رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إننا قادمون لا محالة إلى حرب كونية؛ ليس بسبب قوة أمريكا المُتراجعة في العالم أو رغبتها غيرالحقيقية في تسوية الأوضاع المأساويّة في الشرق الأوسط، ولا لدخول «روسيا» الساحة السوريّة بشكلٍ خاص، بالإضافة إلى «اليمن» أو «ليبيا»؛ ولكن لسببين رئيسين.. الأول والأهم هم العرب وتخاذلهم وتناحرهم؛ والثانى هو محاولة صعود قوى جديدة مثل دول «البريكس» وغيرها من الدول التي تتحدّى أحادية الجانب الأمريكية، وأحادية إدارة العالم من قِبَل القوى الأمريكية ودوائِر الحلف الأطلنطى. وهنا فى الشرق الاوسط ستتمركز كل هذه الحروب الكونية. وصرنا فعلياً في حربٍ كونيّة لكن مُصغّرة، فهل يعقل أنّ «باراك أوباما» يحقّق السلام مع «إيران»، و مع «كوبا»، ويفشل في «فلسطين»، وفى الحرب السورية.

والحقيقة هى أن التركيبة الأمريكية أو المجمع العسكري الصناعي الأمريكي لا يزال طاغياً على السياسات الأمريكية، وهذا يفسر ما يحدث فى الشرق الأوسط؛ وخاصة فى سوريا ، نظراً لأهميّة هذا الميدان العسكري السوري كميدان مُصغّر لتناحُر الدول الصاعدة مثل: «روسيا» و«الصين» والدول الأُخرى والولايات المتّحدة، وطبعاً يجب ألاّ ننسى الدول الأوروبيّة، مثل «فرنسا»؛ والتواجد التركي الذى أصبح عاملاً جوهرياً ومحورياً في الوضع السوري. فالرئيس التركي يُراهِن بكلّ الإنجازات التي سبقت من أجل الحصول على ما يصبو إليه من أطماع؛ حتى لو كان الثمن استمرار الصراع الدولي على الأرض السوريّة لمدة طويلة؛ مع كلّ موجات الإرهاب التي صارت تُهدّد الجميع. وللاسف أن الكثير من المحلّلين العرب يركّزون بشكلٍ مُفرِط على ما تقوله القوى الخارجيّة؛ ولا أحد يُركزّ علينا نحن العرب، لأننا صرنا في مرحلة التدمير الذاتي. بداية من صعوبة التوصُّل إلى تسوية دائِمة في «اليمن» لأنّ ذلك يتطلّب تدخلاً دبلوماسياً خارجياً والتزاماً حقيقياً من الأحزاب المحليّة.

وفي «ليبيا» هناك المزيد من حالة التوتّر الإقليمي، فالحدود لا تزال مفتوحة وسهلة العبور، والجهاديون لا يواجهون خصماً متمكّناً قادراً على وقفهم، وقد يتسببون بنقل العُنف وهِجرة الليبيين إلى أوروبا؛ وللأسف العالم الغربي حاول إنتاج حكومة موالية له ليتمّ العبث بثروات الشعب الليبي وما تبقّى من إنجازات الشعب الليبي وعقود الغاز وعقود النفط واللعب بالأموال الباقيّة المُجمّدة الموجودة في «جنوب أفريقيا» والموجودة في «بريطانيا».

وإذا لم تدخُل «ليبيا» في مُصالحة وطنيّة متكاملة، وتكون جميع الأطراف الليبيّة موجودة؛ فلن يستطيع الشعب الليبي مكافحة الإرهاب ؛ولن تستطيع «ليبيا» انتشال نفسها من المأزق والمُستنقع الذي وقعت فيه. وأما «العراق» فسيبقى موحداً بالاسم فقط؛ والسبب في ذلك يعود إلى سيطرة تنظيم «داعش» على الجزء الغربي من البلاد وتمتُّع الأكراد بالحُكم الذاتي في شمال العراق.

 وهناك كلامٌ عن تقسيم فعلي، وخاصة مع هذا اللعب الأمريكي على الموضوع السنّي الشيعي المقصود!.. وهناك مقال لـ«سيمور هيرش»، عام 2007 في الـ«نيو يوركر» يتحدث فيه عن كيفية تخطيط الدوائر الحكومية الأمريكية لحرب أهليّة شاملة في كلّ المنطقة العربيّة بين السنّة والشيعة. وللأسف على الأمد الأبعد أعتقد أن كيانات «سايكس بيكو» ستكون صعبة التفكيك. مع استمرار مسارات الأزمة السوريّة من دون تغيير كبير، سواء كان مساراً سياسياً أم عسكرياً.

وأتصوّر أنّه في المرحلة المقبلة سوف تساير أو تتوازى محاولات التسوية في مؤتمرات في «جنيف» وفي «نيويورك» وفي «موسكو» وفي غيرها وفي «فيينا» وأيضاً أن تستمرّ محاولات العمل الميداني من أجل كسر التوازنات الموجودة وأن يتمكّن كلّ طرف من أن يُمسِك بالمجال السوري وأن يُسيطر وأن يُغيِّر قواعد اللعبة بحسب أولويّاته وحسب تفضيلاته وأهدافه الكُبرى في «سوريا» أو في المنطقة أو حتّى على المستوى العالمي بالنسبة للاعبين الكبار كالولايات المتّحدة الأمريكية و«روسيا».

وعلينا جميعا معرفة أن الحرب الكونية مستمرة هنا لأن الأمريكي لن يتخلّى عن نفط الشرق الأوسط وسيضمن مصالحه، مع حماية «إسرائيل»؛ لذلك يقترب من «إيران» ليقوم باحتواء مزدوِج مع مُعظم الدول مثل «إيران» و«السعوديّة» وغيرهما، لتكون المرحلة الاستراتيجيّة المقبلة هي في اتّجاه آسيا والمحيط الهادئ لأن المعركة الأساسيّة، بالنسبة للعقل الأحادي الجانب الأمريكي الذي يريد أن يستمرّ في إدارة العالم لوحده وبانفراد، هي معركة مع «الصين» ومع «روسيا» ومع كلّ تلك الدول الكُبرى، لكن هذا لا يعني أنّ الشرق الأوسط فقد أهميّته الإستراتيجيّة والجغرافيّة. الشرق الأوسط ما زال مفترَق طُرُق ومن يُسيطر على الشرق الأوسط ؛يسيطر على العالم في النهاية ، هذه أهمّ قاعدة انطلاق تجاه شرق آسيا» واتجاه «الصين». لذلك انتشرت القوات الأمريكية بعد 11 سبتمبر 2011 على شكل حرف «S»، فتجدها من جانب حول «روسيا» والدول الإسلاميّة التي كانت سابقاً في قلب الاتّحاد السوفياتي وحول «الصين»، وأكبر القواعِد العسكريّة حالياً في الخليج العربي؛ أنها حروب غير ظاهرة كثيراً للحقيقة إلاً للاختصاصيين في شئون النفط وهي: حروب أنابيب الغاز وسوريا دفعت الجزء الأكبر لهذا الثمن لهذا السبب .

وللأسف أن تلك الحرب الكونية احتاجت الى جميع الحركات الارهابية وعلى رأسها «داعش»؛ فهى أُنشِئت لكي يكون هناك حدّ أدنى لمصداقيّة هذا السيناريو الأمريكى. وفعاليّة هذا السيناريو فأمريكا بحاجة لغطاء لكي تقوم بكلّ هذه الحروب في العالم، لكي تقوم بغزوات على دول ذات سيادة مثلما فعلت مع «أفغانستان» ومع «العراق». والبقية تأتى!