المعابد الفرعونية المبهرة فإن الوصول اليه من خلال الحناطير المتهالكة ووسط شوارع مدينة ادفو المتهالكة، هذا بخلاف الزحام الشديد على باب الدخول الى المعبد نظرا لعدم وجود ممرات وفواصل تنظم عملية الدخول بدلا من تكدس السياح بطريقة مهينة.. وهى نفس الطريقة للدخول الى معبد الكرنك وتحديدا عند حضور حفلة الصوت والضوء.. وهى تجربة مريرة، فهي أقرب الي الدخول الى سينما شعبية.. ولا أعفي السياح المصريين من طريقة تعاملهم في الوصول إلى المقاعد حول البحيرة المقدسة.. كما لو أنهم يدخلون سينما سهير في شبرا!!

وعموما.. فإن كل ما ينقذ سمعة هذه الدولة هي حالة الانبهار والدهشة والاعجاب التي تنتاب كل سائح أمام الاثار الفرعونية، وقدرة المصريين القدماء على انتاج هذه الحضارة للبشرية، التي هي مزيج من العلم والفن والدين بطريقة أقرب الى المعجزة بالنظر الي الإمكانيات التي كانت متاحة منذ خمسة آلاف سنة.. وأن ذلك فقط ما يحفز أي زائر على العودة لرؤية عظمة هذا الشعب.. الذي أعتقد اننا لا نمت له بصلة من قريب أو بعيد بالنظر الى ابداعنا الضئيل الآن للبشرية رغم كل الإمكانيات التكنولوجية المتاحة!

[email protected]