رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

الحقيقة الغائبة بين تقارير المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وبين اللجنة التي بحثت في تقارير الجهاز حول الفساد.. هي مثل محاولات إمساك المياه باليد.. لأن الفساد أصبح مثل المياه نراه ونبلعه كل يوم ولا نستطيع ان نمسكه!!

والكلام عن التخسيس ونقص الوزن ممكن ان يكون مفيدا في التخلص من الكرش أكثر من الكلام عن العدالة للتخلص من الفساد في مصر..!!

وكذلك الكلام عن المواطن العجيب الذى لا يستطيع العيش بجنيهين في اليوم، أو هذا الكائن الذى يشبهه ويريد ان يكون قاضيا مع أن لا والده ولا والدته قاضيين.. فالكلام فيهما يمكن أن يكون أكثر فائدة من الكلام عن التجديد الديني!

 وعندما أعلن الضابط أنور السادات بيان الحركة المباركة التي قام بها الجيش في 23 يوليو،  فقد كانت كلمات.. الفساد.. والفاسد.. والرشوة..  والمرتشون.. من اكثر الكلمات المستخدمة في البيان القصير لتبرير أسباب قيام الضباط الشباب بخلع الملك فاروق وقلب الحياة السياسية في مصر كلها على بعضها.. ورغم ذلك مات عبد الناصر، وأغتيل السادات، وخُلع مبارك، ومازال الفساد (معذرة قد نسيت) وعُزل مندوب الإخوان في الرئاسة مرسى العياط، ولم يستطع أحد قتل الفساد ولا خلعه ولا عزله.

وإذا أراد القاضي في مصر، أي قاض، أن يحكم بالعدل فلا يجب أن يستخدم القانون ولكن يستخدم الدين أو الإنسانية أو الرحمة أو الأخلاق.. أو أي شيء إلا القانون وخصوصا في القضايا السياسية، لأن القانون الذي حكم علي مبارك المخلوع بعد 30 سنة فساد، وعلى وزير داخليته بالبراءة من قتل المتظاهرين، هو نفس القانون الذي سجن شباب ثورة 25 يناير الذين خلعوا مبارك، أو على الأقل شاركوا في خلع النظام كله، وهو أيضا نفس القانون الذى حبس الباحث إسلام بحيري.. وهو نفس القانون الذى حكم بتطليق، تصوروا، بتطليق المفكر نصر أبوزيد من زوجته، لأنه في حكم هذا القانون مرتد.. وأجبروه علي الهجرة من وطنه حتى مات كمدا بعيدا عنه.. وهو قانون لا علاقة له بأي دين، ولا بأي إنسانية.. ولا حتى بالسياسة!!.. وبالمناسبة هو نفس القانون الغشيم الذى حكم بالتعذيب والتنكيل علي الأئمة الأربعة.. فالإمام أحمد بن حنبل في زمن المأمون والمعتصم رفض القول بأن القرآن الكريم مخلوق (يعنى مسألة فكرية اكثر منها دينية).. فضرباه وهو رجل مسن، وأدخلاه السجن الكبير ببغداد بمذلة ومهانة، وهو نفس القانون الذي سجن أبوحنيفة والإمام الشافعي والإمام مالك بن أنس.. وعشرات غيرهم.. والغريب انه نفس القانون الذى أصدرته المحكمة الدينية التي شكلتها الكنيسة واتهمت المناضلة الفرنسية جان دارك التي كانت تدافع عن حرية بلادها وحرية ومكانة المرأة بأنها مهرطقة وساحرة.. وأحرقوها في ميدان عام!!

وعموما.. الفساد ليس سرقة أموال فقط، ولا أيضا سوء إدارة، وكذلك القانون ليس دائما للعقاب. فقد يكون هناك كلام فاسد وسياسة فاسدة، وفكر فاسد، فقد كان المخلوع مبارك لا يتوقف عن الكلام حول حرص الدولة على حماية محدودي الدخل وعن الديمقراطية والحرية.. فهل هذا يعنى انه غير فاسدا؟!.. وكان رئيس ديوانه زكريا عزمي، أجرأ مسئول حكومي، وأشجع نائب في البرلمان، يكافح الفساد، وتشهد علينا مقولته الشهيرة تحت قبة البرلمان: «الفساد وصل للركب يا ريس»... فهل معنى ذلك انه غير فاسد؟!

ولهذا فإن الفساد في مصر موصول ببعضه.. الفساد السياسي مع القانوني مع الاقتصادي مع الفكرى.. حتى نصل الى الفساد الإعلامي في آخر الحبل!!

[email protected]