رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

اليوم.. الإعلام يحكم العالم، ومن يمتلك إعلاما يمتلك دولاً، ويسيطر على الشعوب، ويحتلها عن بُعد إن دعت الضرورة.. والسياسة الآن تتبع الإعلام.. بل أن الإعلام هو الذى يتحكم في الحكام.. رؤساء كانوا أو ملوكاً أو أمراء!!

الرئيس عبدالناصر كان يعرف قدرة الإعلام، فصنع إعلاماً علي مقاسه، قيل إنه إعلام الدولة، لكن في الحقيقة كان إعلام عبدالناصر.. يترجم أفكاره ويعبر عن رؤاه وسياساته.. إعلام يسمع فقط، ولا يتكلم ولا يرى سوى ما يقوله ويراه الرئيس.. إعلام أخرس لا يقوى أن يرفع صوته بحجة لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ولذلك عندما رحل الرجل، رحل معه إعلامه وكل رموزه وكتابه سواء من البلد أو داخل البلد وتخلوا عن أفكاره وانقلبوا عليها وعليه!

والرئيس السادات لم يكن يهمه إعلام الدولة ولا الصحافة أو الصحفيون.. فقد كان متصوراً أنه جهاز إعلامي بمفرده.. هو ماسبيرو والإذاعة والصحافة.. ربما لأنه امتهن الصحافة لفترة في مؤسسة الهلال قبل الثورة، وبعد الثورة اختاره عبدالناصر (حسب رواية السادات) لإصدار صحيفة تعبر عن الثورة، وذلك عندما ذهب لزيارته يوم 4 يوليو 1953م، في المستشفى بعد أن أجريت لعبدالناصر عملية استئصال الزائدة، وكلفه بالإشراف على إصدار أول صحيفة يومية تصدرها ثورة يوليو لتدعو لها وتتبنى أفكارها وتدافع عن سياساتها. وفعلاً أصدر السادات خلال أربعة شهور جريدة «الجمهورية» يوم 7 ديسمبر 1953 وتولى منصب المدير العام للجريدة من سنة 1953م حتى 1956م، كما تولى منصب رئيس مجلس الإدارة من سبتمبر 1956م حتى إبريل 1959م. وكتب خلال هذه الفترة ألف مقال.. كانت كلها عبارة عن ترجمة لأفكار وآراء عبدالناصر.. ولما أصبح هو الرئيس فجأة.. كان على قناعة أن الصحافة والإعلام من غيره لا يساويان شيئاً.. ولهذا كان يحلو له أن يكون المذيع والضيف بحيث لا صوت يعلو فوق صوته بأحاديثه الشهيرة في التليفزيون، الذى كاد بسببها أن يكون مثل الذى كان يقول عنه «الولد المجنون»، ويقصد القذافي، عندما كان يجلس أمام كاميرات تليفزيون ليبيا بالساعات!!

ولذلك لم يكن السادات يحتاج إلي إعلاميين مصريين تابعين، أو إلي احتكار صحفي مصري لنفسه.. بل إنه كان معادياً وكارها لأفضل الصحفيين المهنيين مثل الاستاذين أحمد بهاء الدين ومحمد حسنين هيكل.. لأنه كان مشغولاً بالإعلام الغربي والأمريكي والإسرائيلي.. ذلك الإعلام الذى كاد أن يصيبه بلوثة العظمة، مثل القذافي أيضاً، حيث كان من الذكاء أن يسيطر عليه بأن يصنع منه نجماً عندما اختاره واحداً من أكثر الرؤساء شياكة وأناقة، حتى إنه يوم اغتياله بالعرض العسكري في 6 أكتوبر كان يرتدى بدلة عسكرية هي أقرب إلي الرايخ الألماني.. ولا علاقة لها لا من قريب أو بعيد بملابس الجيش المصري!!

بينما المخلوع مبارك.. كان لا يقدر أي شيء علي الإطلاق.. لا إعلام داخلي ولا خارجي، وغير مهتم بما يقولونه عنه أو عن أسرته، ولما كان يذهب إليه الوزراء أو أعضاء مجلس الشعب من الحزب الوطني يشكو له من الصحافة والصحفيين كان يقول لهم اذهبوا إلي القضاء.. إذا كان لكم حق ستأخذونه منهم بالقانون.. وهي ميزة، بصراحة، لم تكن موجودة لا عند عبدالناصر ولا عند السادات، ولا أعرف من أين جاء بها، فهو لم يكن يقدر الصحافة أو الصحفيين حتى إنه عندما أفضل صحفياً يعبر عن أفكاره وسياساته.. اختار أسوأ صحفي!!

والرئيس السيسي.. على قناعة بأهمية الإعلام والصحافة في هذه المرحلة، ويرى أن إعلام عبدالناصر هو الأفضل حالياً، رغم أن وسائل إعلام مرحلة الستينات مثل التليفزيون والإذاعة وتحديداً صوت العرب، تعانى الآن من الترهل والشيخوخة، بينما الإعلام الخاص له أجندته التي ينفذها، ولن أقول مثلاً إنه غير وطني، ولكنه يكسب من الهواء أي من البرامج الذي يذيعها ولا بد من التسويق والتشويق والاثارة لجلب الإعلانات.. فتحول إلى «الشرشحة» والفضائح والسباب العلني ويجب أن يكتب علي شاشاته للكبار فقط!!.. بينما الإعلام الإقليمي والغربي فقد انكشف وجههما الرديء في تفرقة وتخريب وتدمير الدول.. وأعتقد أن كل المصريين الآن عندما يريدون معرفة الخبر الحقيقي يأخذونه من التليفزيون المصري.. والمشكلة أن المسئولين في التليفزيون لا يدركون ذلك، وبالتالي من المفترض أن يتم تطوير ماسبيرو، إذاعة وتليفزيون، إذا أردنا إعلاماً حقيقياً وليس فرعاً من التوجيه المعنوي، خاصة أن هذا المبنى الضخم يمتلك كفاءات مهولة، وإمكانيات غير محدودة.. والموضوع لا يحتاج أكثر من مراعاة أدنى معايير المهنية في تطوير وتحديث البرامج وموضوعاتها، وطريقة أخرى غير الوساطة وأبناء الموظفين في اختيار المذيعين والمذيعات لمخاطبة الناس عبر الميكرفون، أو للظهور على الشاشة.. وبهذا الشكل المتواضع.. فقد كان الجيلان الأول والثاني من المذيعين والمذيعات في منتهى الشياكة والذوق واللباقة والجمال.. عيب!!

[email protected] com