رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

في مثل هذا اليوم 2 يناير عام 1492م. ومنذ 524 عامًا سقطت الأندلس (إسبانيا والبرتغال حاليًّا)، حينما استسلم آخر ملوك غرناطة عبد الله الصغير، وانتهي الحكم الإسلامي الذي دام 800 عامًا !

واليوم، تحتفل أسبانيا، مثل كل عام، تحت إسم « يوم استرداد غرناطة « بمناسبة نهاية الحكم العربي الإسلامي لأراضيها.. وسط احتجاجات واعتراضات جمعيات ومؤسسات ثقافية وحقوقية أندلسية بالاحتفال بهذه اليوم الذي بدأت فيه أكبر عملية إبادة لشعب الاندلس، من المسلمين واليهود، والذين أطلق عليهم (الموريسكيون) أو الموريسكوس ومعناها (المسلمون الصغار) باللغة القشتالية نسبة الي مملكة قشتالة في شمال اسبانيا. ويقصد بهم المسلمون الذين بقوا في إسبانيا تحت الحكم المسيحي بعد سقوط المملكة الإسلامية وخُيروا بين اعتناق المسيحية أو ترك إسبانيا، وليس هناك إحصاء دقيق لعددهم حيث أن الأرقام تتراوح ما بين 350 ألف الى مليون مورسكي!

وفى مثل هذا اليوم وقف الملك عبد الله الصغير باكيا على تل، بجواره أمه، وهو يلقي نظرة أخيرة على مملكته التي سلمها للإسبان، وقال لأمه: «ضاع ملكي يا أماه»، فتشيح الأم نظرها عنه وتقول له: «ابك كالأطفال على ملك لم تحافظ عليه كالرجال». وإلى هذه اللحظة ما زال هذا التل -الذي وقف عليه أبو عبد الله محمد الصغير-موجودًا في إسبانيا، وما زال الناس يذهبون إليه، يتأمَّلون موضع هذا المَلِك الذي أضاع مُلكًا أسسه الأجداد، ويُعرف (هذا التل) بـ«زفرة العربي الأخيرة».

وأبو عبد الله محمد الثاني عشر (1460م -1527م) الذى أطَلق عليه الأسبان لقب الصغير، فقد كان ملكا علي غرناطة وعمره 25 عاما، هو آخر ملوك الأندلس المسلمين الملقب بالغالب بالله، بينما سماه أهل غرناطة الزغابي (أي المشؤوم أو التعيس).

كانت الأندلس تحت حكم الإمبراطورية الرومانية، ثم احتلتها قبائل إسكندنافية تُدعى الفاندال، فسميت الأرض فندالوسيا، ثم أندلوسيا، ثم الأندلس عند المسلمين، الذين فضلوا فتحها بدلا من مواصلة الفتوحات الإسلامية جنوبًا في الصحراء الأفريقية الكبرى بدعوى انها ذات كثافة سكانية قليلة ومناخها حار وقاسى، ففضلوا الزحف شمالاً إلى الأندلس حيث مملكة القوط والمدن المكتظة بالسكان، باعتبار أن ذلك أفضل لنشر الإسلام لعدد أكبر من الناس!

ففي عام 710م، جهز الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك جيشا، وأمر والي شمال إفريقيا موسى بن نصير بفتح الاندلس بقيادة طارق بن زياد، وهو من قبائل البربر، والذي عبر طارق المضيق -الذي سمي باسمه لاحقًا-على رأس سبعة آلاف رجل، واستمر في التوغل إلى عمق الأندلس حتى فتح إشبيلية وطليطلة، وانضم له بعد ذلك موسى بن نصير على رأس جيش آخر حتى فتحوا معًا كل ما يُعرف الآن بإسبانيا والبرتغال في عام 713م.

ومنذ ذلك التاريخ شهدت الاندلس نهضة عظيمة وحضارة عريقة وكذلك دسائس وخيانات وفسادا في أروقة الحكم.. انتهى بتقسيمها إلى سبع ممالك صغيرة، ثم قُسمت بعد ذلك إلى اثنتين وعشرين مملكة أو دويلة تحكم أسرة كل واحدة منها، وهي مرحلة ملوك الطوائف، الذين تصارعوا فيما بينهم، بل وكانوا يستعينون بأمراء الممالك الأوربية المحيطة على قتال بعضهم البعض. فاستعان أحدهم بالقشتاليين على أخيه فسقطت سرقسطة، ثم طليطلة ومدن أندلسية كثيرة. وكان امراء أوروبا يحصلون على أجزاء من الأراضي الاندلسية مقابل مساعدة ملوكها في قتالهم الداخلي، حتى لم يبق منها إلا مملكتان؛ مملكة غرناطة وكان يحكمها بنو الأحمر، ومملكة إشبيلية. ثم وقع ابن الأحمر معاهدة مع القشتاليين أدت إلى اشتراكه معهم في حصار إشبيلية، والقضاء عليها. ولم يبق من الأندلس كلها إلا مملكة غرناطة الصغيرة في الجنوب، التي ظل ملوكها من بني الأحمر يدفعون الجزية لمملكة قشتالة مقابل الحماية.. ولكن حاكمها أبو الحسن علي بن سعد، والد عبد الله الصغير، رفض دفع الجزية لفرناندو الثاني ملك أراجون كما كان يفعل ملوك غرناطة السابقين، ولكن ابنه عبد الله خلعه من الحكم وطرده من البلاد عام 1482م. وتولى حكم المملكة،ومع اتحاد مملكتي قشتالة وأراجون في شمال اسبانيا او بزواج ملك الأولى فرناندو بوريثة عرش الثانية إيزابيلا - زاد الضغط على مملكة غرناطة, فأعد الزوجان جيشًا جرارًا وحاصرا غرناطة، التي لم يستطع ملكها الضعيف الصمود في وجه هؤلاء, فوقع اتفاقية على تسليم مفاتيح غرناطة..وبعد وقفة البكاء الشهيرة على تلة «زفرة العربي الأخيرة» توجه إلى المغرب حيثُ حوكم هناك بتهمة الخيانة العظمى، وسُجن حتى مات. ويُقال: إن أولاده شُوهدوا يتسولون في شوارع مراكش!!

[email protected]